المخاطرة طمعًا بالعوائد
العقود الآجلة بريف دير الزور.. فوائد “ربوية” تصل إلى 35%
دير الزور- حسام العمر
رغم محاولاته العديدة، لم يستطع سيف الدين خضير (40 عامًا)، من سكان قرية الجرذي بريف دير الزور الشرقي، إقناع إخوته بعدم بيع سياراتهم بعقود آجلة لأحد المستثمرين في المنطقة.
وقال سيف لعنب بلدي، إن إخوته باعوا سياراتهم بمبلغ 15 ألف دولار أمريكي للسيارة الواحدة، بينما سعرها الحقيقي أقل من 12 ألف دولار، لكن البيع كان وفقًا لعقود آجلة لمدة تتجاوز الستة أشهر، على حد قوله.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، تنتشر في ريف دير الزور الشرقي، حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، ظاهرة عقود البيع الآجلة التي تزيد نسبة الأرباح فيها على 25% من الثمن الأصلي للعقار أو الشيء المراد بيعه أو شراؤه.
وآلية عمل عقود البيع الآجلة، أو ما يُعرف محليًا بـ”الدَّين المؤجل”، تقوم على أساس بيع الشيء المراد بيعه بثمن أعلى من سعره الحقيقي، بشرط تأجيل سداد الثمن، إلى جانب قيام أشخاص بإيداع أموالهم لدى مستثمرين للاتجار بها، بشرط حصولهم على أرباح شهرية تتراوح قيمتها بين 25 و35%.
وبحسب عدد من سكان ريف دير الزور الشرقي ممن قابلتهم عنب بلدي، فإن “البيع المؤجل” هي ظاهرة كانت تنتشر منذ زمن بعيد في المنطقة، لكنها توقفت توقفًا شبه كامل بعد اندلاع الثورة السورية، وذلك بسبب غياب الأمان والقانون الذي يكفل للبائع تحصيل ثمن بضاعته، لتعاود الظهور منذ حوالي أربعة أشهر مضت.
وتحمل معظم الشركات التي تعمل بعقود “البيع المؤجل” صفة “القابضة”، وغالبًا ما تسمى باسم عشائري، يُعرف صاحبها من أي عشيرة في منطقة توصف أساسًا بأنها “ذات صبغة عشائرية”.
استثمار ترافقه المخاوف
عبد الله الهاشم (37 عامًا)، من سكان ريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن سكان المنطقة وجدوا في التعامل مع تلك الشركات “مردودًا ماديًا جيدًا”، رغم علمهم “حرمانيتها”، معتبرًا أنها “شكل من أشكال الفائدة الربوية المحرّمة في الدين الإسلامي”.
وأكد عبد الله وجود مخاوف جدّية لدى السكان من إمكانية فرار المستثمرين، لا سيما بعد انتشار شائعات لفرار بعضهم، ليعاودوا الظهور على الصفحات المحلية لطمأنة زبائنهم والأشخاص الذين يودعون أموالهم لديهم للاتجار بها.
ومنتصف تموز الحالي، نشر موقع “عين الفرات” على صفحته الرسمية في “فيس بوك”، تسجيلًا مصوّرًا يظهر شبانًا من ريف دير الزور الشرقي يستولون على مستودعات تتبع لـ“الهمشري”، بعد أنباء تفيد بهروبه من المنطقة، وهو أحد المستثمرين الذين يعملون بـ”الدَّين المؤجل”.
“الإدارة الذاتية” تتنصل من الشركات
حاولت عنب بلدي التواصل مع عدد من المستثمرين الذين يعملون بـ”الدَّين المؤجل” في المنطقة، لكنها لم تلقَ أي تعاون منهم حتى ساعة نشر هذا التقرير.
أحد العاملين في شركة “الكذني” القابضة، وهي إحدى الشركات التي تعمل بـ”الدَّين المؤجل”، (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب خاصة)، قال لعنب بلدي، إن هذه الشركات المنتشرة في المنطقة، هي شركات مرخصة رسميًا لدى “الإدارة الذاتية” وتعمل وفقًا لقوانينها.
بينما قال مصدر أمني من “قوى الأمن الداخلي” (أسايش) في دير الزور، إن “الإدارة الذاتية” والأجهزة الأمنية التابع لها، أزالت شاخصات الدلالة على بعض مكاتب الشركات القابضة التي تعمل بـ”الدَّين المؤجل”.
واعتبر المصدر الأمني أن سياسة عمل الشركات القابضة تهدد السلم الأهلي المتردي أصلًا، والذي يشهد باستمرار اقتتالات عشائرية، وأن “الإدارة” لا تتحمل أي مسؤولية تجاه الأشخاص الذين يبيعون أو يشترون عن طريق تلك الشركات.
ومطلع تموز الحالي، تحدث موقع “نهر ميديا” المحلي، عن توترات حصلت في منطقة الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، بعد رفض أحد المستثمرين تأدية الفوائد المستحقة عليه للأشخاص الذين أودعوا نقودهم لديه.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :