أنهت الاتفاقيات المنفصلة التي وقعت عليها روسيا وأوكرانيا، لضمان تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ البحر الأسود، بوساطة تركيا ورعاية الأمم المتحدة في مدينة اسطنبول، أمس الجمعة 22 من تموز، المخاوف من الأزمة التي هددت الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم.
تُمكّن خطة الأمم المتحدة، أوكرانيا، من تصدير 22 مليون طن من الحبوب والسلع الزراعية الأخرى التي توقفت في موانئ البحر الأسود بسبب الغزو الروسي.
قال المدير العام لمنظمة الصليب الأحمر، روبرت مارديني، إن “الصفقة التي تسمح للحبوب بمغادرة موانئ البحر الأسود لا تقل عن إنقاذ حياة الناس في جميع أنحاء العالم الذين يكافحون لإطعام عائلاتهم”.
وأشار مارديني، إلى أنه خلال الأشهر الستة الماضية، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 187% في السودان، و86% في سوريا، و60% في اليمن، بالإضافة إلى العديد من دول العالم.
تفتح الخطة، المعروفة بـ”مبادرة البحر الأسود”، الطريق أمام صادرات غذائية تجارية كبيرة من ثلاث موانئ أوكرانية رئيسية في مقاطعة أوديسا جنوبي أوكرانيا، وهي: ميناء أوديسا، تشيرنومورسك، ويوزني، المطلة على البحر الأسود، بحسب ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيرش.
بعد يوم من توقيع الاتفاقية، قال الجيش الأوكراني، إن الصواريخ الروسية أصابت البنية التحتية في ميناء أوديسا، أكبر ميناء أوكراني، اليوم السبت، 23 من تموز، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء “رويترز“.
ودعت وزارة الخارجية الأوكرانية، في بيان، الأمم المتحدة وتركيا إلى ضمان وفاء روسيا بالتزاماتها بموجب اتفاق الممر الآمن لصادرات الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، إن الهجوم أثار تساؤلات حول الاتفاقات والوعود التي قطعتها روسيا في اسطنبول للأمم المتحدة وتركيا التي توسطت في الاتفاق.
من جهتها، قالت السفيرة الأمريكية في كييف، بريدجيت برينك، عبر حسابها في “تويتر”، قصفت روسيا مدينة أوديسا الساحلية بعد أقل من 24 ساعة من توقيع اتفاق للسماح بشحن الصادرات الزراعية، يواصل الكرملين استخدام الغذاء كسلاح، يجب محاسبة روسيا.
Outrageous. Russia strikes the port city of Odesa less than 24 hours after signing an agreement to allow shipments of agricultural exports. The Kremlin continues to weaponize food. Russia must be held to account.
— Ambassador Bridget A. Brink (@USAmbKyiv) July 23, 2022
أهداف الاتفاقية
تهدف الاتفاقية إلى الوصول لمستوى التصدير قبل الحرب والبالغ خمسة ملايين طن من السلع الغذائية شهريًا، وتفريغ الصوامع في أوكرانيا في الوقت المناسب لحصاد هذا العام، قبل أن يحين موسم الحصاد المقبل.
بالإضافة إلى تجنب المجاعة، عن طريق ضخ المزيد من القمح وزيت عباد الشمس وغيرها من المنتجات الأساسية بأسعار منخفضة.
كما وقعت الأمم المتحدة وروسيا مذكرة تفاهم تلزم بتسهيل وصول الأسمدة الروسية وغيرها من المنتجات إلى الأسواق العالمية دون عوائق.
لكن رئيس قسم تحليلات الحبوب والبذور الزيتية في “S&P Global Platts”، بيتر ماير، قال إن الصفقة “لا تعني أن أزمة الإمدادات العالمية قد انتهت”، مشيرًا إلى وجود قدر كبير من عدم اليقين بشأن الإنتاج الأوكراني هذا العام والعالم المقبل.
إطار زمني لـ”ممر آمن”
مدة الصفقة 120 يومًا، وتتوقع الأمم المتحدة تجديدها ما لم تنته الحرب بحلول ذلك الوقت، وتضمن الخطة مرورًا آمنًا داخل وخارج ميناء أوديسا وميناءين أوكرانيين آخرين.
تتطلب الموانئ الأوكرانية حوالي عشرة أيام للتحضير، ويعتقد جوتيريش أن شحنات الحبوب يمكن أن تبدأ “في غضون الأسبوعين المقبلين”، وفقًا لنائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق.
بعد مراقبة السفن، تعبر السفن البحر الأسود إلى مضيق البوسفور في تركيا وتنطلق إلى الأسواق العالمية، واتفقت جميع الأطراف على أنه لن تكون هناك هجمات على هذه الكيانات.
مركز تنسيق مشترك
ينص الاتفاق على إنشاء مركز تنسيق مشترك بقيادة الأمم المتحدة في إسطنبول، يعمل به مسؤولون من أوكرانيا وروسيا وتركيا لتنفيذ الخطة، بما في ذلك جدولة وصول سفن الشحن ومغادرتها.
واستجابةً للمخاوف الروسية بشأن السفن التي تنقل الأسلحة إلى أوكرانيا، تُفحص جميع السفن العائدة من تركيا من قبل فريق يضم ممثلين من جميع الأطراف في الاتفاقية بإشراف مركز التنسيق.
يراقب المركز في اسطنبول، على طول مضيق البوسفور، جميع تحركات السفن وعمليات التفتيش، ويقرر ما إذا كانت السفينة على سبيل المثال تُخل بالشروط المتفق عليها في البحر الأسود.
وعن آلية عمل المركز، يقوم مفتشون يمثلون جميع الأطراف في مضيق البوسفور في تركيا بتفتيش السفن التي تدخل وتغادر الموانئ الأوكرانية للتأكد من عدم وجود أسلحة أو جنود على متنها، وفق ما نقلته وكالة الأنباء “أسوشيتد برس“.
بموجب الاتفاق، “ستكون جميع الأنشطة في المياه الإقليمية الأوكرانية تحت سلطة ومسؤولية أوكرانيا”، ويتفق الطرفان (الروسي- الأوكراني) على عدم مهاجمة السفن ومنشآت الموانئ المشاركة في المبادرة.
تهدئة.. طمأنة.. تسوية
لتهدئة مخاوف شركات التأمين على السفن، أمضت الأمم المتحدة أكثر من شهرين في التفاوض مع القطاع للتأكد من أن الخطة قابلة للتطبيق تجاريًا ولن تؤدي إلى أحكام عقابية.
شجعت المنظمة البحرية الدولية القطاع الخاص على لعب دور في الصفقة، وأصدرت الحكومات الغربية بيانات، أكدت فيها أن الشركات لن تتعارض مع العقوبات المفروضة على موسكو.
قال فولوديمير سيدنكو، الخبير في مركز أبحاث “رازومكوف” ومقره كييف، إن أوكرانيا على ما يبدو لم تثر قضية الحبوب المسروقة في المفاوضات، وأشار إلى أن ذلك جزء من تسوية في الصفقة، يتمثل بعدم إثارة كييف قضية الحبوب المسروقة.