جمال باروت يبحث أثر “التركة الحرجة” في حكم الأسد الابن

  • 2022/07/24
  • 10:50 ص

بدأ الكاتب السوري محمد جمال باروت إنجاز كتابه “العقد الأخير في تاريخ سوريا” بعد انطلاق الاحتجاجات السلمية في آذار 2011، ضمن معظم المناطق السورية، حيث تطورت أشكال هذه الحركات وشعاراتها الأساسية على نحو متسارع، مع ارتفاع كثافة المشاركة والانخراط فيها.

يضم الكتاب، الصادر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” عام 2011، تسعة فصول مكثفة، تناقش الأربعة الأولى منها مقاربة الجمود والإصلاح السياسي والاقتصادي في سوريا منذ تولي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، السلطة عام 2000، إذ تسلّم الأسد الابن تركة حرجة ومعقدة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، سرعان ما انفجرت طوال الأعوام العشرة الأولى من حكمه.

هذه المشكلات، خصوصًا السياسية منها، مثل محاصرة العراق واحتلاله من قبل القوى الغربية، واندلاع حرب تموز 2006، وشن إسرائيل أكبر عدوان على الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة، تُفهم على أنها “انفجارات وتحديات صلبة ضمن (نظرية الفوضى)، وهي أن تطور منطقة الشرق الأوسط لا يجري وفق قواعد مضبوطة يمكن التنبؤ والتحكم بها، بل يتم بأسلوب المفاجآت والقفزات والزلازل السياسية”، وفق الكتاب.

وقد برزت مؤشرات اختلال هذا الوضع السياسي وتشوهاته على مختلف المستويات، بحسب الكتاب (460 صفحة)، خصوصًا في عامي 1999 و2000.

ففي تلك الفترة، تفاقم الوضع الصحي للرئيس السابق، حافظ الأسد، حتى عاقه عن متابعة أمور السلطة على نحو شبه تام، ودخل النظام في المراحل الأخيرة من هرمه وشيخوخة آلياته، وجموده المؤسسي، فـ”تكلّس دور نخبه البيروقراطية العليا والوسطية، واستشرى الفساد بمستوييه الكبير والصغير في أجهزته، وتضعضعت قواعد عقده الاجتماعي- السياسي، التي تمثل القبول أو الرضا الاجتماعي به”.

تلك التحديات طرحت حينها أسئلة معقدة وشائكة، عن مدى قابليته لتجديد النظام لذاته أو رغبته في ذلك، وطبيعة المقاربات التي تسمح له وللمجتمع السوري معًا بالخروج من أزمته البنيوية الثقيلة.

وعلى المستوى الاقتصادي، تسلّم بشار الأسد وضعًا يتسم بـ”الركود الاقتصادي”، بما يعني العجز عن توفير فرص العمل للأجيال الشابة المنخرطة في سوق العمل، وارتفاع معدلات البطالة، ونمو القطاع غير المنظم.

وبحسب الكتاب، انحدر معدل النمو الاقتصادي المرتفع نسبيًا الذي عرفه الاقتصاد السوري خلال تسعينيات القرن الماضي، الذي شهد بدوره نموًا اقتصاديًا سريعًا بلغ متوسطه بين عامي 1991 و1996 حوالي 7.33%، ثم انخفض هذا المتوسط بين عامي 1997 و2003 إلى حوالي 2.15%، ثم إلى معدل صفري أو سالب عام 2000، جراء إحجام القطاع الخاص عن مواصلة استثماراته، وتأثر مصادر النمو الاقتصادي السوري الريعية، بصورة غير مباشرة، بالأزمة المالية الآسيوية التي حصلت عام 1997، واستمرت حتى العام 2000.

أما الفصول الخمسة الأخرى فقد بحث فيها الكاتب عملية التغير الاجتماعي- السياسي في سوريا، حيث لا تزال هذه العملية مستمرة، وتتعرض لشرح وتحليل أسباب هذا التغير والانتقال الحاد في المجتمع السوري.

وكانت تلك البحوث والتحليلات محصورة ببداية زمنية حُددت أساسًا بالأشهر الواقعة بين شباط وتموز 2011، انطلاقًا من “جمهرة الحريقة” في 19 من شباط لتتابع تطورها، وطريقة تناميها واتساعها وانتشار مجالها، جامعة الفصول الأخيرة من الكتاب بين العوامل والسمات المشتركة في طبيعة انتشار الاحتجاجات، وبين القصة المحلية لكل منطقة سورية خلال الثورة، باعتبار أن الثورة السورية هي “ثورة المجتمعات المحلية”، أي ثورة المدن المتوسطة والصغيرة والأحياء الشعبية والعشوائية، والبلدات المهمشة والمُهانة.

مقالات متعلقة

كتب

المزيد من كتب