د. أكرم خولاني
الحميراء Rubella، أو حصبة الأيام الثلاثة، أو الحصبة الألمانية German measles، هي مرض له أعراض تشبه الأنفلونزا يتبعها طفح جلدي مميز، وقد سميت بالألمانية لأنها وصفت أول مرة من قبل الأطباء الألمان في منتصف القرن الثامن عشر، ومع أن الإصابة بها غالبًا ما تكون خفيفة؛ إلا أنها أيضًا يمكن أن تكون قاتلة، ولذلك فقد أدخل لقاح الحصبة الألمانية منذ عام 1969 ليعطى ضمن برامج التلقيح الروتينية للأطفال، وأخيرًا أعلنت منظمة الصحة العالمية في نيسان 2015 منطقة الأمريكتين (أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية والجزر والمناطق المحيطة بهما) أول منطقة خالية من هذا المرض، ولازال العمل جار للتخلص منه في مناطق أخرى.
ما مرض الحصبة الألمانية
هو عدوى حادة فيروسية، معدية، تتميز بظهور طَّفح جلدي أحمر مائلًا إلى اللون الوردي، تصيب الأطفال والشباب في أغلب الأحيان، نادرة عند الرضع أو من هم فوق سن الـ 40 سنة، معتدلة الأعراض عمومًا، ومن الممكن أن تكون خفيفة لدرجة أنها تصيب الشخص دون أن يشعر بها، لكن البالغين الذين يصابون بها غالبًا ما يشعرون بالمرض أكثر من الأطفال، ويكتسب الشخص مناعة دائمة بعد شفائه من المرض.
ومع أنها لا تسبب مشاكل صحية بعيدة المدى، لكنها تحمل خطر الإصابة بالتهاب الدماغ في حالات نادرة جدًا، كما أن عواقبها وخيمة عندما تصيب الحوامل؛ لأنها تسبب قتل الجنين أو إصابته بتشوهات خلقية تعرف باسم متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية.
كيف تحدث العدوى؟
تكون العدوى في ذروتها خلال فصل الربيع في البلدان ذات المناخ المعتدل، ويمكن أن ينتقل فيروس الحصبة الألمانية بالرذاذ المحمول بالهواء عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس (الإنسان هو المضيف الوحيد المعروف لهذا المرض)، كما يمكن أن ينتقل عن طريق الاحتكاك المباشر مع الشخص المريض، عن طريق لمس السوائل من فمه أو أنفه أو عينيه، أوعن طريق ملامسة أحد الأغراض التي علقت عليها قطرات صغيرة جدًا من هذه السوائل، ثم القيام بلمس العينين أو الأنف أو الفم دون غسل اليدين جيدًا، ومن الممكن أن تنقل المرأة الحامل هذه العدوى إلى جنينها.
ويكون الشخص المصاب بالحصبة الألمانية معديًا قبل ظهور الطفح الجلدي بـ 7-10 أيام، ويبقى قادرًا على نقل العدوى حتى 4-7 أيام بعد اختفاء الطفح الجلدي، ويكون سريان العدوى على أشده في الفترة ما بين يوم واحد و5 أيام عقب ظهور الطفح الجلدي.
ما هي أعراض الإصابة بالحصبة الألمانية؟
تستمر فترة حضانة الفيروس بعد أن يدخل الجسم من 14 إلى 21 يومًا، وعادة تكون 18 يومًا، ثم تبدأ الأعراض في الظهور؛ فيحدث ارتفاع طفيف في درجة الحرارة خلال اليومين الأولين ولا يزيد عن 38.4 درجة مئوية، ألم والتهاب في العيون (التهاب الملتحمة)، أعراض تشبه أعراض نزلة البرد (سيلان الأنف والتهاب الحلق)، تضخم الغدد اللمفاوية الواقعة خلف الأذنين وفي الناحية الخلفية للعنق.
ويظهر الطفح الجلدي في اليوم الأول أو الثاني، وتتراوح نسبته بين 50-80% من الحالات، ويبدأ بالظهور في العادة على وجه المريض وعنقه قبل أن ينتشر إلى الجذع ثم الذراعين والساقين، ويكون على شكل بقع مسطحة حمراء قانية، ويسبب الحكة، ثم يختفي دون أن يترك تلطيخًا أو تقشرًا على الجلد.
لا يستمر ارتفاع الحرارة ولا الطفح الجلدي أكثر من ثلاثة أيام، أما تضخم الغدد فقد يستمر لمدة من 7 – 10 أيام، وتؤدي عدوى المرض لدى البالغين، وهي أكثر شيوعًا بين النساء، إلى الإصابة بالتهاب المفاصل في الأصابع والمعصمين والركبتين، وآلام مبرحة فيها، وتدوم عادة لمدة تتراوح بين 3 و10 أيام وقد تستمر مدة شهر.
وعندما تصاب الحامل بفيروس الحصبة الألمانية خلال الأسابيع الـ 11 الأولى من الحمل فإن احتمال انتقال العدوى إلى جنينها يبلغ 90%، إلا أن هذه النسبة تنخفض كلما كان عمر الحمل أكبر؛ فبعد الأسبوع العشرين يصبح الجنين على الأغلب في مأمن من خطر الإصابة بالحصبة الألمانية.
وقد تكون نتيجة إصابة الحامل بالحصبة الألمانية موت الجنين، أو تشوه الجنين، أو نجاة الجنين، وتعرف مجموعة التشوهات الخلقية التي تصيبه باسم متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية CRS، وتتضمن: إصابات عينية مثل الساد العيني، الصمم، عيوب قلبية خلقية أشيعها بقاء القناة الشريانية سالكة، تأخر نمو، صغر الرأس، تشوهات بالأسنان، سكري، اعتلالات الغدة الدرقية، الإصابة بالتوحد، تأخر عقلي.
وبسبب هذه الخطورة للإصابة بالحصبة الألمانية فإنه لا بد من العمل على تحقيق الوقاية من هذا المرض، وتبدأ الوقاية من التشخيص الصحيح والعلاج الصحيح إضافة إلى اللقاح، وهذا ما سنتعرف عليه في العدد المقبل بإذن الله.