القضية الأكثر شهرة في الموسم المنصرم، لم تكن بطولة نادٍ أو تألق فريق أو قانون جديد يضاف إلى اللعبة، بل شكوك هي الأكبر من نوعها، حامت حول فساد رأس الأفعى، هزت عالم الرياضة وتحولت إلى حقيقة بأدلة وبراهين أثبتت تورط أصحاب الكراسي في عالم المستديرة.
معاناة شهدها FIFA بسبب أخطر فضيحة فساد منذ تأسيسه قبل أكثر من 100 عام، إذ انفجرت قنبلة الفساد الموقوتة في الحكومة الرياضية صاحبة النفوذ الرياضي رقم واحد في العالم، في أيار من العام الفائت.
1.8 مليون يورو دفعة مشبوهة قدّمت من جوزيف بلاتر رئيس الفيفا إلى ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الأمر الذي أثبتته المحكمة أخيرًا، وحظرت على جوزيف بلاتر وميشيل بلاتيني ممارسة أي أنشطة تتعلق بكرة القدم لمدة 8 سنوات.
وأثبتت اللجنة الموكلة بالتحقيق بالفساد أن بلاتر وبلاتيني استغلا منصبيهما شرّ استغلال، من خلال الرشاوى والوساطات التي قدمت لهما، كما غرمت بلاتر بمبلغ 40 ألف دولار وبلاتيني بـ 80 ألفًا.
وجاء في النقاط الأساسية لنتائج التحقيق التي أصدرتها اللجنة منتصف كانون الأول الفائت، أن المبلغ المدفوع لبلاتيني في 2011 ليس له أي أساس قانوني في العقد الموقع عندما بدأ بلاتيني بالعمل لصالح بلاتر في 1999، وأن التبرير الذي قدمه المتهمان حول اتفاق شفهي على المبلغ ليس له أساس من الصحة، إضافة إلى أن بلاتيني لم يتصرف بمنصبه بمصداقية وشرف ولم يكن يعي واجباته تجاه اتحاد الكرة الأوروبي.
وصرح القضاء الأمريكي، أن مستوى الفساد في فيفا لا يمكن تصوره، وأن مبلغ 200 مليون دولار أمريكي دفعت بشكل غير مشروع في أروقة الاتحاد الدولي منذ 1991.
الفساد الكروي، الذي فضحت أولى خيوطه في 2015، تعدى نتائج المباريات واللاعبين إلى حرب معلنة بين أسياد القرار في اللعبة، في المكاتب والمحاكم الفيدرالية، ليصل إلى صورة لا يمكن تصورها، ويصفها محللون بأنها البداية وما خفي أعظم، من المنشطات بين الرياضيين في روسيا، واستضافة روسيا وقطر لبطولتي كأس العالم المقبلتين، وملايين الدولارات التي تدفع للمؤسسة الرياضية الأولى في العالم والتي تتحكم بالرياضة الأكثر شعبية، لتعمل بشكل غير مهني مبني على الرشاوى والوساطات، كما سعت إلى إغراق الكرة بالمال الرياضي الفاسد، وتضخم حقوق البث التلفزيونية وحقوق الدوريات الأوروبية والبطولات العالمية.
ووصلت درجة الفساد إلى مونديال ألمانيا 2006، الذي بات محط جدل واسع بسبب تهم وجهت إلى باكنباور بكيفية حصول الألمان على الاستضافة.
بهذا الحكم ينهي بلاتر، البالغ من العمر 79 عامًا، عمله الإداري في مجال كرة القدم فعليًا، بعد ترؤسه الفيفا منذ عام 1998، وأعلن عزمه التنحي عن منصبه قبل انتخاب رئيس جديد للاتحاد في شباط المقبل.
أما بلاتيني، البالغ من العمر 60 عامًا، فقد كان من المتوقع أن يكون رئيس الفيفا المقبل خلفًا لبلاتر، وكان بلاتيني حصل على لقب أفضل لاعب في العام في أوروبا ثلاث مرات، كما تولى قيادة المنتخب الفرنسي، وتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) منذ عام 2007.
نتيجة طبيعية للفساد الكروي، وإغراق عالم الرياضة بالمال فقد تضخمت تكاليف حقوق بيع الدوريات الأوروبية، وأصبحت الرياضة بورصة يسودها المال وتتحكم بها العصا الخفية من خلف الكواليس.
وصلت حقوق بيع الدوري الإنكليزي إلى 6.9 مليار دولار و2.65 مليار للدوري للإسباني بين عامي 2016و2019، ويتوقع محللون رياضيون أن هذه ليست النهاية، بل هي البداية التي لم يكن يعلمها أحد، أو بالأحرى لم يرد أحد أن يعملها، وهي الحقيقة التي انفجرت وستكشف حولها خفايا مخبأة هناك في ملفات الفيفا.
هذه القضية هي الأبرز في عالم المستديرة في 2015، عكرت صفو الرياضة العالمية وجمهورها وأودت بمن كانوا رموز الكرة العالمية، فضلًا عن أنها أنذرت بمستقبل غير مطمئن لكرة القدم.