خلال الأعوام الماضية، شهد المحيط الحيوي لمدينة دمشق عدة مشاريع عمرانية ذات طابع استثماري في مختلف المجالات، ضمن مخططات تنظيمية حكومية تحدد الاستخدامات السكنية والصناعية والمرافق العامة لتلك المشاريع.
إلا أن تلك الحالة البنائية والتوسع العمراني المستقبلي توقف في معظمه مع امتداد الوقت، مع تراجع في مستوى استصدار تراخيص البناء، بسبب فقدان الأدوات الأساسية المؤثرة في تلك العملية، أهمها الفساد الحكومي والإهمال.
مجمع “يلبغا”
توقف بناء مجمع “يلبغا” أكثر من مرة خلال 35 عامًا، ويعد أبرز مثال في دمشق للإهمال والفساد السياسي والاقتصادي والإداري في حكومة النظام السوري، إذا ما قورن مع غيره من المشاريع التي أُقيمت في دول الجوار وأُنجزت في أوقات قياسية.
تعود دراسات المشروع إلى منتصف ستينيات القرن الماضي، مع بداية تسلّم حزب “البعث” للسلطة في سوريا، لكنه بقي حبرًا على ورق، قبل أن يبصر النور في بداية 1973، وتبدأ بإنشائه مؤسسة الإسكان العسكرية، التي كانت آنذاك المشرف الوحيد على جميع المشاريع في سوريا، برئاسة رياض شاليش، قريب الرئيس حافظ الأسد.
في 2006، بدأت وزارة الأوقاف بطرح المجمع للاستثمار، ووقعت عقدًا لإكسائه مع شركة “ميسكا” السعودية مقابل 240 مليون ليرة سنويًا، إلا أنه أوقف لأسباب فنية وقانونية.
وفي بداية عام 2016، أعلن وزير الأوقاف في حكومة النظام، محمد عبد الستار السيد، أن المرحلة الأولى من إكساء مجمع “يلبغا” قاربت على الانتهاء، ليكون جاهزًا لطرحه للاستثمار في أقرب فرصة متاحة.
ويعد المشروع من أضخم المشاريع التي تقوم الوزارة بتشييدها، ويشكّل “قفزة نوعية في حل مشكلة الازدحام وسط العاصمة” من خلال المرآب الذي يتسع لأكثر من 300 سيارة، إضافة إلى السوق التجارية التي تضم محال ومكاتب “ذات نوعية ممتازة تعكس الواقع الحضاري والعمراني لدمشق”، وفق ما قاله مدير الأوقات حينها، أحمد قباني.
كما أشار قباني إلى أن أعمال المرحلة الثانية من المشروع (المول التجاري) وصلت إلى تركيب البلوك، وحاليًا في مرحلة الإكساء.
لكن لا يزال المجمع بانتظار من يتابع كسوته، بعد إنفاق الملايين عليه، ووصول تكلفة بنائه إلى نحو 700 مليون ليرة سورية، وهي سبعة أضعاف التكلفة التي كانت مقدّرة عند البدء بتنفيذه.
مشروع “مسار”
انطلق العمل على بناء هذا المشروع في تموز عام 2009، وكانت الفكرة مستوحاة من “الوردة الدمشقية”، وتشكّل المساحة المخصصة للبناء 5500 متر مربع، أما المساحة الطابقية فتقدّر بـ15 ألف متر مربع، وممرات تشكّل حوالي 70% من كل مدينة المعارض.
يتوسط المشروع المحور الواصل بين مدينة دمشق القديمة وساحة الأمويين، مجاورًا لعدد من الأبنية المهمة في العاصمة مثل جامعة “دمشق” ودار “الأوبرا” والمتحف “الوطني”.
ويعد مشروع “مسار” مركز استكشاف ضمن البرنامج التعليمي السوري “مسار” الذي أطلقته “الأمانة السورية للتنمية”، بهدف “منح الأطفال السوريين الفرصة لمقابلة واستكشاف العالم من خلال اللعب”.
الجهة المقاولة لـ”مسار” هي “مؤسسة الإسكان العسكرية”، التي تشرف على مئات المنازل والشقق السكنية التي تتم جدولتها باستمرار من أجل بيعها عبر المزادات التي تجريها المؤسسة بصورة غير شرعية.
وفي حزيران 2011، قال مدير المشروع، حسام الحموي، لموقع “الاقتصادي”، إن “مسار” تأثر بقرار الحظر الأوروبي بالتعامل مع “مؤسسة الإسكان”، وهي المقاول الرئيس لمرحلة البناء، وعلى الفور تم تقديم رسائل اعتذار من المقاولين الفرعيين الأوروبيين عن عدم المتابعة في المشروع.
اقرأ أيضًا: هل ينجح تطبيق نظام “BIM” الهندسي في صناعة الإنشاء السورية
“ماروتا سيتي”.. “باسيليا سيتي”
أطلقت إدارة مشروع “ماروتا سيتي” خريطة تفاعلية لمعرفة الأعمال المنجزة في المشروع، وذلك في حزيران عام 2020، بالإضافة إلى نشرها المواصفات التي تتضمنها الأبراج الحاصلة على قرار رخصة البناء وبدء التنفيذ.
ويعد “ماروتا سيتي” مشروعًا عمرانيًا، أعلن عنه رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 2012، ضمن المرسوم رقم “66”، في منطقة خلف الرازي وبساتين المزة العشوائية، وبدأ العمل به في 2017 من قبل محافظة دمشق وشركة “دمشق شام القابضة”.
وفي 2019، منحت محافظة دمشق أول رخصة بناء في “ماروتا سيتي”.
وكان الاتحاد الأوروبي فرض، في كانون الثاني 2019، عقوبات على 11 رجل أعمال سوريًا، وخمسة كيانات تجارية، معظمهم على صلة بمشروع المخطط التنظيمي “ماروتا سيتي”.
وفي حزيران الماضي، قال عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق فيصل سرور، إن هناك شكاوى “كثيرة جدًا” بسبب ارتفاع رسوم تراخيص البناء في مشروع “ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي”، موضحًا أن العمل في البناء ضمن الوقت الحالي “شبه متوقف بإصدار التراخيص الجديدة بسبب هذه الرسوم المرتفعة”.
ويعتبر “باسيليا سيتي” التطبيق العملي الثاني للمرسوم رقم “66” لعام 2012، ويمتد المخطط من جنوب المتحلق الجنوبي إلى القدم وعسالي وشارع الثلاثين، وتصل مساحته إلى 900 هكتار، بما يعادل تسعة ملايين متر مربع، ويشمل حوالي 4000 عقار.
–