عنب بلدي- ريف إدلب
خلال الأسبوع الأول من تموز الحالي، وبينما كانت دعاء إسماعيل (25 عامًا) تعمل في تنظيف خيمتها بمنطقة جبل كللي في ريف إدلب الشمالي، أحست بلدغة في ظهرها، وعندما وجهت يدها إلى مكان اللدغة تعرضت لأخرى بيدها لتقع عقرب على الأرض.
على الفور قتلت دعاء إسماعيل العقرب، وانتظرت زوجها أكثر من ساعة لينقلها إلى المستوصف الواقع بجبل كللي، إلا أنها لم تتلقَّ العلاج المناسب لأنه غير متوفر، إذ أخبرهم قسم الاستعلامات في المستوصف أن العلاج متوفر في مستشفيات سرمدا أو باب الهوى، فعادوا إلى مخيمهم دون علاج مع شعورها بالتنميل والحكة.
يواجه سكان المخيمات في مدينة إدلب وريفها من النازحين مشكلة انتشار الزواحف السامة والحشرات، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، إذ تنتشر المخيمات بمعظمها على أطراف القرى، وفي المناطق الزراعية التي تعد بيئة مناسبة لهذه الكائنات.
تعرضت “أم مصطفى”، البالغة 60 عامًا، والتي تقيم في مخيم “الأمين” على أطراف بلدة كفر عروق شمالي إدلب، لحادث مشابه لما تعرضت له دعاء إسماعيل، ففي أثناء الوضوء أحست “أم مصطفى” بلدغة عقرب كانت قد دخلت ثيابها دون أن تشعر، وفق ما ذكرته لعنب بلدي.
“خرجت عقرب من ثوبي ولدغتني بيدي، ومن ثم قفزت على الأرض، وعلى الفور قتلتها”، وفي أثناء ركوع “أم مصطفى” في الصلاة، لدغتها عقرب أخرى بمنطقة الركبة، ولم تتوجه إلى أي مركز طبي بسبب بُعد المسافة بين المخيم والمراكز الطبية.
يقع مخيم “الأمين” في أرض زراعية محاطة بالجبال، ولا تزال “أم مصطفى” تعاني مع الأهالي في المخيم انتشار العقارب والأفاعي، خصوصًا مع ارتفاع درجات الحرارة.
كما لا تستطيع أغلبية الأهالي النوم براحة خشية تعرضهم للدغات العقارب أو الأفاعي القاتلة في بعض الأحيان.
ويواجه الأطفال الضرر الأكبر، فهم لا يدركون مدى خطورة الزواحف السامة، حيث تعرض العديد منهم للإصابة، مع عدم وجود أدوية إسعافية أو علاج في حال الإصابة داخل المخيم.
ويلجأ الأهالي أغلب الأوقات إلى مستشفى “كللي” للحالات الخطيرة، وهو يبعد عن المخيم حوالي سبعة كيلومترات.
غياب الوقاية
قال مدير مخيم “الأمين” في كفر عروق، علي العثمان، لعنب بلدي، إن إدارة المخيم لا تزال تعاني في فصل الصيف، منذ ثلاثة أعوام وحتى الآن، ارتفاع درجات الحرارة الذي يترافق مع انتشار الأفاعي والعقارب والعناكب السامة.
وأضاف، “تواصلنا عدة مرات مع منظمات، وتم تزويد الأهالي فقط بسلة نظافة شخصية تحتوي على أدوات بسيطة لا تفي بالغرض”، وفي تموز وآب تزداد حالات اللدغ كون المخيم محاطًا بالجبال، ولا يستطيع أهالي المخيم مكافحة الزواحف السامة إلا في أثناء رصدها.
وأرجع عدم اختيار أرض أخرى لإقامة المخيم إلى “التكلفة المرتفعة لنقل الأمتعة، والحالة المادية الضعيفة لجميع الأهالي”، وفق ما ذكره مدير المخيم.
في العام الماضي، كانت عيادة متنقلة تزور أهالي المخيم ليوم واحد في الأسبوع، لكنها غائبة منذ بداية العام الحالي، رغم مناشدة إدارة المخيم المنظمات المعنية بإعادتها.
وفي الوقت الذي تنعدم فيه الخدمات الطبية بالمخيم لمواجهة خطر الزواحف السامة، يتبع سكانه أساليب وقاية ذاتية، وهي تربية الدجاج الذي يقتل العقارب في النهار وينذر بقدوم خطر الأفاعي، بالإضافة إلى وضع مادة “القطرون” التي تساعد على طرد العقارب والأفاعي وبقية الحشرات على أطراف الخيم، إلا أن هذه المادة صارت نادرة.
وفي مطلع تموز الحالي، حذرت فرق “الدفاع المدني السوري” من لدغات الأفاعي والعقارب التي تنتشر في مناطق شمال غربي سوريا.
جاء ذلك بعد إسعاف فرق “الدفاع” رجلًا أُصيب بلسعة عقرب في منزله ببلدة قورقانيا شمالي إدلب إلى أقرب نقطة طبية لتلقي المصل المضاد.
ودعا الفريق الأهالي إلى الانتباه من الأفاعي والعقارب التي تلجأ مع ارتفاع درجات الحرارة إلى الأماكن الرطبة في المنازل والخيام، مذكّرًا بضرورة إبعاد القمامة عن التجمعات السكنية، والحفاظ على نظافة المنازل والخيام وتنظيف ما حولها باستمرار، لمنع انتشار الزواحف والحشرات.