نساء يغالبن حياة الفقر والنزوح بمهنة الخياطة في إدلب
إدلب- هدى الكليب
استطاعت علياء الحزاني (33 عامًا) أن تؤسس مشروعها الشخصي، حين قررت تعلم مهنة الخياطة والعمل بها لمواجهة ظروف حياتها الصعبة، وسط النزوح والفقر وقلة الفرص.
علياء نازحة من بلدة تلمنس ومقيمة في مخيمات “حربنوش” شمالي إدلب، قالت لعنب بلدي، إن زوجها نادرًا ما يجد عملًا، فهو عامل مياومة، والأجرة التي يحصل عليها قليلة، ولا تتناسب مطلقًا مع ساعات العمل الطويلة والغلاء.
تعلمت علياء المهنة من مركز تمكين المرأة في مدينة إدلب منذ أكثر من عام بعد نزوحها الأخير، واستثمرت فترة إقامتها في منزل ذويها الذي كان على مقربة من المركز.
استمرت الدورة التدريبية حوالي ثلاثة أشهر، تمكّنت علياء خلالها من الإلمام بمتطلبات المهنة وفنونها المتنوعة، لتبدأ العمل تدريجيًا من خلال شرائها ماكينة خياطة ومستلزمات المهنة.
وقالت، “عمدت في البداية إلى تدوير الملابس المستعملة لجاراتي بشكل مجاني، واعتبرتها فترة تجريبية ريثما أكسب زبائن وأنمّي من مهاراتي، وهو ما ساعدني على المضي بالمهنة بالشكل الأمثل”.
وفي ظل انحسار فرص العمل، والحاجة الملحة لإيجاد مردود مادي لمعظم العوائل الفقيرة والنازحة، تتجه الكثير من النساء في إدلب إلى تعلم مهنة الخياطة اليدوية، وخاصة مع موجة غلاء أسعار الألبسة في الأسواق المحلية، والظروف المعيشية القاسية التي تعصف بهن.
أما فدوى الإسماعيل (30 عامًا)، فلم تتوانَ عن الالتحاق بدورة تدريب الخياطة التي أعلنتها إحدى الخياطات المتمرسات بالمهنة في بلدة قاح، مقابل أجرة مادية رمزية وهي 100 ليرة تركية، وهو ما أسهم باكتسابها المهنة خلال مدة لا تتعدى الشهر.
توفي زوج فدوى في قصف قوات النظام السوري وروسيا على مدينة خان شيخون قبل نزوحها منها إثر العملية العسكرية عام 2019، وتصف أوضاعها المادية بأنها سيئة للغاية.
أحوالها التي بدأت تتحول من “سيئ إلى أسوأ” فرضت عليها إيجاد حل سريع، بغية التمكّن من الإنفاق على أطفالها الثلاثة، وتأمين ما يلزمهم من متطلبات العيش الكريم، بحسب ما ذكرته لعنب بلدي.
ولا تمتلك السيدة أي شهادات أو خبرات، ولم تجد أمامها إلا تعلم مهنة ما، واختارت مهنة الخياطة نظرًا إلى رأسمالها البسيط قياسًا بالمهن الأخرى من جهة، ولأنها تحب المهنة، ولطالما أرادت تعلمها منذ صغرها من جهة أخرى، وتمكّنت من تأمين ماكينة خياطة تعمل بنظام الطاقة الشمسية وبعض الأقمشة، بعد أن باعت آخر قطعة ذهبية لديها.
وصفت فدوى الإقبال على خياطة الألبسة من قبل نساء المخيم الواقع في قاح شمال إدلب بـ”الجيد”، وخاصة مع ارتفاع أسعار الألبسة الجاهزة بشكل غير مسبوق، لتغدو الخياطة محط أنظار الكثيرات ومقصدهن كحل وحيد، نتيجة أسعارها المقبولة قياسًا بأسعار الألبسة الجاهزة.
من جهتها، تنصح الخياطة ومدربة المهنة في مركز تمكين المرأة بإدلب سلوى البدوي، جميع النساء اللواتي وضعتهن ظروف الحرب موضع المعيل بتعلم المهن في مواجهة التحديات التي تعترض طريقهن المعيشي بشكل يومي.
وقالت لعنب بلدي، إن العمل ضمن المهن المتنوعة من شأنه أن يؤمّن للمرأة احتياجاتها المادية ومتطلباتها الشخصية المختلفة، ويسهم في إشغال وقتها بما هو مفيد، ويجعلها تعتمد على نفسها ولا تطلب المال من أحد، وهو العامل الأهم في تنمية شخصية المرأة وتقويتها، وإخراجها من الدور النمطي الذي لطالما انحصرت به داخل الأسرة، بحسب ما ذكرته البدوي.
وأكدت أن مهنة الخياطة هي الأكثر تفضيلًا بين المهن الأخرى بالنسبة للكثيرات، لأهميتها وسهولة تعلمها في وقت قصير، وهي تسهم بإطلاق أفكارهن وإبداعاتهن لعمل تصاميم جديدة، أو لإجراء التعديلات على الملابس بطريقة مبتكرة، وكيفية اختيار القماش والخيوط بدقة، إلى جانب اختيار الأزرار والسحابات المناسبة.
واختتمت حديثها، “عدا عن أن مهنة الخياطة مصدر رزق جيد، فهي هواية رائعة تنبض بالحياة وكل ما هو جديد، ومحترفوها ينتابهم الشعور بالإنجاز”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :