د. أكرم خولاني
يعتبر فحص مستوى الكوليسترول في الدم من أكثر الفحوص المخبرية التي يطلبها الأطباء بشكل روتيني، وخاصة بعد تزايد حالات الإصابة بأمراض تصلب الشرايين والذبحات الصدرية والنوبات القلبية لا سيما عند الشباب. ولذلك من الضروري أن نعرف ما الكوليسترول، وما دوره في الجسم، وكيف يُجرى فحص مستواه في الدم.
ما الكوليسترول وما دوره في الجسم
الكوليسترول (Cholesterol) هو مادة دهنية (شحمية) توجد في جسم الإنسان بشكل طبيعي، وهو ضروري لعمل الجسم بصورة سليمة، إذ يدخل في تركيب أغشية جميع خلايا الجسم، حيث يعمل على الحفاظ على السلامة والاستقرار الميكانيكي لغشاء الخلية (الكوليسترول هو أحد مكوّنات أغشية الخلايا الحيوانية بينما يكون غائبًا في الخلايا النباتية، حيث إن أغشية الخلايا النباتية تكون محاطة ومدعومة بجدار خلوي صلب مصنوع من السليلوز)، كما يلعب الكوليسترول دورًا أساسيًا في الاستقلاب (التمثيل الغذائي)، إذ يشكّل أساسًا لتصنيع الهرمونات الستيروئيدية التي تمثّل عوامل حيوية أساسية في استقرار الجسم وتنظيف وظائفه المختلفة مثل الكورتيزول والألدوستيرون والأدرينالين والهرمونات الجنسية الذكرية والأنثوية، كما أن الكوليسترول أساس لتركيب فيتامين “د” والحموض الصفراوية المسؤولة عن هضم وامتصاص الشحوم في الأمعاء.
لكن المستويات المرتفعة من الكوليسترول قد تسبب الضرر وتزيد من خطر حدوث الأمراض المختلفة.
ما مصادر الجسم من الكوليسترول
يأتي الكوليسترول الموجود في الجسم من طريقين رئيسين هما:
الكبد: ينتج الكبد 80% من كوليسترول الدم من خلال تحويل المواد الشحمية المختلفة المشتقة من الكوليسترول إلى كوليسترول من جديد.
الوارد الغذائي: يأتي 20% من كوليسترول الدم من مصادر غذائية تحتوي على كوليسترول جاهز، أهمها صفار البيض، والجنبري، والصدفيات، واللحوم، والزبدة، والجبن، والحليب الكامل، في حين لا يحوي الطعام النباتي (الفواكه، الخضار، الحبوب) على الكوليسترول.
ما أنواع الكوليسترول
لا يمكن أن يوجد الكوليسترول في الدم بشكل حر، لأنه مادة شحمية والدم وسط مائي، وبالتالي لا يذوب الكوليسترول في الدم، إنما يوجد في الدم مرتبطًا مع مركبات بروتينية مسؤولة عن نقله إلى الأعضاء المختلفة تسمى البروتينات الشحمية ((Lipoproteins:
1- البروتين الشحمي المنخفض الكثافة (Low-Density Lipoprotein– LDL)
يتضمن هذا البروتين الشحمي جزيئات من البروتينات تحمل معها الكوليسترول والدهون المشبعة التي يصعب على الجسم استقلابها، ويسمى الكوليسترول الذي يرتبط بالبروتين الشحمي المنخفض الكثافة بالكوليسترول “LDL” أو الضار أو السيئ، لأنه يترسب على جدران الشرايين مسببًا تشكّل مادة سميكة قاسية تدعى لويحة الكوليسترول، ومع الوقت تسبب هذه اللويحة تسمكًا في جدران الشريان وتضيّقًا في اللمعة، وتدعى هذه العملية بالتصلب العصيدي أو تصلب الشرايين (يمكن تشبيه هذه العملية بترسب الكلس والأملاح الأخرى داخل مواسير المياه التي تنقل المياه المالحة حيث يؤدي ذلك مع الزمن إلى تضيّق هذه المواسير وقد تنسد كليًا)، وهذا يؤدي إلى حدوث ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب الوعائية (الذبحة الصدرية أو احتشاء العضلة القلبية).
وكوليسترول “LDL” لا يمثّل ضررًا إلا بعد تعرضه للأكسدة الذاتية، التي تغير من طبيعته، ما يجعل الجهاز المناعي (ممثلًا بالخلايا البلعمية) يقوم بالتهام هذه البروتينات الدهنية بعد أكسدتها، وبذلك تتحول الخلايا الملتهمة إلى نوع آخر من الخلايا، وهي الخلايا الرغوية، التي تترسب على جدار الأوعية الدموية، ومن ثم تبدأ عملية تصلب الشرايين، وتعطي هذه النظرية أهمية قصوى لمضادات الأكسدة لمنع حدوث تصلب الشرايين وتدهورها.
2- البروتين الشحمي المرتفع الكثافة (High-Density Lipoprotein– HDL)
يتضمن هذا النوع من البروتينات الشحمية الكوليسترول والدهون غير المشبعة المفيدة للجسم، ويسمى الكوليسترول المرتبط به بالكوليسترول “HDL” أو النافع أو الجيد، وذلك لأنه يقوم بنقل الكوليسترول السيئ والدهون المشبعة من الدم إلى الكبد ليتم هناك طرحها من الجسم عن طريق الصفراء، أو تدخل مرة أخرى في تركيب كوليسترول “LDL”، وبذلك فهو يقلل من مستويات أنواع الكوليسترول الأخرى والدهون المشبعة في الدم، ويحافظ عليها ضمن حدودها الطبيعية، وبالتالي فهو يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، ويحسن من صحة جهاز الدوران ويمنع حدوث تصلب الشرايين.
3- البروتين الشحمي المنخفض الكثافة جدًا (Very low density lipoprotein- VLDL)
يتم استقلاب (تحويل) “VLDL” إلى “LDL” بسرعة في الدوران، ويحتوي هذا النوع من البروتينات الشحمية على أكبر كمية من الشحوم الثلاثية (Triglycerides- TG)، وهي نوع من الدهون يرتبط بالبروتينات في الدم، حيث تتراكم جزيئات الكوليسترول فيجعلها أكبر، ما يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية.
ويسمي بعضهم الكوليسترول المرتبط بـ”VLDL” بالكوليسترول الضار، لأنه يسهم في تراكم اللويحات في الشرايين، ولكن كما ذكرنا هو مختلف عن “LDL”، فالبروتين الدهني المنخفض الكثافة جدًا (VLDL) يحمل بشكل أساسي الدهون الثلاثية (TG)، أما البروتين الدهني المنخفض الكثافة (LDL) فهو يحمل الكوليسترول بشكل أساسي.
كيف تُقاس مستويات الكوليسترول في الدم
يُجرى هذا الفحص من خلال تحليل عينة من دم المريض، تبيّن كمية الكوليسترول الموجودة في كل مل من الدم، وتتضمن الاختبارات التي تقيس مستويات الكوليسترول في الدم:
· فحص الكوليسترول الكلي (Cholesterol).
· فحص البروتينات الشحمية المنخفضة الكثافة (LDL).
· فحص البروتينات الشحمية المرتفعة الكثافة (HDL).
· فحص البروتينات الشحمية المنخفضة الكثافة جدًا (VLDL).
· فحص الشحوم الثلاثية (TG).
علمًا أن الكوليسترول الكلي بالجسم هو مجموع الكوليسترول الحميد (HDL) والكوليسترول السيئ (LDL)، وخمس مقدار الشحوم الثلاثية في الدم (TG)، وذلك بشرط أن تكون الشحوم الثلاثية أقل من 400 ملغ/دل.
تستغرق نتائج الاختبار يومًا أو يومين على الأكثر حتى تصدر، ويتم كتابة مستويات الكوليسترول التي تم قياسها بواحدة الميلي غرام في الديسيلتر عادة، وهناك بعض المختبرات (كندا وأوروبا) تكتبها بواحدة المليمول في الليتر.
هل من استعدادات خاصة قبل إجراء فحص مستويات الكوليسترول في الدم
نعم، يجب على المريض الصيام عن الطعام والمشروبات عدا الماء لمدة 12 إلى 14 ساعة (9 ساعات على الأقل) قبل أخذ عينة الدم لتجنب أن يكون سبب الارتفاع في الكوليسترول والشحوم هو ارتفاع طبيعي بعد وجبة غذائية، وهو ما يشوّش على دقة النتائج.
من الأشخاص الذين يجب عليهم إجراء تحليل لقياس مستويات الكوليسترول في الدم
1- يفترض بجميع الأشخاص ممن تجاوزت أعمارهم 20 عامًا أن يخضعوا لاختبار لقياس مستويات الكوليسترول في الدم بما لا يقل عن مرة واحدة كل خمسة أعوام.
ثم كل عام أو عامين للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و65 عامًا، وللنساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 55 و65 عامًا.
ثم فحص سنوي لكل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا.
2- المرضى الذين يعانون من أمراض قلبية وعائية (آلام صدرية، ارتفاع ضغط، نوبة قلبية، سكتة دماغية) أو السكري أو قصور الدرق أو قصور الكلى المزمن أو الذئبة الحمامية أو الإيدز.
3- المرضى الذين يتناولون أدوية لعلاج حب الشباب أو ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات النظم أو السرطان أو زرع الأعضاء أو الإيدز.
كيف تفسر نتائج التحليل
الكوليسترول الكلي:
· مستوى مثالي إذا كان أقل من 200 ملغ/دل.
· ارتفاع بسيط (خطورة معتدلة) إذا كان بين 200 و239 ملغ/دل.
· ارتفاع شديد (خطورة عالية) إذا كان 240 ملغ/دل أو أكثر.
الكوليسترول “LDL”:
· مستوى مثالي إذا كان أقل من 100 ملغ/دل (ولكن يجب أن يكون الهدف العلاجي للأفراد المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية هو أقل من 70 ملغ/دل)
· مستوى شبه مثالي إذا كان بين 100 و129 ملغ/دل.
· الحد الأعلى للمستوى الطبيعي إذا كان بين 130 و159 ملغ/دل.
· ارتفاع بسيط إذا كان بين 160 و189 ملغ/دل.
· ارتفاع شديد إذا كان 190 ملغ/دل أو أعلى.
الكوليسترول “HDL”:
· تعتبر النسبة منخفضة (تصبح أحد عوامل الخطورة) إذا كانت أقل من 40 ملغ/ دل عند الرجال وأقل من 50 ملغ/دل عند النساء.
· تعتبر النسبة جيدة إذا كانت بين 40 و59 ملغ/دل عند الرجال، وبين 50 و59 ملغ/دل عند النساء.
· تعتبر النسبة جيدة جدًا (تساعد على تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية) إذا كانت 160 ملغ/دل أو أعلى.
الشحوم الثلاثية (TG):
· تكون النسبة طبيعية إذا كانت أقل من 150 ملغ/ دل.
· تكون النسبة عند الحد الأعلى للمستوى المثالي إذا تراوحت بين 150 و199 ملغ/ دل.
· تعتبر النسبة مرتفعة إذا تراوحت بين 200 و499 ملغ/دل.
· تعتبر النسبة مرتفعة جدًا إذا وصلت إلى 500 ملغ/ دل أو أكثر من ذلك.