البذور المستوردة وخطة “الإدارة” وراء تدهور محصول الذرة في الرقة
الرقة- حسام العمر
يخشى بدر المحسن (40 عامًا)، وهو مزارع من ريف الرقة الشمالي، أن يتكرر معه ما حصل خلال موسم الذرة العام الماضي، عندما تفاوتت نسبة إنبات شجيرات الذرة، ليكتشف لاحقًا أن البذار التي زرعها من مصدرين مختلفين، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وأوضح بدر المحسن أنه اكتشف الأمر بعد أن أجرى مهندس زراعي كشفًا ميدانيًا على الشجيرات، مضيفًا أنه عندما اشترى البذار، العام الماضي، كانت معبأة بأكياس سعة 25 كيلوغرامًا، دون أن يُطبع على الكيس أي إشارة إلى المصدر المصنّع أو الدولة التي ورد منها، لكن التاجر الذي باعه البذار أكد له أنها من تركيا ومن النوع الهجين “الذي يتميز بإنتاجية عالية لكن ذلك كله لم يحصل”، على حد قوله.
وتتعدد مصادر وأنواع بذور الذرة التي تُزرع في ريف مدينة الرقة، التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” لشمالي وشرقي سوريا، فبعضها من مصادر هندية أو تركية وأمريكية أيضًا، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
ويرى مزارعون في ريف المدينة، أن تعدد مصادر وأنواع بذور الذرة يضعهم أمام خيارات صعبة، لأنه في حال فشل الموسم، فإنهم يتعرضون للخسارة دون أن يتلقوا تعويضات من أي جهة.
عبد السميع المحمد (40 عامًا)، وهو مزارع من بلدة حزيمة بريف الرقة الشمالي، قال لعنب بلدي، إن “الإدارة الذاتية” والمؤسسات الزراعية التابعة لها، هي المسؤولة عن توفير البذار الجيدة للمزارعين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مضيفًا أن من واجبها تشديد الرقابة على أنواع البذار الداخلة إلى مناطقها، سواء كانت بذار الذرة أو غيرها من المحاصيل، وإجبار الأشخاص أو الشركات الموردة للبذور على أنواع محددة تعلن عنها “الإدارة” بعد إجراء الاختبارات اللازمة عليها.
“الإدارة الذاتية” تريد تقليل زراعة الذرة
على عكس العام الماضي، لم توزع “الإدارة الذاتية” بذور الذرة “الزيتية” للمزارعين هذا الموسم، رغم أنها أعلنت العام الماضي أنها ستوفر البذور للمزارعين لحاجتها الملحة للذرة لمعمل الزيت المفتتح حديثًا في مدينة القامشلي بريف الحسكة.
عضو في “لجنة الزراعة والري” بـ”مجلس الرقة المدني”، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن سبب عدم توزيع البذار على المزارعين هذا العام، يعود لرغبة الإدارة بتقليل المساحات المزروعة بالذرة، بسبب نقص مياه الري المرتبط بانخفاض منسوب نهر “الفرات”.
وذكر عضو “اللجنة” أن المزارعين لا يلتزمون غالبًا بالخطة الزراعية التي تضعها “الإدارة الذاتية”، لتتوافق المساحات المزروعة خلال فصل الصيف مع كمية المياه التي تستطيع “الإدارة” توفيرها عبر قنوات الري لسقاية الأراضي الزراعية.
بعض البذار “غير مناسبة” للتربة
من جهته، أوضح المهندس الزراعي حسين الرجب المقيم في مدينة الرقة، لعنب بلدي، أن تعدد مصادر وأنواع بذور الذرة، يعود لكثرة الأشخاص والشركات التي تقوم بتوريد المستلزمات الزراعية، ومنها البذور، إلى مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”.
وأشار المهندس الرجب إلى أن بعض أنواع البذار لا تنبت بالشكل المناسب، أو تكون غير مقاومة للآفات الزراعية، لعدم ملاءمتها ظروف الطقس ونوع التربة في سوريا، على اعتبار أنها مستوردة من دول أخرى قد تختلف تربتها الزراعية وظروفها المناخية عن المنطقة.
وفي 19 من حزيران الماضي، دعت “لجنة الزراعة والري” في “مجلس الرقة المدني”، من خلال “مكتب تشغيل قنوات الري”، المزارعين للالتزام بالخطة الزراعية، معلنة أن نسبة زراعة الذرة هي 25% من مجموع الأرض التي يملكها المزارع، والمرخصة لدى المؤسسات التابعة لـ”الإدارة الذاتية”.
وأبلغت “اللجنة” المزارعين أنها غير مسؤولة عن توفير مياه الري للأراضي الزراعية المخالفة، والتي تتجاوز النسبة التي حُددت، وذلك بسبب انخفاض منسوب مياه نهر “الفرات”، وقلة المياه المخصصة لسقاية الأراضي.
قلة التكاليف تزيد المساحات
خلال العامين الماضيين، زادت المساحات المزروعة بالذرة، بالمقارنة مع مساحاتها خلال الأعوام السابقة، وذلك نتيجة لقلة تكاليف زراعة هذا المحصول، مقارنة بمحاصيل أخرى، كالقطن الذي تراجعت زراعته كثيرًا لمصلحة زيادة مساحات الذرة.
وفي 23 من أيار الماضي، حذرت “لجنة الزراعة والري” في الرقة من بذور للذرة الصفراء مستوردة من تركيا، واصفة إياها بـ”السيئة” والقليلة الإنتاج، إذ ينتج الدونم الواحد نحو 500 كيلوغرام في حال زُرعت هذا البذور، بينما تتجاوز إنتاجية ذات المساحة الطن الواحد في حال زُرعت نوعيات أخرى أكثر “جودة”.
وفي تصريح لموقع “الإدارة الذاتية” الرسمي، قال حمود الخلف، رئيس مكتب الوقاية في “لجنة الزراعة والري”، إن “المكتب” ضبط كميات من بذور “السيلاج” تركية المصدر.
وأشار الخلف إلى أنه صدر في وقت سابق تعميم لأصحاب الصيدليات الزراعية والفنيين، يتوعد بمساءلة كل من يتعامل بالبذور، ولا يوضح للمزارع نوعيتها وكمية الإنتاج المتوقعة.
ويحتل محصول الذرة المرتبة الثالثة ضمن أهم المحاصيل الزراعية في الرقة ومناطق أخرى من شمالي وشرقي سوريا بعد كل من القمح والقطن، ويُستخدم كأعلاف للدواجن، إضافة إلى استخدامه في المعجنات وأنواع من الخبز، وينتج منه الزيت النباتي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :