درعا.. هل يستغل النظام نشاط تنظيم “الدولة”

  • 2022/07/17
  • 10:13 ص

مقاتل محلي من أبناء محافظة درعا (تعديل عنب بلدي)

عنب بلدي- حليم محمد

رغم استمرار ارتفاع وتيرة عمليات الاستهداف جنوبي سوريا عمومًا، ومحافظة درعا خصوصًا، التي يُسجل العديد منها تحت اسم مجهولين منذ مطلع العام الحالي، فإن حضور تنظيم “الدولة الإسلامية” حافظ على حذره في المنطقة عبر إعلان مسؤوليته عن قسم محدود من هذه العمليات.

ولم تتجاوز عمليات الاستهداف في درعا التي تبناها التنظيم بشكل رسمي عبر معرفاته الرسمية ثلاث عمليات، أحدثها استهداف ضباط وعناصر للنظام مطلع تموز الحالي.

تبني استهداف العمليات في هذا التوقيت اعتبره وجهاء من المنطقة “غير طبيعي”، ويصب في مصلحة النظام بشكل أو بآخر، خصوصًا مع استمرار تهديدات النظام لبعض مناطق المحافظة بعمليات أمنية لملاحقة خلايا التنظيم.

أحدث هذه التهديدات كان في مدينة جاسم شمال غربي درعا، إذ هدد النظام باقتحام المدينة في حال لم يحارب أبناؤها وجود التنظيم فيها، الأمر الذي اعتبره ناشطون “ذرائع للنظام لاقتحام بعض مناطق درعا”.

من يسيّر التنظيم في درعا

نشر ناشطون من أبناء محافظة درعا، في 7 من تموز الحالي، بيانًا حمل اسم “ثوار وأحرار الجنوب السوري” حول شكوك معارضي المنطقة بتبعية خلايا التنظيم فيها.

وبحسب البيان الذي اطلعت عنب بلدي على نسخة منه، فإن ناشطي المنطقة نفوا وجود أي خلايا للتنظيم في الجنوب السوري، وخصوصًا تنظيم “الدولة”.

وإن وجدت هذه الخلايا فهي تتبع لإيران، صاحبة المصلحة من وجودها أصلًا.

الناشط الإعلامي حسين قنبس، الذي ينحدر من محافظة درعا، قال لعنب بلدي، إن التهديد بوجود التنظيم أو المجموعات المتطرفة ليست إلا “شماعة” يستخدمها النظام منذ اليوم الأول لحراك السوريين عام 2011.

وأشار الناشط إلى أن المجهولين الذين قتلوا القيادي السابق في فصائل المعارضة بمدينة جاسم كنان العيد، وقفوا في وسط مدينة جاسم ورددوا شعارات دينية لمدة خمس دقائق، دون الوضع بالحسبان وجود قوات النظام على مقربة من الموقع.

وحتى لحظة تحرير هذا الخبر، لم يُعلن التنظيم عن تبنيه لعملية استهداف القيادي السابق كنان العيد عبر معرفاته الرسمية.

ضابط منشق عن قوات النظام من أبناء محافظة درعا، ومطلع على السياق الميداني فيها، قال لعنب بلدي، إن النظام يسعى من خلال تبني تنظيم “الدولة” بعض حوادث الاغتيال لشرعنة حربه على المنطقة، التي لم توقفها سيطرته على الجنوب وتكرار “التسويات” فيها.

ويهدف النظام من خلال ظهور كبير للتنظيم في الجنوب السوري، إلى الضغط على الأردن الذي بات دائم الانزعاج من سلوك النظام في عمليات تهريب المخدرات إلى أراضيه.

كما يحاول إرسال إشارة لإسرائيل بإمكانية تحويل الجنوب السوري إلى منطقة مليئة بالرايات السود، ما قد يهدد أمنها، بحسب الضابط المنشق، الذي تحفظ على اسمه لأسباب أمنية.

وشكّك الضابط بحقيقة وجود التنظيم، أو حتى بقدرته على تنفيذ عمليات استهداف في مناطق أمنية تشهد وجودًا مكثفًا للنظام.

واعتبر أن الخلايا الأمنية الموجودة حاليًا على ساحة درعا، تأتمر وتموّل من ميليشيات إيرانية، بحسب تعبيره، حتى لو نفذت عمليات ضد النظام نفسه.

النظام يستغل نشاط تنظيم “الدولة”

بدأت قوات النظام السوري، مطلع تموز الحالي، بتحركات عسكرية في محيط مدينة جاسم، شملت تعزيزات لنقاطها العسكرية.

وأنذرت المزارعين ممن يملكون أراضي زراعية شمالي المدينة، بضرورة إخلاء مزارعهم بحجة انتشار خلايا تنظيم “الدولة” في المنطقة.

كما كثّفت من عمليات السطع والرصد بمحيط المدينة، وعززت الجهة الشمالية منها، في 7 من تموز الحالي، بدبابتين وعربة تحمل مضادًا جويًا وعددًا إضافيًا من العناصر.

قيادي سابق في فصائل المعارضة، قال لعنب بلدي، إن العميد لؤي العلي، رئيس فرع “الأمن العسكري”، هدد باقتحام مدينة جاسم في حال لم يقاتل أبناؤها خلايا التنظيم.

وتملك كل منطقة أو مدينة في درعا مجموعات محلية مقاتلة من بقايا فصائل المعارضة المسلحة، من حملة بطاقات “التسوية الأمنية”، ممن احتفظوا بأسلحتهم الفردية أو المتوسطة.

القيادي الذي تحفظت عنب بلدي على اسمه لأسباب أمنية، أشار إلى أن تبني التنظيم عمليات استهداف متفرقة في درعا، هو ذريعة جادة للنظام تخوّله حصار واقتحام المنطقة التي يريدها.

وأضاف أن فصائل المعارضة سابقًا عندما كانت تسيطر على مناطق واسعة من الجنوب السوري، كانت أول من حارب التنظيم بـ”كفاءة عالية” سواء في اللجاة أو في منطقة حوض اليرموك.

عمليات محدودة بمستوى منخفض

قلّل الباحث المختص في الجماعات “الجهادية” عبد الله الحاج من أهمية وجود التنظيم في درعا.

واعتبر الحاج أنه لو كانت خلايا التنظيم هي من نفذت بعض العمليات في درعا، فهي ليست بتلك الأهمية، كونها استهدفت أفرادًا في الصفوف الدنيا لقوات النظام وأجهزته الأمنية.

وأشار إلى أن وجود التنظيم في المحافظة إن لم يكن كبيرًا وذا تأثير بـ”عمليات نوعية تستهدف النظام ومناطق نفوذه”، فلن يكون له أي تأثير على مجريات الأحداث فيها.

كما أنه لن يتمكن من تغيير سياسات النظام واستراتيجيته الحالية التي يتبعها في درعا.

وأوضح الباحث أن عمليات التنظيم منخفضة في مستواها وتأثيرها، مقارنة بالعمليات التي يقوم بها في البادية السورية، الأمر الذي يحمل مؤشرات على أن “قدراته محدودة”، وأن شبكته السابقة في درعا التي كانت تتمثل بشكل رئيس ببقايا “جيش اليرموك” تآكلت تمامًا.

وكان فصيل “جيش اليرموك” في محافظة درعا يمثّل قبل عام 2018 أحد أعمدة تنظيم “الدولة” في درعا، وكان يتخذ من منطقة حوض اليرموك غربي المحافظة معقلًا له.

إلا أن عددًا من المعارك التي خاضها ضد فصائل المعارضة في درعا، تبعتها حملة النظام الأمنية التي شنها على الجنوب السوري عام 2018، أنهت من وجوده في المنطقة.

الباحث عبد الله الحاج لم ينفِ عمل التنظيم على إعادة بناء شبكة جديدة من المقاتلين الموالين له، كما لم يستبعد استغلال التنظيم حالة “السخط المتصاعد” في درعا، خصوصًا في مناطق “المصالحات” بعد عمليات الاغتيال والاعتقال الواسعة التي نفذتها قوات النظام في السنة الأخيرة، لأن البيئة التي تنتشر فيها الفوضى والسخط هي الأنسب لنموه، بحسب الحاج، إضافة إلى أن موقع درعا الاستراتيجي يمنح التنظيم أهمية على الحدود مع ثلاث دول (إسرائيل والأردن ولبنان) ولها حساسية خاصة، ما يجعله يوليها أهمية خاصة.

لكن في الوقت نفسه، لا يمكن تخطي فكرة أن وجود التنظيم في درعا مفيد للنظام الذي ينظم عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود، والتي باتت المصدر الرئيس لتمويله.

أولوية التنظيم في البادية

واعتبر الباحث عبد الله الحاج أن درعا “ليست في أولويات التنظيم” حاليًا، حيث يعمل اليوم على البقاء في مناطق البادية جنوب شرقي سوريا.

وتمثّل منطقة البادية للتنظيم، بحسب الباحث، “البيئة الطبيعية والاجتماعية المناسبة له”، كما أنها أكثر جدوى عسكريًا وسياسيًا له في الظروف الحالية.

واعتبر الحاج أن عمليات التنظيم تخدم أيديولوجيته، لكن يمكن للجميع أن يستغلها، وعلى رأسهم النظام السوري الذي سيحاول الاستفادة من هذه العمليات بأقصى ما يمكن.

لكن ذرائع النظام سواء بوجود التنظيم أو دونه موجودة، فالتهديد بالاقتحام لمدن وبلدات أخرى كان يجري طوال الفترة الماضية بذرائع مختلفة.

خلايا أمنية تابعة للنظام

مطلع أيار الماضي، شهدت محافظة درعا اشتباكات بين مجموعة تتبع لـ”اللواء الثامن” المحلي، ومجموعة تعمل لمصلحة “المخابرات الجوية” في بلدة صيدا بريف درعا الشرقي ناتجة عن مداهمة “اللواء” مقرات المجموعة التي اتهمها باستهداف قيادييه.

وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا حينها، أن اشتباكات شهدتها بلدة صيدا، في 4 من أيار الماضي، أسفرت عن مقتل نضال الشعابين وهو أحد قياديي المجموعة التابعة لـ”المخابرات”.

بدوره، نشر “تجمع أحرار حوران” المحلي الإعلامي، تسجيلًا مصوّرًا قال إنه من اعترافات أحد أفراد الخلية ممن اعتقلهم “اللواء الثامن” في بلدة صيدا.

واعترف بتلقيه ومجموعته دعمًا ماليًا وأسلحة من قبل أحد الضباط في “المخابرات الجوية” من المقربين من الميليشيات الإيرانية في درعا.

وتعيش محافظة درعا حالة من الفوضى الأمنية متمثلة بحوادث الاغتيال والخطف وعمليات السطو المسلح المتكررة منذ فرض “التسوية” عام 2018.

مقالات متعلقة

  1. درعا.. كيف تمددت "إمارة الدولة الإسلامية" في جاسم
  2. درعا.. إنهاء "خلايا التنظيم" لا يوقف الاغتيالات
  3. الأطفال.. "ضحايا المصادفة" في مسرح عمليات الاغتيال بدرعا
  4. إعلاميون في درعا يتحملون التهديدات الأمنية لنقل الواقع

سوريا

المزيد من سوريا