صدم اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، في أثناء حملته الانتخابية بمدينة نارا غربي اليابان، الجمعة 8 من تموز، العالم.
ترتبط اليابان بجرائم منخفضة نسبيًا، إذ تخضع الأسلحة في الدولة لرقابة مشددة، والعنف السياسي يكاد لا وجود له.
ويعيش شعب اليابان حالة من الصدمة بعد وفاة آبي، وهو السياسي الأكثر نفوذًا في البلاد في العقود الأخيرة، وجذبت سياسته المميزة (الأبينوميكس)، التي سعت إلى انتشال ثالث أكبر اقتصاد في العالم من عقود من الركود، اهتمامًا دوليًا أكثر مما هو مخصص عادة للقادة اليابانيين.
وعلى جبهة السياسة الخارجية، حظي دعمه لدور أكثر بروزًا للجيش الياباني لمواجهة التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية والصين الأكثر حزمًا بالثناء في واشنطن، وفقًا لصحيفة “الجارديان” البريطانية.
أظهرت اللقطات التي بثتها وسائل الإعلام اليابانية أن خطاب آبي توقف بفعل طلقتين صاخبتين ودخان، مع تعثر آبي على الأرض بعد الطلقة الثانية، وسرعان ما طُرِح المهاجم أرضًا.
قال طبيب في مؤتمر صحفي متلفز، إن آبي نزف حتى الموت من جرحين عميقين، أحدهما في الجانب الأيمن من رقبته.
https://twitter.com/NTarnopolsky/status/1545419970015789058?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1545419970015789058%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Foembed.vice.com%2FYR7aywo%3Fapp%3D1
ألقت الشرطة القبض على رجل يبلغ من العمر 41 عامًا في مكان الحادث، وقالت شبكة “فوجي” اليابانية، إنه عضو سابق في قوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية، لمدة ثلاث سنوات، واسمه تيتسويا ياماغامي، وهو عاطل عن العمل بعد أن ترك الخدمة عام 2005.
عقب الحادثة، شكّلت الشرطة فريق عمل من 90 شخصًا للتحقيق في الجريمة، وأكدت أن المشتبه به اعترف بإطلاق النار على رئيس الوزراء السابق بسلاح محلي الصنع.
وقال المشتبه به للشرطة، إنه يعتقد أن آبي كان جزءًا من “منظمة محددة”، لدى المشتبه به ضغينة ضدها، ولم تكشف الشرطة عن اسم المنظمة.
وكانت هذه أول عملية اغتيال لرئيس وزراء ياباني حالي أو سابق منذ أيام ما قبل الحرب العسكرية في ثلاثينيات القرن الماضي.
وزعمت الشرطة أنها صادرت عدة أسلحة محلية الصنع مماثلة لتلك التي استخدمت في الهجوم من خلال تفتيش منزل المشتبه به، ووصفت السلاح بأنه يبلغ طوله 40 سنتمترًا وارتفاعه 20 سنتمترًا، لكنها أشارت أيضًا إلى أنها كانت تتعامل معه بحذر بسبب احتمال حدوث تفجير.
وصف المسؤولون في اليابان والصحفيون وخبراء الأسلحة النارية، البندقية المستخدمة لقتل آبي بأنها “محلية الصنع”، ويشير هذا عادة إلى سلاح مطبوع ثلاثي الأبعاد، لكن السلاح المستخدم لقتل آبي بدا أكثر بدائية من ذلك.
تُظهر صور السلاح عبوة بدائية ملفوفة بشريط كهربائي أسود، موصلة بقطعة من الخشب عليها أنبوبان معدنيان (على الأرجح أنبوب متوفر تجاريًا)، أُحكم إغلاقهما من الخلف باستخدام أغطية طرفية ملولبة، وظهرت المكوّنات الإلكترونية أسفل الأسطوانات.
استنادًا إلى الترتيب العام للسلاح الناري وتصميمه وجودة بنائه الظاهرة، فمن المحتمل أنه كان تصميمًا أملس التجويف، أي لم تُفجر الأنابيب، وأُطلقت الذخيرة تحت ضغط منخفض نسبيًا.
وتشير أعمدة الدخان الكبيرة المتولدة عند إطلاق السلاح إلى أنه لا يستخدم وقودًا تجاريًا للذخيرة الصغيرة (مسحوق عديم الدخان)، وقد يستخدم بدلًا من ذلك البارود أو مادة دافعة بديلة.
يجعل هذا استخدام الذخيرة “ذات التحميل المنفصل” أي الوقود الدافع والقذيفة التي يتم تحميلها بشكل منفصل في السلاح أكثر احتمالًا، بالإضافة إلى زيادة احتمال أن يكون السلاح عبارة عن تصميم تحميل كمامة، أي محملة من التجويف (مقدمة الأنبوب)، بدلًا من مؤخرة الأنبوب للسلاح الناري.
هذا تصميم شائع للبنادق البسيطة المصنوعة يدويًا، التي تسمى “بنادق الصيد”، وأشار العديد من المراقبين إلى أن هذا هو نوع السلاح المستخدم في الهجوم على آبي.
من المحتمل أن المهاجم استخدم أنابيب سباكة حديدية وأطرافًا نهائية مماثلة لتلك المستخدمة في الأسلحة النارية المصنوعة يدويًا والتي تحتوي على ذخيرة بندقية تقليدية.
ويستخدم السلاح آلية إطلاق كهربائية، إذ تُظهر صور السلاح الناري أن سلكًا كهربائيًا يمر عبر كل طرف، وتربط آلية الزناد هذه الأسلاك بحزمتين من البطاريات.
يُعد السلاح عبارة عن مسدس كلاسيكي محلي الصنع أو “مسدس مضغوط”، صُنع باستخدام مواد أساسية متاحة لأي شخص تقريبًا، خارج مساحة البندقية المطبوعة الثلاثية الأبعاد، وهي حرفة وهواية كاملة مخصصة لصنع البنادق المرتجلة.
ينشر الكثير في أمريكا عن الهواية على موقع “يوتيوب”، بعضها متقنة وتستخدم أجزاء آلية، والبعض الآخر بدائي مثل انزلاق أنبوبين معًا لإطلاق قذيفة بندقية.
لطالما طبقت اليابان قوانين صارمة لتحديد الأسلحة، ويُحظر على المدنيين حيازة المسدسات والبنادق في معظم الظروف، بموجب القانون الياباني الحالي، وتُنظم بنادق الصيد بإحكام.
يشير أحدث تقدير عام 2019، إلى أنه لا يوجد سوى 132 ألفًا و127 بندقية في أيدي القطاع الخاص، وهو أدنى معدل لملكية الأسلحة النارية للفرد في اليابان.
ويتطلّب امتلاك سلاح في اليابان مجموعة من الفحوصات الأساسية، والمقابلات مع أفراد الأسرة، وتصريحًا من قبل طبيب، ويتعيّن على مالكي الأسلحة المحتملين اجتياز اختبار سلامة الأسلحة النارية وشراء خزانة خاصة للسلاح، وفقًا لمجلة “MOTHER BOARD” الكندية الأمريكية.
على غرار معظم مستخدمي الأسلحة النارية المنتجة يدويًا في جميع أنحاء العالم، من المرجح أن قاتل آبي صنع سلاحه الناري لأنه لم يتمكن من الوصول إلى سلاح منتج صناعيًا.
وتزيد الرقابة الصارمة على الخراطيش التقليدية في اليابان، من احتمالية اختيار المهاجم للذخيرة ذات التحميل المنفصل لتجنب هذه القيود القانونية، وفقًا لمنظمة “أرمامينت ريسيرش“.
حقيقة أن آبي قُتل بسلاح ناري مصنوع يدويًا في بلد مع قيود صارمة على الأسلحة النارية مثل اليابان، يسلّط الضوء على الحقيقة الدائمة المتمثلة في أن الأفراد العازمين لا يزالون قادرين على إنتاج سلاح ناري فتاك في ظل أي ظروف قانونية وثقافية تقريبًا.
–