طرقات إدلب تحت رحمة أطفال “شوفيرية” وغياب القوانين
وسط غياب شبه تام للالتزام بأنظمة وقوانين المرور، تعاني محافظة إدلب من وجود عدد كبير من سائقي السيارات والمركبات الذين لم يمارسوا القيادة تحت أنظمة مرورية سليمة، ولم يخضعوا لاختبارات القيادة أو يحصلوا على شهادات تؤهلهم لممارستها.
سامي صطوف (49 عامًا) يعمل سائقًا لسيارة أجرة (تاكسي) منذ أكثر من 25 عامًا، وهو مهجر مقيم في إدلب، قال لعنب بلدي، إن مصطلح “سائق الثورة” انتشر للدلالة على الذين تعلموا قيادة السيارات بعد اندلاع الثورة السورية، ويقودون السيارات والدراجات النارية دون أدنى معرفة بالأنظمة المرورية العالمية التي تجب مراعاتها.
وأضاف سامي أن أعدادًا كبيرة من شباب اليوم كانوا دون سن الـ18 قبل عام 2011، وهي السن القانونية للخضوع لاختبارات القيادة والحصول على شهادات القيادة، لذلك نجد أعدادًا كبيرة منهم وإن كانوا يتقنون قيادة المركبات والسيارات، إلا أنهم يجهلون نظم السير والمرور.
محمد الجابر (31 عامًا) يعمل سائقًا ويقيم في إدلب، قال إن عددًا كبيرًا من السائقين تعلموا القيادة في ظروف استثنائية، واعتادوا سلوك طرق زراعية غير مجهزة وليست مخدّمة بشكل سليم، وغالبًا ما تكون خالية من المارة، إضافة إلى رداءة الطرقات بسبب الحرب المستمرة منذ 11 عامًا.
يضاف إلى ذلك غياب قوانين المرور، وقيادة أطفال للسيارات والدراجات النارية دون وعي في مناطق ذات كثافة سكانية عالية جدًا لا سيما في فترات الأعياد والمناسبات، فضلًا عن السرعة الزائدة داخل وخارج المدن، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة الحوادث.
30 حادثًا خلال عيد الأضحى
وكان “الدفاع المدني” أعلن عن حصيلة حوادث السير التي استجابت لها فرقه خلال فترة عيد الأضحى، وبلغت حصيلة الحوادث 30 حادث سير أدت إلى وفاة ثلاثة رجال، وبلغ عدد الإصابات 52 إصابة، منها 15 طفلًا و11 امرأة.
وعن أسباب الحوادث، قال محمد الرجب، وهو متطوع في “الدفاع المدني السوري”، لعنب بلدي، إن ارتفاع درجات الحرارة، ورداءة الطرقات وضيقها، وعدم الالتزام بقواعد السير والسرعة، وقلة الوعي لدى المدنيين، كلها أسباب لارتفاع أعداد حوادث السير في مناطق شمال غربي سوريا.
وتابع محمد أن نسبة الحوادث المرورية في الفترة الأخيرة ارتفعت بشكل ملحوظ بسبب عدم مراعاة السائقين لقواعد السلامة المرورية، وبسبب السرعات الزائدة على الطرقات، التي هي بالأصل متضررة بشكل كبير بسبب القصف خلال السنوات الماضية.
كما كان لكثرة المركبات وضيق المساحة الجغرافية التي تكتظ بالسكان، والانتشار الكبير للدراجات النارية وقيادتها من قبل الأطفال، دور كبير في هذه الزيادة، على حد تعبير المتطوع في “الدفاع المدني” محمد الرجب.
ونوه محمد إلى ضرورة مراعاة المارة لأهمية تفقد حالة الطريق قبل العبور بحيث يكون خاليًا من السيارات أو الدراجات النارية، أو أن تكون هذه المركبات بعيدة بمسافة آمنة للعبور للحد من الحوادث.
واستجابت فرق “الدفاع المدني” منذ بداية هذا العام الحالي لأكثر من 600 حادث سير في شمال غربي سوريا، أدت إلى وفاة أكثر من 24 شخصًا بينهم نساء وأطفال، فيما تم إسعاف أكثر من 590 شخصًا إلى النقاط الطبية والمستشفيات.
لا استجابة للتوعية بالأنظمة المرورية
وعن استجابة الأهالي لحملات التوعية التي أطلقتها فرق “الدفاع المدني”، قال محمد الرجب، إنه ورغم كل حملات التوعية سواء بجولات الفرق أو عن طريق بعض الشاخصات الموزعة على الطرقات، والتي تحث على تخفيف السرعة والانضباط بمسارات السير على الطريق، “نجد الأطفال يقودون السيارات والدراجات النارية وبسرعات كبيرة، ودون وعي أو انتباه لأي إشارة تحذيرية للحد من السرعة أو الانتباه للمنعطفات والمطبات على الطرقات”.
وبحسب المتطوع، تعمل فرق “الدفاع المدني السوري” على تجهيز إشارات تحذيرية وممرات للمشاة في الطرق الرئيسة، وإصلاح بعض الطرقات بهدف الحد من حوادث السير، للحفاظ على سلامة وحياة السكان، وتحسين الواقع الخدمي للطرقات،عبر تعبيدها وإصلاح الأعطال والحفر فيها.
وينصح “الدفاع المدني” باتباع الإرشادات والإجراءات العامة للقيادة، والقيام بها على أكمل وجه، وعدم التقصير بها، وهي عدم الإسراع في أثناء القيادة، وتجنب استخدام الهاتف، وعدم الانشغال بالمشروبات والمأكولات خلالها، والمحافظة على وجود مسافة بين المركبة وغيرها من المركبات الأخرى، بالإضافة إلى ضرورة وجود جهة تضبط قيادة السيارات وأوزانها والسرعات وقوانين المرور، ويكون فرضها إلزاميًا، وتمنع الأطفال من قيادة الدراجات النارية أو السيارات.
وتؤدي قوانين المرور لضبط السير على الطرقات وعدم تسليم السيارات والدراجات النارية للأطفال، وضبط المخالفين ومعاقبتهم، ما يؤدي إلى حفظ السلامة العامة في المجتمع.
قوانين المرور حاجة ملحة
المحامي محمد السلامة المقيم في مدينة إدلب، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن إدلب عانت سابقًا من إفلات مرتكبي حوادث السير من العقاب، لكن تسجيل السيارات والمركبات أدى بشكل كبير إلى حفظ الحقوق ومحاسبة مرتكبي الحوادث، إلا أن ذلك وحده لا يكفي.
وأضاف أن هنالك حاجة ماسة لنظم سير معلَنة ومتكاملة، تبدأ بالدرجة الأولى من اختبار السائق قبل تمكينه من القيادة، فعدد كبير من الآباء يعلمون أبناءهم تحريك المركبات بشكل سليم، إلا أنهم لا يعلمونهم قواعد المرور والالتزام بإجراءات السلامة.
كما أن هناك حاجة إلى العمل على تحسين جودة الطرقات وضبطها وتزويدها بإرشادات المرور السليمة، كإشارات السرعة والعبور والانعطاف وغيرها من الإشارات التي تنظم السير على الطرقات، وتنتهي بوضع نظام مخالفات فعال وموضوعي يؤدي إلى زجر المتهاونين والمخالفين.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :