ضعف الخبرة و”المحسوبية” يقصيان خريجي إدلب عن سوق العمل
إدلب- أنس خولي
يبحث سامر العبد الله (24 عامًا)، خريج كلية الاقتصاد، عبر المواقع الإلكترونية وقنوات “تلجرام” عن فرصة للعمل في مجال يوافق تخصصه الدراسي، أو حتى عن تدريب عملي يناسبه، لدى إحدى المنظمات الإنسانية في الشمال السوري.
يعيش سامر في مدينة إدلب (شمال غربي سوريا) معزولًا عن مجتمعه، خوفًا من أسئلة المحيطين، المتعلقة بعمله وطموحاته بعد التخرج، ويقضي ساعات يومه في متابعة المواقع المخصصة للإعلان عن الوظائف وفرص العمل، لكنه وصل إلى مرحلة اليأس من إيجاد الفرصة المناسبة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، يعاني عدد من الشباب في محافظة إدلب، لا سيما خريجي الجامعات الجدد، من انتشار البطالة، وغياب فرص العمل المناسبة، أو حتى العمل التطوعي غير المأجور الذي يساعدهم على كسب الخبرة لتزيد فرصة حصولهم على عمل مستقبلًا.
ونتيجة لهذا الواقع، اضطر عدد من الشباب إلى التخلي عن طموحهم في الحصول على العمل المناسب لتخصصهم الدراسي، متجهين نحو ما يتوفر من الأعمال، بغض النظر عن مدى تناسبها مع تخصصهم.
فراس محمد (25 عامًا)، مهجر يقيم في مدينة إدلب، تخرج في كلية إدارة الأعمال منذ سنتين، لكنه لم يجد فرصة عمل تناسب تخصصه حتى الآن، بحسب ما قاله لعنب بلدي، ما اضطره إلى العمل في محل لبيع الملابس يملكه والده في المدينة.
الخبرة تفرض العمل التطوعي
غالبًا ما تصطدم أحلام الخريجين الجدد لدى تقدمهم للوظائف وفرص العمل، بشرط الخبرة، لذا يتجه معظمهم للبحث عن الأعمال التطوعية لمحاولة كسب الخبرات المطلوبة.
سالم مصطفى (27 عامًا)، خريج كلية العلوم السياسية، يقيم في إدلب، قال إن أغلب فرص العمل المتعلقة بمجاله، تتطلّب الخبرة والعمل في نفس المجال لمدة معيّنة، ما يمنع الخريجين الجدد من التقدّم لهذه الفرص.
من جهتها، اعتبرت حنين حسين (25 عامًا)، خريجة علم الاجتماع، مهجرة تقيم في إدلب، أن معظم المؤسسات لا تتواصل مع الخريجين الجدد الذين لا يملكون خبرة عمل كافية وترفض توظيفهم، مضيفة لعنب بلدي، أن الخريجين باتوا يبحثون عن الأعمال التطوعية، لكسب الخبرة، أكثر مما يبحثون عن عمل.
الواسطات والمحسوبيات عائق إضافي
يعتقد عدد من خريجي الجامعات ممن قابلتهم عنب بلدي، أن الحصول على وظيفة في مجال تخصصهم يعتمد بشكل أساسي على الواسطة والمحسوبيات، وذلك بسبب الأعداد الهائلة من المتقدمين لهذه الوظائف، ممن يحملون شهادات جامعية، وخبرات عالية، مقارنة بفرص العمل المعلن عنها في المنطقة.
وبحسب دراسة أجراها الباحث محمد أحمد خليل، نُشرت عبر موقع “المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية” في شباط 2021، حول واقع التعليم العالي في الشمال السوري تكررت إجابات الخريجين ضمن استبانة الدراسة، أن سبب عدم حصول الخريجين على فرص عمل يرتبط بالاعتماد على الواسطة والمحسوبيات لدى كثير من المؤسسات، ما يعرقل قدرة حصول الخريج الكفء على وظيفة باختصاصه.
حسام العيد (27 عامًا)، طالب ماجستير في الاقتصاد، يقيم في إدلب، يتابع الدراسات العليا بعد يأسه من إيجاد فرصة عمل، قال لعنب بلدي، إن فرص العمل المعروضة قليلة نسبيًا، ولا تتناسب مع أعداد الخريجين “الهائلة”، مضيفًا أن بعض المؤسسات والمنظمات لا تعترف بالشهادات الصادرة عن الجامعات في الشمال السوري.
واعتبر حسام أن المحسوبيات والواسطات تلعب دورًا كبيرًا في اختيار الموظفين، وغالبًا ما تكون مقابلات العمل “شكلية”، بحسب تعبيره.
الأمر الذي أكدته دعاء العلي (23 عامًا)، خريجة معهد حاسوب، تقيم في إدلب، إذ قالت، “نرى عددًا كبيرًا من الموظفين في المؤسسات والمنظمات، يعملون في مجالات لا تتناسب أبدًا مع تخصصاتهم العلمية، وذلك يثير العديد من التساؤلات، وكيف وصلوا إلى هذه الوظائف”.
مشاريع خاصة تحتاج إلى التمويل
في ظل ظروف العمل والتوظيف هذه، يطمح عدد من الخريجين الجدد، ممن قابلتهم عنب بلدي، إلى امتلاك مشروعهم الخاص، بدلًا من البحث عن وظيفة.
إلا أن هذه المشاريع تحتاج إلى رأسمال لا يمتلكه الكثير من الخريجين، ما يجعلهم مضطرين للبحث عن تمويل لها، ضمن برامج الدعم التي تطلقها المنظمات الإنسانية لتمويل المشاريع الصغيرة.
صدام العبد الله (29 عامًا)، طالب هندسة زراعية سنة خامسة، أنشأ مشروعه الزراعي الخاص في منطقة حزانو، قال لعنب بلدي، إن العمل الحر في الأحوال والظروف الحالية أفضل بكثير من البحث عن وظيفة، إلا أن التمويل المالي ضروري لإطلاق المشروع.
أما عبد الحميد سالم (25 عامًا)، خريج كلية التربية، يقيم في إدلب، فقال، إن البحث عن التدريبات التي تجريها المنظمات ومراكز التدريب والأعمال التطوعية لدى المنظمات والفرق التطوعية، أجدى من البحث عن الوظائف في السنوات الأولى من التخرج، والتدريبات تؤدي لاكتساب الخبرة المناسبة لفرص العمل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :