التضخم يعيد ترتيب أولويات اللاجئين السوريين في تركيا

  • 2022/07/13
  • 3:24 م
بازار الأربعاء في منطقة الفاتح في ولاية إسطنبول التركية - 26 كانون الأول 2018 ( عنب بلدي / عبد المعين حمص )

بازار الأربعاء في منطقة الفاتح في ولاية إسطنبول التركية - 26 كانون الأول 2018 ( عنب بلدي / عبد المعين حمص )

“إذا بدي أقطع تذكرة لحتى أسافر وأقضي العيد مع أهلي، بدي قضي الشهر كله بلا مصروف”، بهذه الكلمات عبرت زينة عن استيائها من ارتفاع أسعار تذاكر السفر برًا وجوًا بين الولايات التركية.

تشهد الأسواق التركية ارتفاعًا في مستوى الأسعار بمختلف مجالات الحياة، وهو ما ينعكس في زيادة مؤشر التضخم السنوي في تركيا.

يؤثر الغلاء على معيشة السوريين في تركيا، مع ارتفاع إيجارات المنازل وانخفاض الدخل الشهري وأجور العمال اليومية وقلة فرص العمل.

ورغم إعلان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 1 من تموز الحالي، عن زيادة الحد الأدنى للأجور من أربعة آلاف و250 ليرة تركية إلى خمسة آلاف و500 ليرة، يبقى غير متناسب مع حد الجوع والفقر للفرد الواحد.

زينة بوجاكلي (25 عامًا)، لاجئة سورية حصلت على الجنسية التركية، قالت لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار التذاكر حال بينها وبين قضائها أيام عيد الأضحى برفقة عائلتها.

“أنا أسكن في اسطنبول لوحدي، وأمضي أيام السنة بعيدة عن أهلي في عملي، بانتظار أيام العطل الرسمية والمناسبات لاقتناص فرصة الاجتماع بهم جميعًا”، قالت زينة، وهي تعمل في مكتب لترجمة الوثائق الرسمية بولاية اسطنبول بعيدًا عن عائلتها التي تسكن في ولاية هاتاي، مؤكدة أنها كانت تنتظر عطلة العيد لتجتمع بهم وبأصدقائها.

“عندما أُقرت عطلة العيد لمدة تسعة أيام، هممت بحجز تذكرة طيران للسفر إلى عائلتي، لأُصدم بغلاء الأسعار”، تابعت زينة واصفة الأسعار بـ”الملتهبة”.

وكان الرئيس التركي أعلن أن عطلة عيد الأضحى ستستمر تسعة أيام، تبدأ في 9 من تموز الحالي وتنتهي في 17 من الشهر نفسه، وتشمل العطلة الرسمية موظفي الدولة فقط، إذ إن القطاع الخاص في تركيا لا يتبع أيام عطل الدولة.

تذكرة طيران بنصف الراتب

“كان علي أن أختار بين أن أحصل على تذكرة طيران ذهابًا وإيابًا، والتي كان سعرها 2000 ليرة تركية عندما تصفحت مواقع الحجز، أو أن أمضي العيد وحيدة في اسطنبول كباقي أيام السنة”، أضافت زينة، مشيرة إلى أن أسعار التذاكر تشكّل نحو نصف مرتبها الشهري، الذي يبلغ أربعة آلاف و253 ليرة تركية، حيث إن الزيادة على المرتب تبدأ بعد شهر من إعلان الزيادة.

أما بالنسبة للسفر برًا بحافلات النقل، فقالت زينة، “هو خيار لا أستطيع أن آخذ به، فمدة الرحلة بين اسطنبول وهاتاي تستغرق حوالي الـ19 ساعة، بالإضافة إلى أن أسعار تذاكر الحافلات ليست بالقليلة أيضًا”، لافتة إلى أنها كانت تشتري سابقًا تذكرة الطائرة بسعر تذكرة الحافلة حاليًا.

وكانت غرفة تجارة اسطنبول (İTO) أعلنت، في 2 من تموز الحالي، عن أن أسعار تذاكر الحافلات هي أكثر منتج شهد ارتفاعًا مقارنة بشهر حزيران الماضي، حيث زادت الأسعار بنسبة 33%.

ارتفاع أسعار الحلويات

“الموضوع ما بيقتصر على شراء التذاكر، أكيد ما راح روح وإيدي فاضية، لأني ما بشوفهم إلا بالمناسبات، طيب وإذا بدي أشتري هدايا أو حلويات للعيد، فأنا راح حط مصروفي الشهري اللي ضل من راتبي على كم شغلة، لأنه أسعار الحلو صايرة ما تتقارب”، أبدت زينة امتعاضها من رفع المحال السورية أسعار الحلويات بشكل كبير.

محل حلويات في شارع الأمنيات بمنطقة الفاتح بولاية اسطنبول التركية- 30 من أيار 2022 (عنب بلدي/ عبد المعين حمص)

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، حول أسعار الحلويات من أبرز المحال السورية في اسطنبول، يبلغ سعر علبة “النواشف” التي تحتوي على “معمول التمر” وأقراص “البرازق” بالإضافة إلى “الغريبة” نحو 250 ليرة تركية، بينما تراوحت أسعار علبة “الحلو العربي المشكّل” بين الـ400 و440 للكيلو الواحد.

“وهذا كله ولسا ما دفعت أجار غرفتي بالسكن، ولا حسبت أجرة المواصلات، ولا مصروف الأكل، وحتى إني ما عم جيب سيرة أسعار الملابس”، قالت زينة إنها تواجه صعوبة في الموازنة بين احتياجاتها اليومية ومرتبها الشهري الذي لا يتناسب مع متطلبات الحياة في اسطنبول.

وكان اتحاد نقابة العمال في تركيا أعلن، في 28 من حزيران الماضي، عن نتائج مؤشر حد الفقر والجوع، في الشهر نفسه، إذ ارتفع التفاوت بين حد الجوع والحد الأدنى للأجور لعائلة مكوّنة من أربعة أشخاص بنحو ألفين و173 ليرة تركية للشهر السادس على التوالي، وفق بيان للاتحاد في موقعه الرسمي.

ووفقًا لأبحاث النقابة، تم حساب تكلفة المعيشة للفرد الواحد العامل، وقُدّرت بحوالي ثمانية آلاف و313 ليرة تركية، وهو ما يعادل حوالي ضعف الراتب الشهري.

التضخم الأعلى منذ 24 عامًا

وشكّلت مصاريف الطعام لموظف يتقاضى أربعة آلاف و253 ليرة تركية، وهو الحد الأدنى للأجور آنذاك، نسبة بنحو 45% من راتبه الشهري.

وارتفعت أسعار أغلب المواد الغذائية بنسبة تراوحت بين الـ13 و27% مقارنة بشهر حزيران الماضي، وفق ما أعلنته غرفة تجارة اسطنبول.

أحد المحال الغذائية السورية في شارع الأمنيات بمنطقة الفاتح بولاية اسطنبول التركية- 30 من أيار 2022 (عنب بلدي/ عبد المعين حمص)

واقترب مؤشر التضخم السنوي في تركيا إلى نحو 80% مسجلًا بذلك أعلى نسبة وصل إليها منذ حوالي 24 عامًا.

وبحسب ما أعلنت عنه “هيئة الإحصاء التركية”، فإن التضخم السنوي وصل إلى 78.62%.

وجاء في بيان لـ”الهيئة”، في 4 من تموز الحالي، أن مؤشر التضخم (أسعار المستهلك) في حزيران الماضي ارتفع بنسبة وصلت إلى 4.95% على أساس شهري.

وفي 23 من حزيران الماضي، ثبّت المصرف المركزي في تركيا سعر الفائدة عند 14% على عمليات إعادة الشراء (الريبو) لأجل أسبوع، للمرة السادسة خلال 2022.

وتشهد الليرة التركية اضطرابات مستمرة بانخفاض قيمتها أمام الدولار، حيث بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 17.20 ليرة تركية اليوم، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.

مقالات متعلقة

حياة اللاجئين

المزيد من حياة اللاجئين