خيري الذهبي.. توأم سوريا بكل خيباتها وفرحها
“ولدت في السنة التي وُلدت فيها سوريا كبلد مستقل جديد، ناصع، تحت مسمى (الجمهورية السورية)، لذلك فإن سيرتي الشخصية تتقاطع مع سيرة الجمهورية الجديدة، بكل خيباتها وفرحها القليل واضطرابها وسكونها، ولذلك أشعر بالفعل بأنني إن لم أكن شاهدًا على مسيرة هذا البلد فأنا على الأقل في حالة توأمة مع هذا البلد الذي ولدت في قلبه وفي عاصمته التي تنافرت وتجاذبت وتخاصمت وتصالحت مع كل الدول حولها”.
هكذا عبّر الكاتب والروائي السوري خيري الذهبي، في إحدى لقاءاته الصحفية، عن سيرته الذاتية، التي لم تكن حياته فيها إلا “مرآة لما يحصل” داخل البلد التي ينتظر المجهول.
وبما أن الذهبي والجمهورية توأمان، بحسب تعبيره، فقد كان في داخله دومًا حافز أساسي يدفعه إلى الكتابة والإحاطة بها، “كمن يكتب مذكرات شخصية عن شخص عرفه عن قرب، بعثراته وتلعثمه وعقوق أولاده وصلاح الآخرين منهم، عن أحلامها وأحلامي، عن جمالها وتأملي بها، لذلك فأنا أشعر بأنني عشت لأكتب عنها”.
كان الذهبي، الذي توفي في 4 من تموز الحالي، يرى دمشق بعين العاشق، وكتب عنها في روايته “الإصبع السادسة”، التي سرد من خلالها تاريخ الشام وحاراتها ولامس حاضرها الغارق في الدماء.
الرواية هي التاريخ
لا تكاد رواية من روايات الذهبي تخلو من اشتغال تاريخي أو أبعاد تاريخية، “ولو راجعت كل الروايات التي كتبت، فسترى أنها التاريخ، تاريخ ما حدث (…) كل الروايات هي (التاريخ)، فأنت إما تكون مخلصًا للفن فتخون التاريخ، وإما أن تخلص للتاريخ فتخون الفن، ولذا فليس هناك من رواية ليست (التاريخ)”، وفق ما عبّر عنه الروائي في لقاء صحفي آخر.
تهدف الرواية في الغالب، بحسب الذهبي، إلى تصوير قصص وتفاصيل حدثت في الماضي، بأسلوب روائي سائغ مبني على معطيات التاريخ.
وللرواية التاريخية شروط عدة بحسب الروائي الذهبي، “من أهمها أن تكون ملتزمًا بالحادثة التاريخية، فتصبح عبدًا لما حدث وما حدث ملك للجميع يستطيع أي قارئ أن يكتشف مغالطتك فيه، ولو كان ذلك لدوافع فنية، فيتوقف، ليقول لك بصوت جارح: توقّف فقد أخطأت. وبذا تسقط فنّيتك”.
ما جرى “أمر طبيعي”
برأي الروائي الذهبي، فإن ما جرى في سوريا خلال الـ11 عامًا الماضية، هو “أمر طبيعي”، حيث كان الجميع يتوقع حدوثه حتى النظام الذي كان يضع خططًا للتعامل مع ما سيجري، ففي قوانين الفيزياء كل فعل له ردة فعل، تساويه في المقدار وتعاكسه في الاتجاه، وهذا بالضبط ما حصل نتيجة سنوات طويلة من تحديد حرية حركة المجتمع وضغط الشباب والبطالة، لكنه بالطبع لم يكن يدرك التوقيت.
والصراع في سوريا بشكل أساسي هو صراع سياسي، وفق الذهبي، بين القوى السياسية المتجاذبة، بين الشعب والسلطة، الشعب الذي يطلب الديمقراطية، ويطالب بإشراكه في الحكم وقيادة بلاده، فيما تُصر السلطة على الاستفراد في حكم البلاد، ومن جهة أخرى.
أما العطب الأساسي المسؤول عن المأساة السورية، فهو “محاولة إقصاء الشعب عن قيادة مجتمعه”، وفق الذهبي، إذ “لا يمكنك أن تكذب على الناس طوال الوقت وتقنعهم بأنك تمثلهم وتمثل مصالحهم، وهم يشاهدون فقرهم وتكدس الثروة بأيدي البعض، ولا يمكنك أن تقنع الناس بأن قرارات وزارات غير منتخبة هي في صالحهم، وهم يشاهدون كل ما لا يروقهم يقود حياتهم”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :