تفكيك “الركبان” هدف للنظام.. الأردن شريك بالضغط

camera iconنازحة سورية تسير مع طفل تحت المطر في مخيم "الركبان"- 1 من آذار 2017(AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- حليم محمد

وسط الحصار الذي يفرضه النظام السوري وحليفه الروسي على مخيم “الركبان”، على الحدود السورية- الأردنية، وغياب المساعدات الأممية، إلى جانب إغلاق الأردن أبوابه في وجه أهالي المخيم، تعاني عشرات العائلات، بشكل مستمر، نقص الغذاء والماء والرعاية الطبية.

وخلال الأشهر الماضية، أغلق النظام السوري جميع الطرق المؤدية إلى المخيم، لمنع دخول الشاحنات المحمّلة بالطعام، ما أسفر عن نفاد معظم المواد الغذائية ومعظم أنواع الأدوية، تزامنًا مع استمرار الضغط الأردني من خلال منع دخول المساعدات عبر أراضيها.

أوضاع “مزرية”

“الأكل مو شبعانينه، الحصول على الماء يتطلب عناء، وإذا بتشوف ابنك عم بموت قدامك بتوقف عاجز”، هذا ما قاله خالد (35 عامًا)، تحفّظ على ذكر اسمه لأسباب امنية، واصفًا الحال التي يعيشها إلى جانب عشرات العائلات في مخيم “الركبان”.

“إذا كنا محظوظين مناكل وجبتين باليوم”، تابع خالد، مشيرًا إلى أن الحياة في المخيم صارت أشبه “بالسجن”، في ظل غياب المواد التموينية وغلاء أسعارها إن توفرت.

من جهته، قال الناشط الإعلامي عمر الحمصي لعنب بلدي، إن رفوف المتاجر الغذائية أصبحت فارغة، وفقدت الصيدليات حوالي 90% من الأدوية الأساسية، ما أجبر الأهالي على تقاسم العلاج.

ويتحكم بدخول المواد الغذائية والأدوية “مهربون” على علاقة مع حواجز النظام، بحسب ما قاله الحمصي لعنب بلدي، مشيرًا إلى أن مضاعفة الأسعار في مناطق سيطرة النظام، فرضت أعباء مالية أكبر على أهالي المخيم.

رئيس المجلس المحلي الموحد في مخيم “الركبان”، قال لعنب بلدي، إن مهمة المجلس هي الإشراف على جميع الخدمات المقدمة للمدنيين بالمخيم، ولكن انعدام التمويل وغياب المنظمات يرهق إدارة المجلس ويجعله يقف عاجزًا عن تقديم الخدمات.

وأضاف رئيس المجلس، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن إدخال مساعدات أممية هو الحل الوحيد لكسر الحصار عن المخيم.

وتقدم بعض الجمعيات الخيرية، مثل “البيت التدمري”، الخبز للمخيم، لكنّ الكميات لا تكفي، وفق ما قاله رئيس المجلس، قائلًا، “الرمد أفضل من العمى”.

ويعتمد المخيم في مجال التعليم على جهود تطوعية، عبر تقديم دروس للمرحلة الابتدائية فقط.

ومنذ سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية عام 2018، لم تدخل المساعدات إلى المخيم سوى مرتين، آخرهما قوافل محمّلة بالطحين والأرز والغاز والسكر والزيت، دخلت في 9 من حزيران الماضي، بدعم من قوات “مغاوير الثورة” المدعومة من قوات التحالف الدولي.

يأتي ذلك بعد دخول قافلة مساعدات أممية في أيلول 2019، بإشراف “الهلال الأحمر السوري”، قادمة من الأراضي السورية.

ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد قاطني المخيم، إذ قال رئيس مجلس البادية السورية، ماهر العلي، إن عدد السكان لا يتجاوز 3500 شخص، بينما وثّق ناشطون في المخيم وجود 8000 نسمة حتى نيسان الماضي.

في المقابل، قال وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، في حديثه للتلفزيون السوري، إن عدد المقيمين بالمخيم تراجع من 40 ألفًا إلى 12 ألفًا.

“الركبان” بعيون روسيا والنظام

منذ نهاية عام 2018، سيطرت قوات النظام السوري على المنطقة الجنوبية من درعا حتى الحدود مع الجولان السوري، ولم يبقَ خارج سيطرتها سوى “منطقة 55″، وهي المساحة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة متمثلة بقاعدة “التنف”، ويقع مخيم “الركبان” ضمن تلك المنطقة.

وتضم القاعدة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وفصيل “مغاوير الثورة” أحد فصائل المعارضة السورية.

سياسة الحصار التي يفرضها النظام على المخيم أجبرت آلاف الأشخاص على العودة إلى مناطق سيطرته منذ عام 2019، خاصة بعد أن أغلق الأردن حدوده بشكل كامل، ما اعتبره النظام إنجازًا يتحدث عنه عبر وسائل الإعلام الموالية.

الصحفي والخبير في الشأن الروسي رائد جبر، قال لعنب بلدي، إن موسكو تعتبر مخيم “الركبان” جزءًا من المنظومة التي تستخدمها الولايات المتحدة لدعم وتدريب “الإرهابيين”.

وتنطلق موسكو من عدم الاعتراف بوجود المدنيين داخل المخيم، مدعية أن من يعيش ضمن المخيم هم مجموعات من “الإرهابيين” برفقة عائلاتهم، لاستمرار فرض الحصار على المخيم، وفق ما قاله جبر.

وأضاف أن سياسة موسكو تستهدف بالدرجة الأولى وجود الولايات المتحدة، إذ ترى موسكو أن أي نشاط للولايات المتحدة هو نشاط “غير شرعي”.

كما يواصل النظام السوري الإعلان بأن المخيم مقر لتجنيد “الإرهابيين”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تحبط محاولات خروج عائلات المدنيين من المخيم.

ودأبت القيادة الروسية على تفكيك المخيم، إذ أعلنت في أيلول 2019 عن البدء بتفكيكه، ونقل ساكنيه باتجاه مناطق النظام، وحددت مهلة شهر لإفراغ المخيم عبر حافلات بإشراف الأمم المتحدة و”الهلال الأحمر السوري”، ولكن الإدارة الروسية فشلت في تفكيكه بشكل كامل .

“الركبان مصدر صداع للأردن”

خفّضت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) كمية المياه الموردة إلى المخيم، تحت إشراف منظمة “عالم أفضل”، في 26 من أيار الماضي، تزامنًا مع تشديد الحصار على المخيم من قبل النظام.

وقال مدير منظمة “عالم أفضل”، عرّف عن نفسه باسمه الأول “آدم” لأسباب أمنية، لـ”شبكة الركبان الإعلامية”، إن المخصصات تحدد حسب تقييمات منظمة “يونيسف” لعدد السكان، بينما قال مدير المجلس المحلي للمخيم، إن تخفيض المياه سببه إجراء صيانة لمركز الضخ.

المحلل السياسي الأردني بسام البدارين، قال إن الأردن يتخذ قرارات سيادية، ومعياره الأساسي هو الحفاظ على الأمن الوطني الأردني بغض النظر عن زيادة أو تقلص العلاقات السياسية مع النظام السوري.

وأضاف البدارين لعنب بلدي، أن الحدود السورية- الأردنية عبارة عن “صداع” دائم للأردن، وأن مخيم “الركبان” جزء من هذا “الصداع”، مشيرًا إلى أن الأردن لن يتخلى عن واجباته الإنسانية، لكنه يسعى لمنع أي تحرّك يفتح بابًا لاستمرار اللجوء.

ولم يكن تخفيض كميات المياه العامل الرئيس الأول في الضغط على سكان المخيم من قبل الأردن، إذ أغلق الأخير النقطة الطبية في آذار 2020، بحجة تفشي جائحة “كورونا”، تزامنًا مع إغلاق الحدود الرسمية عبر معبر “جابر” الحدودي مع الأردن.

ورغم إعادة فتح المعبر في أيلول 2021، ومناشدات سكان المخيم بإعادة فتح النقطة الطبية، لم يستجب الأردن، وبقي المخيم دون إمدادات طبية تلبي الحاجة.

كما كانت الحالات الطبية الطارئة وحالات الولادة الحرجة تدخل إلى الأردن عن طريق مفوضية الأمم المتحدة، قبل إغلاق الأردن الحدود، إضافة إلى إغلاق جميع مراكز المفوضية الأممية أبوابها في المخيم.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة