“المول” في إدلب.. نمط استهلاكي تحفزه واجهات مرتبة وتسعيرة واضحة

  • 2022/07/03
  • 12:38 م
"مول" تجاري في مدينة إدلب في حزيران 2022 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

"مول" تجاري في مدينة إدلب في حزيران 2022 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

عنب بلدي- هدى الكليب

اعتادت سعاد الحسيني (42 عامًا) الذهاب إلى السوق التجاري (المول) المجاور لمنزلها في مدينة سرمدا شمال إدلب، إذ وفّر عليها عناء التنقل بين الأسواق والمحال التجارية، بعد أن وجدت فيه جميع احتياجاتها المنزلية، وبأسعار “مقبولة” مقارنة مع “البقاليات” ومحال بيع الأغذية الأخرى.

وقالت سعاد الحسيني لعنب بلدي، إنها تفضّل الذهاب إلى “المول”، كونه يحتوي على بضائع ذات جودة عالية ومغلفة وصحية، على عكس الأسواق الأخرى التي تكون بضائعها مكشوفة وتالفة بسبب تعرضها لأشعة الشمس، ما دفعها للاعتماد عليه بشكل أساسي في تأمين مستلزماتها المنزلية.

وأضافت سعاد أن أسعار السلع الغذائية في “المولات” ثابتة وموحدة، وقد يشمل بعضها أيضًا “تنزيلات بالأسعار”، بينما تكون الأسعار في الأسواق والمحال الشعبية متفاوتة، بفوارق تصل من ليرتين إلى 20 ليرة بالكيلوغرام الواحد لذات السلعة، وذلك بسبب غياب الرقابة التموينية عن ضبط الأسعار في هذه المحال، بحسب قولها.

وشهدت محافظة إدلب شمال غربي سوريا انتشارًا للمراكز التجارية الكبيرة و”المولات” بشكل لافت في الفترة الأخيرة، بعد أن لاقت إقبالًا كبيرًا من سكان المدينة، إذ باتوا يفضّلونها على غيرها من أماكن التسوق لأسباب عدة، أبرزها جودة السلع وأسعارها الثابتة.

الأسعار موحدة و”مفوترة”

زهير المقصوص (42 عامًا)، وهو نازح مقيم في مدينة الدانا شمال إدلب، يرتاد برفقة عائلته “المولات” التجارية خلال عطلته الأسبوعية، وهي تغنيه عن التنقل بين الأسواق والمحال المختلفة، مختصرًا بذلك الكثير من الوقت والجهد في تأمين احتياجاته الأساسية، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

وأوضح زهير أن البضائع المعروضة بتنسيق وترتيب، تسهّل عليه تحديد السلع التي يحتاج إليها، من خلال تعدد أقسام المواد كالمنظفات والخضراوات والمواد الغذائية واللحوم، وكل نوع منها على حدة، ما يعطيه خيارات عديدة في انتقاء النوع والماركة، بخلاف المحال التجارية الأخرى التي يكون فيها مجبرًا على شراء السلعة الموجودة فقط.

وأضاف زهير أن سعر كل سلعة مثبت عليها بالدولار الأمريكي، خاصة أن الصرف بالليرة التركية يُحسب عبر شاشة “اتحاد الصرافين” المثبتة على واجهة المتجر، كما يتم تسجيل جميع المشتريات من خلال فاتورة توضيحية للمشتريات، “أي أنها غير قابلة للتلاعب والاحتيال”، ما أتاح الفرصة لذوي الدخل المحدود لقصد هذه “المولات”، بحسب قوله.

ويشتكي المقيمون في محافظة إدلب من ارتفاع أسعار السلع بشكل عام، ولا سيما المواد الغذائية التي تشهد تفاوتًا في الأسعار بين محل وآخر، مع تذبذب قيمة الليرة التركية وانخفاضها المستمر أمام الدولار الأمريكي، الأمر الذي فتح باب الاستغلال والغبن في الأسواق.

وسجل سعر صرف الدولار الأمريكي 16.5 ليرة تركية، كما سجلت قيمة الليرة أمام اليورو الواحد 18.2 ليرة تركية، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات النقدية.

ونهاية عام 2021، نشطت في محافظة إدلب المشاريع التجارية، مع الاستقرار النسبي الذي شهدته المنطقة، وتصدّرت “المولات” واجهة هذه المشاريع بعد أن لاقت استحسانًا وإقبالًا واسعًا من مختلف شرائح المجتمع، ما شجع التجار وأصحاب رؤوس الأموال على افتتاح مشاريع كهذه في الشمال السوري، بحسب رائد حبلوص وهو مالك أحد “المولات” في إدلب المدينة.

وقال رائد لعنب بلدي، إن جميع “المولات” التي تم افتتاحها مؤخرًا في مناطق شمال غربي سوريا تتبع للقطاع الخاص، وأُنشئت بجهود تجار وأصحاب رؤوس أموال في الداخل والخارج، أو من خلال شراكات بين تجار محليين يعملون بقطاعات وأقسام مختلفة أدت إلى تشكّل “مولات” متنوعة وذات مواصفات عالية، بحسب وصفه.

باب للعمل “الجيد”

وفرت “المولات” التجارية فرص عمل للعديد من السوريين الذين وجدوا من خلالها مصدر رزق يعينهم على مواجهة أعباء الحياة، بحسب ما قاله الشاب رائد الصلاح، وهو موظف في أحد “المولات” بمدينة سرمدا، شمالي إدلب.

ويتقاضى رائد الصلاح (20 عامًا) مبلغ 1500 ليرة تركية كراتب شهري لقاء عمله محاسبًا في أحد “المولات” التجارية، وهو مبلغ يراه جيدًا مقارنة مع ما كان يتقاضاه في عمله بمهنة البناء الشاقة.

وأكد الشاب أن “المول” الذي يعمل فيه يلقى إقبالًا كبيرًا من قبل السكان الذين يعتمدون عليه في تأمين معظم احتياجاتهم اليومية، نتيجة لجودة البضائع وتنوعها، إذ يحتوي “المول” على مختلف الأقسام كالألبسة والمفروشات واللحوم والخضار والمواد الغذائية والأدوات المنزلية، بالإضافة إلى “تنزيلات” يعرضها “المول” بين الحين والآخر.

محال البقالة “متضررة”

من جهته، لم يخفِ سليمان عبد الرحمن، وهو صاحب أحد محال البقالة في مدينة إدلب، تأثر تجارته بشكل كبير عما كانت عليه في السابق، بعد أن افتُتح “مول” تجاري بالقرب من الحي الذي يعمل فيه.

وأضاف الرجل الأربعيني، لعنب بلدي، أن إقبال الناس على “المول”، أدى إلى انقطاعهم عن محله بشكل جزئي، وذلك بسبب العروض و”التنزيلات” وتنوع السلع التي تتوفر بـ”المول” التجاري دون غيره.

وأضاف أن “المولات” تستقدم بضائعها من الدول المصدرة بشكل مباشر عبر تجار آخرين وبحسومات كبيرة، في حين يضطر هو لشرائها من مراكز بيع الجملة التي تبيعها بسعر مرتفع.

وأشار سليمان عبد الرحمن إلى أنه يفكر بنقل محله إلى مكان آخر في حال استمر الوضع على ما هو عليه من ضعف الحركة الشرائية، وهو ما سيكلفه أعباء مادية كبيرة.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع