القنصلية السورية في اسطنبول تشهر بأسماء المراجعين عبر “فيس بوك”
أعلنت القنصلية السورية في مدينة اسطنبول بتركيا عن إنشاء صفحة عبر موقع “فيس بوك”، لنشر أسماء أصحاب المواعيد المحجوزة، وذلك بعد توقف عمل نظام حجز المواعيد المُتبع سابقًا عن طريق البريد الإلكتروني، ما يطرح التساؤل عن الأسباب الداعية لنشر أسماء المراجعين بالتفاصيل الكاملة على مرأى الجميع.
وتوقف منح المواعيد وفق الطريقة السابقة (البريد الإلكتروني)، يوم الجمعة الماضي، بعد أن تجمّع عشرات من السوريين أمام القنصلية بانتظار الدخول لإجراء معاملاتهم.
وتناقل أشخاص كانوا حاضرين أمام القنصلية أنباء تفيد أن أحد العاملين فيها أخبر الأشخاص المتجمعين أن القنصلية ستسيّر المعاملات في ذلك اليوم، دون ضرورة وجود موعد مسبق، ما أدى إلى تجمّع المزيد من السوريين مع غياب التنظيم من قبل القنصلية، إلى أن تدخلت قوات الأمن التركي لتفريق هذه التجمعات.
وبعد ساعات من التجمع، وضعت السفارة إعلانًا يفيد أنها ستتوقف عن تقديم خدماتها للمواطنين نتيجة “عطل تقني”، على أن تنشر لاحقًا موعد استئناف العمل على الموقع.
ليأتي الإعلان عن نظام جديد لحجز المواعيد عبر تطبيق “واتساب”، عبر بيان صدر في 25 من حزيران، ويجب أن تتضمن رسالة الراغبين بحجز المواعيد الاسم الثلاثي واسم الأم والمواليد، بالإضافة لصورة وثيقة سورية تثبت هوية صاحب العلاقة، مع اختيار نوع المعاملة المطلوبة.
وبعد اتباع نظام الحجز الجديد، بدأت صفحة القنصلية بنشر قوائم من الأسماء الثلاثية للمراجعين أصحاب المواعيد المحجوزة قبل يوم أو يومين من موعدها مرفقة باسم الأم وتاريخ الميلاد، مع نوع المعاملة المراد إتمامها، بمن فيهم أصحاب مواعيد التسوية والتجنيد.
إجراءات نابعة عن “العقلية الأمنية”
تأخذ سفارات دول العالم دور تمثيل البلد الأم على أنها مهمة دبلوماسية تُنشأ في عاصمة بلد أجنبي أما القنصلية، فهي بعثة دبلوماسية أصغر تقع عادة خارج عواصم الدولة المستقبلة.
ويأتي دور القنصلية بالإضافة إلى تمثيل البلد الأم، الدفاع عن مصالح، وتسهيل أعمال، وشؤون مواطنيها المقيمين في الدولة المضيفة، من إصدار جوازات ووثائق سفر وتأشيرات، وكافة المستندات اللازمة لرعايا الدولة، وهو مالا يتجسد في قنصلية النظام السوري باسطنبول.
وتُعد القنصلية بابًا لتحقيق مكاسب مالية دون الاهتمام بالكيفية وبالأخص مع اتهامات بانتشار الفساد فيها، حيث كان حجز دور إجراء المعاملات عن طريق سماسرة ومكاتب لسوريين في اسطنبول، مقابل مبالغ باهظة، ينشرون إعلاناتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ويُعد جواز السفر السوري بحسب الأرقام الرسمية لوزارة الداخلية ثاني أغلى جواز سفر في العالم، بحسب تقرير نشرته شبكة “CNN” في أيار الماضي، وتبلغ رسوم منح أو تجديد جواز أو وثيقة سفر للسوريين ومن في حكمهم، الموجودين خارج سوريا، بشكل فوري 800 دولار أمريكي، و300 دولار أمريكي ضمن نظام الدور العادي.
بينما يحتل جواز السفر السوري المرتبة الثالثة بين أسوأ عشرة جوازات في العالم، وفق مؤشر “هينلي لجوازات السفر” للربع الأول من العام الحالي، إذ يُسمح لحامليه بدخول 29 دولة فقط دون الحاجة لاستخراج تأشيرة دخول.
ما معنى نشر الأسماء
الباحث الزميل في مركز “عمران” للدراسات الاستراتيجية، نادر الخليل، قال لعنب بلدي، إن نشر أسماء أصحاب المعاملات “إحراجًا كبيرًا للكثيرين”، وبالأخص عند كشف أسماء معارضين معروفين أو محسوبين على المعارضة بغاية إحراجهم، وهو ليس مستبعدًا عن “العقلية الأمنية الكيدية للنظام”.
لكنه يستبعد أن يؤدي نشر الأسماء بشكل غير مرفق بالبيانات التفصيلية مثل الرقم الوطني، ومكان الولادة، إلى حصول انتهاكات مثل استغلال المعلومات الشخصية، أو انتحال شخصية، أو التزوير والابتزاز.
ولا يوجد لدى السوري المضطر لجواز السفر أو غيره من الأوراق الثبوتية حل أو بديل آخر غير الذهاب لإجراء المعاملات في القنصلية، وفي المقابل سيستمر السوريون الآخرون بانتقاد ولوم من يذهب للقنصلية بغض النظر عن أسبابه، وفق الخليل.
وتستغل القنصلية العدد الكبير من السوريين في تركيا، والذي ينتج عنه زيادة كبيرة وتزاحم على طلبات حجز المواعيد لإتمام المعاملات الرسمية المُضطرين عليها، في خلق “إرباكات” ووضع العراقيل بشكل متقصد، لفتح باب السمسرة وغيرها لتحقيق مكاسب مالية، بحسب الخليل.
ما الحلول المتاحة؟
يمكن وفق العلاقات الدولية افتتاح أكثر من قنصلية في البلد المُضيف بحسب أعداد مواطني البلد الأم الموجودين في المدينة لتخفيف الضغط عن السفارة أو القنصلية، لكن يعتقد الخليل بأنه حل مستبعد من طرف النظام أو الجانب التركي.
ويوجد حلول أخرى مثل طرح تطبيق للهاتف الذكي، أو إنشاء موقع الكتروني بشكل احترافي، أو التعامل مع شركة متخصصة أو مكاتب معتمدة لإنجاز المعاملات بشكل رسمي واحترافي، كما هو متبع في سفارات دول عديدة، مثل السفارة التركية في لبنان، بشكل لا يفتح باب الاحتكار والسمسرة.
لكن القنصلية تتعامل مع السوريين مُستغلة حاجتهم كمصدر “للكسب السريع”، ولرفد العملة الصعبة للنظام، لذا سيبقى يرتبط اسم القنصلية بالفساد والسرقة والتعامل مع السماسرة، وفق الباحث.
بينما يُفترض أن تتعامل القنصلية مع المواطنين بشكل لائق وتوفر الخدمات بشكل يحفظ كرامة المواطن، الذي هو حق إنساني ووطني يصونه القانون والدستور.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :