هل يزيد حظر استيراد الذهب الروسي من عزلة موسكو الاقتصادية؟
تخلّفت روسيا عن سداد سنداتها السيادية الأجنبية للمرة الأولى منذ الثورة البلشفية (1917- 1921)، إذ أدت العقوبات الغربية إلى عزل البلاد فعليًا عن النظام المالي العالمي، وتستهدف الولايات المتحدة وحلفاؤها ثاني أكبر صناعة تصدير في الاتحاد السوفييتي السابق بعد الطاقة، الذهب.
واتفقت مجموعة الدول السبع اليوم، الثلاثاء 28 من حزيران، على حظر استيراد الذهب الروسي، في أحدث جولة من العقوبات بسبب “غزو” الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لأوكرانيا.
ادعت الولايات المتحدة أن روسيا استخدمت الذهب لدعم عملتها كوسيلة للتحايل على تأثير العقوبات، إذ تتمثل إحدى طرق القيام بذلك في مبادلة الذهب بعملات أجنبية أكثر سيولة لا تخضع للعقوبات الحالية.
وفقًا لتصرح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لشبكة “CNN”، في 26 من حزيران الحالي، فإنه نظرًا إلى أن الذهب هو ثاني أكثر صادرات روسيا ربحًا بعد الطاقة، ولأن ما يقرب من 90% من الإيرادات تأتي من دول مجموعة السبع، “يقطع ذلك، ويمنع الوصول إلى حوالي 19 مليار دولار من الإيرادات سنويًا. هذا مهم”.
واختزل بلينكن الإجراء بعبارة، “لا تستطيع (روسيا) الحصول على ما تحتاج إليه لتحديث قطاع الدفاع، لتحديث تقنيتها، لتحديث استكشافها للطاقة”.
بدأت روسيا بزيادة مشترياتها من الذهب في عام 2014، بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على روسيا بسبب “غزو” بوتين شبه جزيرة القرم، وفقًا لوكالة الأنباء “أسوشيتد برس“.
وتمتلك روسيا ما بين 100 مليار و140 مليار دولار من احتياطيات الذهب، وهو ما يقرب من 20% من الحيازات في البنك المركزي الروسي، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.
تعميق العزلة الاقتصادية
قال محلل الاقتصاد الروسي في شركة “Macro-Advisory” كريس ويفر، إنه بينما ستظل روسيا قادرة على بيع الذهب إلى دول أخرى خارج نطاق سلطة مجموعة الدول السبع، فإن ذلك سيؤثر على قدرة روسيا على جني عائدات التصدير.
وأوضح ويفر أن هذا المستوى المرتفع من عائدات التصدير هو الذي يدعم البلاد ويدعم الاقتصاد منذ بدء فرض العقوبات الغربية في 24 من شباط الماضي.
من الناحية العملية لتطبيق الحظر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى عقوبات مدنية أو جنائية على الأشخاص الذين يأتون من دول وافقت على حظر الذهب من روسيا.
قال مسؤولو الجمارك السويسريون، في 24 من حزيران الحالي، إنهم يتتبعون ما يقرب من ثلاثة أطنان من الذهب الروسي، بقيمة تزيد على 202 مليون دولار، دخلت سويسرا من المملكة المتحدة الشهر الماضي، في أثناء رصدهم للانتهاكات المحتملة للعقوبات الاقتصادية ضد روسيا.
في آذار الماضي، تحركت الولايات المتحدة وحلفاؤها لمنع المعاملات المالية مع البنك المركزي الروسي التي تنطوي على الذهب، بهدف زيادة تقييد قدرة البلاد على استخدام احتياطياتها الدولية، وجاء ذلك بعد دعوات من أعضاء “الكونجرس” لتقييد تجارة الذهب الروسية.
أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهات مفادها أن الأفراد الأمريكيين، بمن في ذلك تجار الذهب والموزعون وتجار الجملة والمشترون، والمؤسسات المالية، ممنوعون عمومًا من شراء أو بيع أو تسهيل المعاملات المتعلقة بالذهب التي تشارك فيها روسيا والأطراف المختلفة التي تم فرض عقوبات عليها.
وعلى غرار العديد من العقوبات المفروضة على روسيا من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، يهدف حظر استيراد الذهب إلى عزل روسيا اقتصاديًا، وتجويع ذراعها التمويلية، ومنع غسل الأموال.
قال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في اجتماعات مجموعة السبع في إلماو بألمانيا، إن الحظر “سيصيب مباشرة القلة الروسية، ويضرب قلب آلة بوتين الحربية”.
وأضاف جونسون أن بوتين يبدد موارده المتضائلة في هذه الحرب البربرية العبثية، “إنه يمول غروره على حساب كلا الشعبين الأوكراني والروسي”.
الملاذ الآمن الأخير
أوقفت جمعية سوق السبائك في لندن، التي تعد مركزًا رئيسًا لتجارة الذهب العالمية، المعاملات مع ست مصافٍ روسية للفضة والذهب في آذار الماضي.
وقال محامي الأمن القومي في “فولي ولاردنر” كريستوفر سويفت، إن روسيا، وهي واحدة من أكبر منتجي الذهب في العالم، عملت على تعدين الذهب الجديد للتعويض عن بعض الأصول المشلولة.
وكان رجال الأعمال المليارديرات في روسيا يشترون سبائك الذهب في محاولة لتخفيف تأثير العقوبات، وشدد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، على هذه النقطة، قائلًا إن هذه الخطوة ستضر مباشرة بحكم القلة الروس (الأوليغارشية).
ويهدف الحظر أيضًا إلى حرمان روسيا من الإيرادات الجديدة التي يتم جنيها من تصدير الذهب الذي يُستخدم في صناعة المجوهرات، وفي بعض العمليات الصناعية وفي الاستثمار، وفقًا لصحيفة “The New York Times“.
كما هي الحال غالبًا في أثناء الأزمات، قفز شراء الذهب للاستثمار منذ جائحة فيروس “كورونا”، وغالبًا ما كانت البنوك المركزية، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، من كبار المشترين من خلال وسطاء، وكسبت روسيا، في عام 2021، أكثر من 15 مليار دولار من صادراتها من الذهب.
بعد أن أوقفت الجولات الأولى من العقوبات الكثير من تجارة الذهب الدولية الحالية، أعلن البنك المركزي الروسي أنه سيستأنف شراء الذهب المنتج محليًا، والذي كان يُنظر إليه أيضًا على أنه وسيلة للمساعدة في دعم عملته.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :