عنب بلدي- محمد فنصة
أبرمت مصر ولبنان وسوريا العقود النهائية لاتفاقية نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، بانتظار الضمانات الأمريكية بعدم تعرض مصر للعقوبات الأمريكية المرتبطة بقانون “قيصر”، لكل من يتعامل مع النظام السوري، ما يثير التساؤل حول سبب المماطلة الأمريكية بالرغم من وعودها بالتسهيلات للمشروع منذ آب 2021.
وخلال مراسم، أُقيمت في 21 من حزيران الحالي، في وزارة الطاقة اللبنانية ببيروت بحضور مسؤولين مصريين وسوريين، وقّعت دول لبنان وسوريا ومصر اتفاقية لنقل 650 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا من مصر إلى لبنان عبر سوريا.
وأعلن وزير الطاقة اللبناني، وليد فياض، خلال مؤتمر صحفي بعد التوقيع، أن تنفيذ هذا المشروع سيؤمّن تغذية كهربائية تصل إلى أربع ساعات إضافية، وأنه بتوقيع الاتفاقية تكون لبنان ومصر والأردن وسوريا قد أنجزت جميع الخطوات لتأمين الكهرباء للبنان.
كما أكد أن لبنان يتطلّع إلى الضمانات النهائية من الولايات المتحدة الأمريكية حول العقوبات لتأمين تنفيذ المشروع.
ورحبت واشنطن بالاتفاق كخطوة مهمة لدعم الشعب اللبناني، مع التأكيد على عمل الولايات المتحدة مع البنك الدولي لمراجعة تفاصيل الاتفاقية، بحسب ماورد على لسان المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، في 23 من حزيران الحالي.
وقالت متحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، “نتطلع إلى مراجعة العقود النهائية وشروط التمويل من الأطراف، للتأكد من أن هذه الاتفاقية تتماشى مع سياسة الولايات المتحدة، وتعالج أي مخاوف محتملة تتعلق بالعقوبات”، بحسب ما نقلته قناة “الحرة” في 23 من حزيران الحالي.
وأضافت، “لم ولن نرفع أو نتنازل عن العقوبات المفروضة على الأسد ونظامه، حتى يتم إحراز تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي، كما أننا نعارض إعادة الإعمار (في سوريا) في ظل الظروف الحالية، لقد كنا واضحين بهذا الشأن مع شركائنا”.
We welcome Egypt and Lebanon reaching an agreement to provide gas to Lebanon to relieve its energy crisis. This is an important step towards regional cooperation in support of the Lebanese people. We look forward to working with @WorldBank to review the details.
— Matthew Miller (@StateDeptSpox) June 23, 2022
وفي مقابلة سابقة للقناة مع المبعوث الأمريكي الخاص للطاقة الدولية إلى لبنان، آموس هوكشتاين، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، أكد أن الولايات المتحدة تدعم مشروع خط الغاز العربي طالما أنه لا يتعارض ولا ينتهك قانون “قيصر”، وقال إن هذا “ممكن”.
بينما أوضح مصدر في وزارة النفط لصحيفة “الوطن” الموالية، في 21 من حزيران الحالي، أن الدور الذي سيلعبه البنك الدولي لتمويل هذه الاتفاقية، سيعني إقرارًا ضمنيًا بتمويله المشتريات التي سيستفيد منها النظام السوري، وأن البنك الدولي لا يمكنه إتمام هذه الخطوة إذا لم تُسحب “الشركة السورية للغاز” من قوائم العقوبات الأمريكية.
وتُعد “الشركة السورية للغاز”، التي أُسست عام 2003، من الشركات التابعة لوزارة النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام، وهي مسؤولة عن استثمار ومعالجة ونقل الغاز الطبيعي في سوريا.
وأُضيفت الوزارة إلى لوائح العقوبات الأمريكية في تشرين الثاني 2020، كجزء من قطاع البترول السوري المعاقَب بموجب قانون “قيصر” لكونه من الموارد المالية المهمة للنظام السوري.
ما مشكلة قانون “قيصر”؟
قانون “قيصر” هو قانون أقرّه مجلس النواب الأمريكي، في 15 من تشرين الثاني 2016، ووقّع عليه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في 21 من كانون الأول 2019.
وينص القانون على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.
وتعود تسميته باسم قانون “قيصر” إلى الضابط السوري المنشق عن النظام، والذي سرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب، أكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) صحتها، وأثارت الرأي العام العالمي حينها، وعُرضت في مجلس الشيوخ الأمريكي.
ويشمل القانون كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، من الشركات والأشخاص والدول، حتى روسيا وإيران، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بـ”إعادة الإعمار” في سوريا.
وخلال جلسة استماع للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في 8 من حزيران الحالي، رفضت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، تحديد ما إذا كانت خطة الطاقة الخاصة بالدول الأربع (مصر، الأردن، لبنان، سوريا) ستُعفى من العقوبات الأمريكية أو إذا كانت الإعفاءات ضرورية.
لكنها أكدت أن الموقف الأمريكي لن يتغير حول عدم التطبيع مع النظام السوري، أو رفع العقوبات عن النظام، أو الموقف المعارض لإعادة الإعمار في سوريا، حتى تحقيق تقدم سياسي “حقيقي”، حيث يقف الأسد ونظامه في وجه تحقيق هذا الهدف، وفقًا لليف.
وأوضح منسق لجنة قانون “قيصر” في “الائتلاف السوري”، عبد المجيد بركات، في حديث سابق إلى عنب بلدي، أن بنود القانون تنص بشكل واضح على فرض عقوبات على النظام والمتعاملين معه، سواء كانوا شخصيات أو كيانات أو حتى دولًا، وبالتالي فلا يوجد أي استثناءات متعلقة بمشاريع من هذا الشكل أو أي مشاريع لها صلة بإعادة الإعمار.
وأكد أن الاستثناءات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والأمور الطبية، هي واضحة في قانون “قيصر”، وعدا ذلك فهي تعتبر نشاطات اقتصادية تسهم في دعم النظام اقتصاديًا واستمراره دون أن يكون هنالك تغيير على المستوى السياسي والعسكري والأداء الأمني للنظام.
من جهته، أوضح المبعوث الأمريكي السابق، جويل ريبورن، لعنب بلدي في 19 من تشرين الثاني 2021، أنه عندما تُصاغ اتفاقية الغاز سينظر خبراء “الكونجرس” فيها، وإذا وجدوا أنها تخرق قانون “قيصر” فلن تتم، ولن تحصل الدول المشاركة في مشروع تمديد الغاز على الرد من “الكونجرس” مباشرة في عام 2022، ولن يكون الرد قبل بداية عام 2023، بحسب ريبورن.
وباعتقاد ريبورن، فإن هذه الصفقة ليست مرجحة الحدوث، وإذا حدثت فستكون تحت إشراف “الكونجرس”، لافتًا إلى أن أي دولة أو شركة تفكر في المشاركة بصفقة من هذا النوع عليها أن تتراجع وتفكر مليًا بالانكشاف القانوني الذي ستتعرض له.