بدأت ريما حاج حسين (37 عامًا) بصناعة حلوى العيد الخاصة بعد تلقيها العديد من الطلبيات من جاراتها، وعدد من التجار الذين أُعجبوا بمهارتها الخاصة بصناعة هذه الأنواع من المعجبات.
وقالت ريما لعنب بلدي، إنها تحب صناعة أنواع المعجنات وتتفنن بطرق إعدادها، واستغلت مهارتها تلك لجعلها مهنة تحقق من خلالها مردودًا ماديًا وسط ما تعانيه من صعوبات وأحوال مادية متدهورة.
وتابعت، “إنها فرصتي الوحيدة للعمل خلال الأيام القليلة التي تسبق العيد، لتغطية أي طلب محتمل على الحلوى خلال هذه الفترة”.
تقيم ريما مع زوجها المريض بالسكري وأطفالها الخمسة في مخيمات “قاح” الحدودية، بعد نزوحها عن مدينتها معرة النعمان منذ قرابة الثلاث سنوات.
وعن أحوال العائلة المعيشية، قالت ريما إنها تواجه نقصًا حادًا في المواد الأساسية والخدمية، وسط قلة المشاريع التنموية التي من شأنها مساعدة أصحاب الدخل المحدود، وخاصة النساء المعيلات بعد غياب دور الزوج بالموت أو المرض أو الاعتقال.
ومع اقتراب عيد الأضحى، انطلقت مجموعة من النساء النازحات للقيام بمشاريع خاصة بهن، شملت صناعة أنواع الكعك وحلوى العيد في محاولة للاستفادة من خبراتهن المتعددة بهذا المجال لمواجهة ظروف حياتهن الصعبة وسط النزوح والفقر وقلة الموارد.
تفتخر رحيل المعمار (34 عامًا)، وهي نازحة من ريف دمشق ومقيمة في دير حسان، ببراعتها في تحضير “معمول الجوز والعجوة”، مشيرة إلى أن حلويات العيد في إدلب باتت تتميز بالتنوع بعد نقل النازحين مهارتهم وطريقتهم الخاصة في صنعها.
أنواع عديدة تحضّرها رحيل التي تعمل في هذا المجال منذ قرابة السنتين حتى اليوم، هي الكعك الحلو والمالح، إضافة إلى أنواع “المعمول” ومنها “البتيفور والمعمول بعجوة والمعمول بجوز والبرازق وأصابع التمر وأقراص جوز الهند وغيرها”.
وتستخدم في صناعتها مواد أولية كدقيق القمح، والتوابل كالشمرة واليانسون وحبة البركة والسمسم والمحلب والعصفر وجوزة الطيب والسمن البلدي والسكر والحشوات المتعددة.
رحيل قالت إن الإقبال على شراء هذه الأصناف جيد، وخاصة قبل أسبوع من قدوم العيد، حين يبدأ الأهالي بشراء مستلزمات الأعياد ومن ضمنها حلوى العيد.
من جهتها، ترى صباح القديراني (44 عامًا) أن للحلوى التي تصنعها ربات البيوت في منازلهن بهجة خاصة، وتتميز بنكهة لذيذة ومحببة لدى الكثيرين، لاحتوائها على كميات وافرة ومدروسة من المواد، إضافة إلى مهارة النساء الصانعات.
تنوي صباح شراء بعض الأنواع من حلوى العيد المقبل من جارتها التي تقوم بصناعتها وبيعها لمن يطلبها، لكنها لا تستطيع شراء سوى بعض الكيلوغرامات نظرًا إلى غلاء تلك الأصناف مقارنة مع أوضاعها المادية المتدهورة.
وتشير إلى أن حلوى العيد تعد الضيافة الأساسية التي يقدمها الناس لزوارهم خلال أيام العيد وفي الزيارات العائلية، وتقدم معها أنواع الفواكه والقهوة العربية المرة، ولكن مع تدني الوضع المعيشي للسواد الأعظم من المدنيين، تم اختصار الكثير من طقوس العيد بما فيها حلوى العيد التي باتت حكرًا على الميسورين فقط.
من جهته، أوضح علاء السعيد (43 عامًا)، وهو صاحب أحد محال بيع الحلوى في مدينة الدانا شمالي إدلب، أن محال بيع الحلويات تشهد حركة نشطة قبيل العيد، ومع ذلك فإن الإقبال هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، فأغلب الأسر عادت لتصنع الحلويات في منازلها لرخص تكلفتها مقارنة مع الجاهزة.
وأشار إلى أنه في السابق كانت المواد رخيصة، ويمكن لجميع الناس شراء الحلويات، مبينًا أن الفجوة باتت كبيرة جدًا بين الدخل وأسعار السلع، ولم يعد يستطيع الكثيرون شراء حلويات “المعمول” الجاهزة، لذا سيتعيّن عليهم صنعها في المنزل أو الاستغناء عنها كليًا.
–