عنب بلدي- حسام العمر
يتابع خالد الغربي (30 عامًا) من سكان مدينة الرقة، باهتمام، صفحات الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام، متحسسًا الخطر المقبل على مدينته والمنطقة كاملة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وأوضح الشاب أن معظم المقيمين في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا متخوفون من عودة النظام للسيطرة على المنطقة، وذلك بعد إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إمكانية التنسيق مع قوات النظام، لصد الهجوم التركي المحتمل على مناطق سيطرتها.
وأشار خالد الغربي إلى أن مناطق الرقة ودير الزور والحسكة، يقيم فيها الآن ربما آلاف الشباب المطلوبين للنظام وأجهزته الأمنية، موضحًا أنه كان عنصرًا في قوات النظام قبل أن ينشق في العام 2013، متوجهًا نحو مدينته الرقة حينها، وذلك بعد أن خرجت عن سيطرة النظام.
وفي 5 من حزيران الحالي، أعلن قائد “قسد”، مظلوم عبدي، عن انفتاح “قسد” على التنسيق مع النظام السوري، مطالبًا باستخدام أنظمة الدفاع الجوي السورية ضد الطائرات التركية، وذلك لمواجهة تهديدات أنقرة بشن عملية عسكرية في الشمال السوري.
وقال عبدي لوكالة “رويترز”، إن “(قسد) ستنسق مع قوات الحكومة السورية لصد أي غزو تركي للشمال السوري”، مشيرًا إلى أن قواته “منفتحة” على العمل مع قوات النظام للقتال ضد تركيا، لكنه أكد أن لا حاجة لإرسال قوات إضافية.
وتلوّح تركيا منذ أكثر من شهر بتنفيذ عمليات عسكرية جديدة في شمالي سوريا لـ”ضمان أمن” حدودها الجنوبية، إذ تعتبر أن “قسد” امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني”، المحظور والمصنف إرهابيًا، وهو ما تنفيه “قسد” رغم إقرارها بوجود آلاف من مقاتلي الحزب وقادته بين صفوفها.
العودة غير مطمئنة
عبد الله الرُبيّع، ناشط مدني من مدينة الرقة، قال لعنب بلدي، إن المخاوف من عودة النظام السوري إلى المنطقة مبررة، بما أن الجميع يعلم أن النظام إن عاد فسيرتكب عشرات المجازر بحق السكان، ولن يأتي حاملًا الورود كما يتخيل البعض.
واعتبر عبد الله أن موقف “قسد” يثير الريبة والدهشة، إذ منعت الراغبين بإجراء “التسويات” من التوجه إلى مناطق سيطرة النظام مطلع العام الحالي، بينما تعلن بعد أشهر فقط استعدادها للتنسيق معه لصد الهجوم التركي، وهي التي تعلم جيدًا أن أي عودة لقوات النظام إلى المنطقة تثير الرعب في نفوس المدنيين.
العودة لـ”وقف التهديدات فقط”
مسؤول في “الإدارة الذاتية” (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، قال لعنب بلدي، إن حديث “قسد” عن استعدادها للتنسيق مع قوات النظام السوري، لا يشمل دخول النظام القرى والمدن وحكمها كما يتخيل البعض، وإنما تتمثل غاية الدخول بوقف التهديدات التركية، ومنع تركيا من إجراء أي تقدم تجاه المنطقة، على حد قوله.
واعتبر المسؤول أن تركيا أعلنت منذ البداية مناصرتها للثورة السورية، ولكنها “تسهم اليوم في عودة النظام السوري إلى مناطق طُرد منها في أوقات سابقة فقط لأنها لا ترغب ببقاء (قسد) و(الإدارة الذاتية) في تلك المناطق”.
وتوجد قوات النظام السوري في أرياف الرقة وحلب والحسكة ضمن تفاهمات عُقدت بضمانة روسية، أنشئت على إثرها نقاط عسكرية دائمة للنظام، أعلنت “قسد” أن غايتها وقف تمدد “الجيش الوطني” والجيش التركي بعد قيامه بعملية “نبع السلام” العسكرية في تشرين الأول 2019.
وتسيطر قوات النظام السوري اليوم على مناطق عدة في أرياف محافظة الرقة، مثل بلدة الرصافة جنوب مدينة المنصورة، التي تبعد 30 كيلومترًا غرب مدينة الرقة، ومدن معدان والسبخة والقرى التابعة لها في الريف الجنوبي الشرقي.