لا خيار بديل مع ارتفاع الإيجارات..
ضحايا محتملون.. عائلات تسكن منازل آيلة للسقوط بإدلب
إدلب- هدى الكليب
بعد زيادة إيجار المنزل الذي يقطنه مع زوجته وستة من أطفالهما في إدلب، لم يعد أمام النازح فؤاد العلواني (37 عامًا) خيار آخر غير السكن في منزل شبه مهدم.
ورغم أن المنزل الجديد الذي اختاره فؤاد متضرر إلى حد كبير، وآيل للسقوط، فإنه الحل الوحيد أمامه لأنه مجاني، في الوقت الذي لا يملك فيه المال لدفع إيجار منزل أفضل.
فؤاد، النازح إلى إدلب مع العائلة من قريته تلمنس أواخر عام 2019، قال لعنب بلدي، إنه بعد رفع صاحب المنزل الذي يعيش فيه الإيجار من 25 إلى 65 دولارًا أمريكيًا، بحث طويلًا عن منزل آخر أقل تكلفة دون جدوى، وهو ما دفعه لإيجاد حل يتناسب ووضعه المادي المتردي، فكانت المنازل المهدمة المخرج الوحيد.
“يا دوب عم نحسن نأمن حق الأكل”، هكذا عبّر فؤاد عن سوء أحواله المعيشية، وأضاف، “لم يعد هناك رحمة في قلوب الناس، وكل مين أسألك نفسي”، في إشارة إلى مدى الاستغلال الذي يتعرض له النازح، خصوصًا فيما بتعلق بإيجارات المنازل، إذ وصل بدل الإيجار في إدلب وأريافها إلى 300 دولار أمريكي.
وتسبب اعتماد الدولار الأمريكي بحساب إيجارات المنازل في الشمال السوري بمعاناة جديدة للعائلات، وخاصة ممن ما زال دخلهم بالليرة التركية التي تواصل انخفاضها مقابل ارتفاع الدولار بشكل مستمر، فضلًا عن الصعوبات الكبيرة في إيجاد ما يلبي الحاجة في ظل الطلب المتزايد على البيوت السكنية في إدلب، نتيجة الكثافة السكانية، وهو ما دفع الكثير من العوائل الفقيرة للانتقال للسكن إما في المخيمات البعيدة، وإما في المنازل شبه المهدمة، خصوصًا من لا يستطيع أن يبتعد عن مركز المدينة لوجود عمله فيها.
أما فاطمة حاج حسين (35 عامًا)، فلم ترغب بمغادرة مدينة إدلب بعد زيادة إيجار المنزل الذي تسكنه مع أبنائها الأربعة، حيث طلب صاحبه زيادة بمقدار 50 دولارًا أمريكيًا، ليصل إلى 100 دولار، وهو ما يفوق قدرتها على الدفع، ما اضطرها للسكن في منزل شبه مهدم، لتبقى قريبة من مكان عملها في محل بيع ألبسة نسائية بالمدينة.
تخشى فاطمة على أبنائها من تهدم جدران البيت المتشققة فوق رؤوسهم في أي لحظة، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
“عاجزة الآن عن تأمين مأوى مناسب، خصوصًا أنني المعيلة الوحيدة لأبنائي بعد وفاة زوجي، فدخلي الشهري لا يكاد يكفي ثمنًا حتى للاحتياجات الأساسية وسط الغلاء الفاحش الذي نشهده”، حسب قول السيدة لعنب بلدي.
وأشارت فاطمة إلى أن أوضاعهم المعيشية باتت “تحت الصفر”، نتيجة استغلال التجار وأصحاب العقارات حاجتهم إلى المنازل بعد نزوحهم عن مناطقهم وقراهم، فيزيدون الإيجارات بشكل مستمر، بينما تواجه هي وغيرها الفقر والغلاء وقلة الأجور وفرص العمل.
تسكن فاطمة في شقة على أطراف مدينة إدلب، ضمن بناء تعرض لقصف سابق من الطيران الحربي، ما جعله هشًا متهالكًا، ومع ذلك تسكن شققه الآيلة للسقوط عشرات العوائل ممن عجزوا عن إيجاد مأوى يتناسب مع ضيق أحوالهم المادية.
وكانت عدة أبنية ومنازل قد تهدمت على رؤوس ساكنيها ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال غربي سوريا، جراء تصدّع هذه الأبنية متأثرة بقصف سابق لقوات النظام وروسيا، وهي تعتبر غير صالحة للسكن، في حين أن بعض العوائل تضطر للسكن فيها لعدم وجود مأوى.
ففي 9 من شباط الماضي، قضت عائلة هيثم كروم (46 عامًا) المؤلفة من ستة أشخاص بين قتيل وجريح، إثر انهيار مبنى سكني مُتصدّع على أطراف مدينة إدلب.
وفي وقت سابق، سقط سقف منزل متصدّع في قرية سرجة بمنطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل شخص على الفور.
وفي حادثة مشابهة، سقط سقف منزل آخر فوق عدد من المدنيين خلال عملهم بترميمه في قرية قسطون بسهل الغاب بريف حماة الغربي.
وفي حديث لعنب بلدي مع المهندس المدني في إدلب أحمد الخلف، دعا الأهالي النازحين لعدم الاستهتار بحياتهم وحياة أطفالهم من خلال السكن في المنازل المتضررة والآيلة للسقوط.
وأوضح أن تلك البيوت بحاجة إلى دراسة ميدانية عن مدى تضررها وقابليتها للسكن، إذ إن هنالك درجات متفاوتة لتضرر تلك المنازل، فبعضها متضرر جزئيًا وهناك قابلية لإصلاحه وترميمه، وهناك منازل متضررة كليًا، وهي المنازل التي لا يمكن السكن فيها لقابليتها للسقوط في أي لحظة، نظرًا إلى تضرر دعائمها التي تحمل السقف والجدران.
وتعتبر المدن، كإدلب وجسر الشغور وأريحا، أكثر المناطق التي توجد فيها هذه المشكلة، بسبب انتشار الأبنية المرتفعة، وبشكل أقل في القرى والبلدات.
وتعمل فرق “الدفاع المدني السوري” بشكل دائم وروتيني، ضمن إمكانياتها المحدودة، على إزالة الأسقف والجدران المنهارة والمتصدعة أو الآيلة للسقوط، بحسب ما تحدث به عضو المكتب الإعلامي بمديرية “الدفاع المدني” في إدلب فراس الخليفة لعنب بلدي.
وتواجه تلك الفرق صعوبات بسبب عدم وجود آليات كافية، خاصة مع وجود مبانٍ عالية تحتاج إلى رافعات طويلة وتحمل أوزانًا ثقيلة، بحسب خليفة.
وسبق أن حذرت فرق “الدفاع المدني السوري” جميع المدنيين من الاقتراب من المنازل المتأثرة بقصف سابق لقوات النظام وروسيا في شمالي سوريا، عقب انهيار العديد منها، والتسبب بمقتل وجرح عدد من المدنيين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :