قصف “التنف”.. رسالة تصعيد روسية في بريد الأمريكيين

  • 2022/06/19
  • 9:53 ص

قائد “جيش مغاوير الثورة” العميد مهند الطلاع مع عدد من عناصره في موقع الاستهداف الذي تعرض له أحد مقرات الفصيل العسكري- 16 حزيران 2022 (مغاوير الثورة/ فيس بوك)

عنب بلدي– مأمون البستاني

خلّف القصف، في 15 من حزيران الحالي، على مقرات تابعة لفصيل “جيش مغاوير الثورة” المدعوم أمريكيًا في قاعدة “التنف” العسكرية، “أضرارًا بسيطة”، إذ تتمركز في القاعدة قوات للتحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” بمنطقة “الـ55 كيلومترًا” القريبة من الحدود السورية- الأردنية- العراقية جنوب شرقي سوريا.

الفصيل العسكري تحدث عبر صفحته في موقع “فيس بوك” عن أضرار بسيطة في مواقع الفصيل، دون إصابات أو خسائر بشرية، واصفًا القصف بأنه “غير مبرر”.

مَن المسؤول عن القصف؟

لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن استهداف مقرات “جيش مغاوير الثورة”، كما أن التحالف الدولي لم يصدر أي توضيح رسمي بخصوص الاستهداف، حتى وقت كتابة هذا التقرير، وجاءت التصريحات ملتبسة، إلا أنها تشير إلى دور روسي.

وذكرت تقارير إعلامية غربية، أن القوات الروسية هي من نفذت الهجوم على قاعدة “التنف”، بعد أن أخطرت الجيش الأمريكي عبر آلية عدم التصادم المعمول بها بين الطرفين في سوريا منذ سنوات.

روسيا أخطرت الأمريكيين

مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) نفيسة كوهنورد، قالت في تغريدة عبر موقع “تويتر”، في 16 من حزيران الحالي، نقلًا عن مصدر عسكري لم تسمِّه، إن “الجيش الروسي نبّه التحالف الدولي من غارات جوية ستنفذ على مواقع لـ(مغاوير الثورة) في منطقة التنف”.

وأضافت كوهنورد أن القصف جاء “ردًا على زرع مقاتلين من (مغاوير الثورة) قنبلة في أحد الطرقات، تسببت بوقوع قتلى وجرحى بين صفوف عسكريين روس”.

شبكة “CNN” الأمريكية نقلت عن مسؤولين عسكريين أمريكيين قولهم، إن روسيا حذرت، في وقت سابق، الجيش الأمريكي من أنها ستشن ضربات جوية ضد فصيل “مغاوير الثورة”.

وبناء على ذلك، قامت القوات الأمريكية الموجودة في قاعدة “التنف” بتحذير مقاتلي “مغاوير الثورة” بسرعة لتحريك مواقعهم، والتأكد أيضًا من عدم وجود قوات أمريكية في الجوار، بحسب ما ذكره المسؤولون الأمريكيون للشبكة، مؤكدين أنه لم يكن على القوات الأمريكية التحرك لأنها كانت بعيدة بما فيه الكفاية.

“بعث رسالة”

أحد المسؤولين الأمريكيين قال إن الروس قد حققوا، على الأرجح، هدفهم المتمثل في “بعث رسالة” إلى الولايات المتحدة مفادها أن بإمكانهم الهجوم دون القلق من الانتقام.

ووفقًا لما نقلته “”CNN عن المسؤولين الأمريكيين، فقد زعم الروس أن قوات “مغاوير الثورة” نفذت هجومًا بقنبلة زُرعت على جانب الطريق ضد القوات الروسية.

وأشارت الشبكة إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن ذلك لم يحدث، وأن الروس زعموا ذلك كسبب لشن غارات جوية.

رد روسي انتقامي

الباحث والمحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، قال في حديث إلى عنب بلدي، إنه “نتيجة لوجود أكثر من 400 قاعدة عسكرية أجنبية في سوريا، وعدم تحصين الأجواء السورية من الطيران بكل أشكاله، نسمع أحيانًا أن القصف على موقع ما تم من قبل طيران مجهول”.

وعن إمكانية أن تكون القوات الروسية هي من قصفت قاعدة “التنف”، ذكر الأسعد أن هناك احتكاكًا بين فصيل “مغاوير الثورة” والقوات الروسية المنتشرة في البادية السورية.

وأوضح أن القوات الروسية عندما تقيّم خسائرها في تلك المنطقة، فيمكن أن تحمّل “مغاوير الثورة” المسؤولية، وهو ما حدث غالبًا في الحادثة الأخيرة، إذ تزعم روسيا أن الفصيل زرع ألغامًا ألحقت أضرارًا مادية وبشرية بصفوف القوات الروسية.

الأسعد أشار إلى أن القرار الروسي بشن غارات جوية على مواقع لـ”مغاوير الثورة”، ما هو إلا رد انتقامي ورسالة للفصيل لعدم الاقتراب من القوات الروسية التي تشارك قوات النظام والميليشيات الإيرانية العمل في البادية السورية.

الخط الأحمر لقواعد الاشتباك

وبحسب ما قاله الأسعد، لا تعطي روسيا شأنًا كبيرًا لأي قصف يستهدف قوات النظام أو حتى التشكيلات المدعومة من قبلها في سوريا، في حين أن لديها خطًا أحمر لا تقبل تجاوزه يتمثل بقصف أي موقع توجد فيه قوات روسية نظامية، كقاعدة “حميميم” الروسية في اللاذقية، ومطار “القامشلي” العسكري في الحسكة، وغير ذلك من المواقع التي تضم قوات روسية.

وفي حال استهداف القوات الروسية، يكون الرد فوريًا، وفي هذه الحالة تغيّر روسيا قواعد الاشتباك، وفق الأسعد، الذي يرى أن تغيّر قواعد الاشتباك بين القوات الأمريكية والروسية في سوريا بسبب الاستهداف الروسي لـ”مغاوير الثورة” ليس بالأمر الوارد.

بالمقابل، اعتبر الأسعد أن القوات الأمريكية من الممكن أن تغيّر قواعد الاشتباك إذا تعرضت لأي احتكاك يمس أمنها، لذلك تقوم دائمًا بإرسال إشارات ورسائل احترازية لعدم الاقتراب من قواعدها في سوريا، من خلال استقدام التعزيزات، وإجراء المناورات العسكرية.

قصف سابق على “التنف”

ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي تُستهدف فيها القاعدة الأمريكية بمنطقة التنف، إذ تعرضت، في تشرين الأول 2021، لقصف صاروخي لم يسفر عن وقوع إصابات.

وقال مسؤول عسكري في القيادة الوسطى الأمريكية حينها، إن قاعدة “التنف” تعرضت لقصف صاروخي دون وقوع إصابات، مشيرًا إلى أن التقديرات الأولية تشتبه في قيام ميليشيات مدعومة من إيران باستهداف القاعدة.

وفي قوت لاحق من الشهر نفسه، صرح مسؤولون أمريكيون أن إيران كانت وراء هجوم الطائرات من دون طيار على قاعدة “التنف”.

وأفادت صحيفة “POLITICO” الأمريكية، أن أمريكا تعتقد أن إيران قدمت الموارد وشجعت على الهجوم، لكن الطائرات المسيّرة لم يتم إطلاقها من إيران.

وقال المسؤولون إنها كانت طائرات إيرانية من دون طيار، ويبدو أن إيران سهّلت استخدامها، مشيرين إلى أن الهجمات شملت ما يصل إلى خمس طائرات مسيّرة محمّلة بالعبوات الناسفة، وأنها أصابت كلًا من الجانب الأمريكي من ثكنة “التنف”، والجانب الذي توجد فيه قوات المعارضة السورية.

وفي 17 من كانون الأول 2021، أسقطت طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني طائرة مسيّرة اعتبرتها تهديدًا لقوات التحالف في قاعدة “التنف”.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية حينها، إن طائرة من القوات الجوية الملكية من طراز “تايفون” أسقطت طائرة مسيّرة شكّلت تهديدًا لقوات التحالف الدولي في قاعدة “التنف”.

وتقع قاعدة ”التنف” على بعد 24 كيلومترًا من الغرب من معبر “التنف” (الوليد) عند المثلث الحدودي السوري- العراقي- الأردني، في محافظة حمص.

وتنتشر 597 قاعدة عسكرية أجنبية في سوريا، بحسب دراسة أعدها مركز “جسور للدراسات” نهاية عام 2021، وتعتبر حصة حمص من هذه القواعد 51 قاعدة أغلبها إيراني.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا