“بعد أشهر من الخسارات المتتالية، صرت مضطرًا لبيع ثلاث أغنام أسبوعيًا لتأمين ثمن العلف لما تبقى من القطيع”، كلمات قليلة قالها أحد مربي الأغنام رائد القش (45 عامًا) لينقل معاناة مربي الأغنام في إدلب جراء الارتفاع المستمر بأسعار العلف.
لم يستطع رائد بيع أي من أغنامه منذ أكثر من أسبوعين بسبب ركود الأسواق، وعزوف الأهالي والسكان عن الشراء، وهو ما يزيد من خسارته، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
واضطر الشاب لبيع 40 رأسًا من الأغنام من أصل 260 رأسًا، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لتأمين العلف الذي يبلغ ثمنه 439 دولارًا أمريكيًا للطن الواحد، بعد أن وجد نفسه مجبرًا على خفض أسعار المواشي للتخلص من أعباء علفها الذي بات يفوق قدرته الشرائية بأضعاف، وفق ما قاله لعنب بلدي.
وأضاف أن شراء الأعلاف بسعر الدولار الأمريكي وبيع مواشيه بالليرة التركية أحد أبرز أسباب الخسائر، جراء التذبذب المستمر بسعر صرف الليرة مقابل الدولار.
لا يخفي رائد نيته الامتناع عن مزاولة مهنته في تربية الأغنام والمواشي، بعد أن باتت تقاسمه لقمة عيشه وعيش أطفاله، في إشارة إلى الخسائر المتكررة التي لحقت به في الأشهر الأخيرة.
وتسبب ارتفاع أسعار الأعلاف إلى مستويات قياسية، إلى جانب قلة الأراضي الرعوية، بتدهور قطاع الثروة الحيوانية في إدلب، نتيجة امتناع عشرات المربين عن تربية المواشي بعد تعرضهم لخسائر وصفوها بـ”الفادحة”.
وعلى مقربة من مدينة الدانا شمالي إدلب، يجلس محمد العلي (48 عامًا) وهو مربي مواشٍ في سوق الغنم، وقد بدت على وجهه علامات الاستياء من حالة الركود التي لم تعتدها الأسواق منذ سنوات، بحسب تعبيره.
“الغنم عم يفطس من الجوع وما في بيع ولا شراء”، قال محمد، مضيفًا أنه صار مجبرًا على بيع ما يملك من المواشي بخسارة جراء عجزه عن تأمين مادة العلف لأغنامه من جهة، وعدم قدرته على الرعي بسبب غياب الأراضي الرعوية بعد أن سيطرت قوات النظام على مساحات واسعة منها بريفي إدلب وحماة، من جهة أخرى.
وكان محمد يلجأ إلى الأراضي الزراعية المزروعة بالأعلاف في مناطق جبل الزاوية وسهل الغاب لرعي قطعانه عندما ترتفع أسعار الأعلاف المستوردة من تركيا، بينما لا يوجد أمامه اليوم سوى البيع الذي يتحول تدريجيًا إلى طريق “مسدود”.
وانتقد الشاب تجاهل الجهات الحكومية المسيطرة لأوضاع مربي الأغنام والمواشي، مطالبًا بدعم مادة العلف وتوزيعها بشكل مجاني أو بأسعار مقبولة على المربين، من خلال إلغاء الضرائب المفروضة على استيرادها لتخفيف التكاليف والأعباء عن المربين.
ويعمل محمد العلي الذي ينحدر من بلدة العنكاوي بمنطقة سهل الغاب في مهنة تربية وتجارة المواشي منذ 25 عامًا، وهي مهنة كانت تمكّنه من إعالة أسرته المؤلفة من ستة أشخاص، ولكنها لم تعد تؤمّن رأس مالها في هذه الأيام، بحسب تعبيره.
وتعتبر الثروة الحيوانية في محافظة إدلب أحد أهم القطاعات التي توفر فرص عمل للسكان وخاصة النازحين من ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، بالإضافة إلى ريف حلب الجنوبي، ويؤثر تراجع المهنة بشكل كبير على مصدر رزقهم.
–