لم تعلم فريال الصافي كيف تتعامل مع مرض جدري الماء الذي أصاب ثلاثة من أطفالها، فهي تعيش في مخيمات “كللي” النائية، حيث لا توجد مراكز علاجية ولا خدمات ولا مواصلات.
تبعد المراكز الصحية عن مخيم فريال ما لا يقل عن 25 كيلومترًا، بحسب ما قالته لعنب بلدي، وظهرت على أطفالها أعراض مرض جلدي تواترت بين حكة واحمرار وحساسية وارتفاع في درجة الحرارة وإعياء.
قالت فريال (33 عامًا) إن الإصابة بدأت من ابنها رائد (8 سنوات) حين كان يرتاد مدرسة المخيم، ليصاب بالعدوى من أصدقائه، وينقلها بدوره إلى أخويه الصغيرين بعد 25 يومًا.
تعاملت فريال مع المرض وفق ما تعلمته من أمها وجدتها سابقًا، وهي المعقمات وما يعرف بـ”الدهنة الحمراء” وهي نوع من المعقمات تشتهر بلونها الأحمر الداكن وعدم تسببها بحرقة جلدية حين وضعها على مكان الإصابة، عكس المعقمات الأخرى التي تحوي على كحول وتسبب ألمًا شديدًا.
بينما لم تنتظر رابعة الحسين (40 عامًا) ريثما يشفى أطفالها من تلقاء أنفسهم كما فعلت الكثيرات من ساكني “مخيم الرحمة”، حيث تقيم ضمن مخيمات “أطمة” الحدودية، وإنما سارعت للحصول على علاج لأطفالها الذين راحوا ينقلون المرض لبعضهم.
وقالت رابعة لعنب بلدي، إن المرض شديد العدوى وهو يترافق مع أعراض مؤلمة أهمها الحكة الشديدة وارتفاع درجات الحرارة، وهو ما دفعها لعرض أطفالها على طبيب للأمراض الجلدية والذي وصف لهم العديد من الأدوية كخافض حرارة وأدوية مسكنة، وأكد أن المرض ليس بتلك الخطورة ويحتاج شفاؤه لبعض الوقت فقط، ونصحها باتباع سبل الوقاية بعدم خروج أطفالها من الخيمة، إلا حين شفائهم الكامل لعدم نقل العدوى إلى غيرهم من أطفال المخيمات.
وترجع رابعة انتشار الأمراض الجلدية في المخيم لوجوده على مقربة من مكب النفايات، إضافة لمشاكل الصرف الصحي، التي لازالت قائمة منذ قدومهم إلى المخيم منذ أكثر من ثلاث سنوات حتى اللحظة.
ينشط في فصل “الصيف”
مسؤول الرعاية الصحية الأولية في مديرية صحة إدلب، دريد رحمون، قال في حديث لعنب بلدي، إن انتشار مرض الجدري، يبدأ ظهوره بفترة الصيف وبدء الدفء، باعتبار أن هذا الفصل الحار من السنة يساعد على نمو الطفيلي بشكل أكبر.
أما الأسباب الأساسية لزيادته، فهي وجود فيروس “الحماق” الذي يسبب الداء الجدري ووصوله لداخل منطقة النمو وإظهار الاعراض، ما يوضح الإصابة بالمرض.
ولابد أن يصيب المرض كل شخص لمرة واحدة في حياته، وهو أمر حتمي، على الأقل لمرة واحدة، وبعد الإصابة يكتسب الجسم، مناعة مدى الحياة منه.
واكتشفت حالات الإصابة في المخيمات من خلال فرق التوعية الصحية التي تزور المدارس وتقدم خدمات التوعية الصحية.
ووصل عدد الحالات المكتشفة إلى مايقارب 150 حالة، ويفترض أن كل الحالات التي أُكدت هي حالات معدية.
إذ يبقى الفيروس في الجسد قبل أن تظهر أعراضه لمدة 21 يومًا، ويمكن أن يكون من دائرة أطفال العائلة في المنزل إلى خارجه.
وعليه قد تصل الأرقام إلى ما يقارب 600 إصابة ضمن مدينة إدلب، ومن الممكن أن تكوم الإحصائية بضعف أو ضعفي هذا الرقم إذا أجريت إحصائية دقيقة للحالات الطبية، بحسب رحمون.
ويصيب المرض الأطفال في معظم حالاته في عمر مادون 12 عامًا، ولاسيما في البيئة المدرسية.
الإجراءات العلاجية
وأوضح الطبيب أن العلاج يتضمن العزل الوقائي داخل المنزل، واستخدام مطهرات للجلد في حال ظهور بثور ومضادات الحساسية في حال ظهور الحكة إلى جانب خافضات للحرارة.
أما الأعراض تتراوح ما بين ارتفاع طفيف في الحرارة وتعب عام للطفل إلى جانب الحكة الجلدية.
ويفضل أن يمنع المصاب بمرض الجدري من فتح البثور الموجودة على سطح الجلد.
وغالبًا ما يظهر المرض ويزول بين فترة 72 ساعة إلى الأسبوع، بشكل هادئ دون أي أعراض أخرى.
وقلما تظهر عقابيل تنفسية أو دماغية، إلا عند المرضى ضعيفي المناعة كالأطفال الرضع، إذ تكون مناعتهم ضعيفة ممكن تتطور في الاعراض، لكن هذا الأمر نادرًا ما يحصل، بحسب رحمون.
وللحد من الانتشار تواصلت مديرية الصحة مع مسؤولين من الصحة المجتمعية في المنظمات، وطلبت من عناصر الصحة المجتمعية أن يقدموا خدمات التوعية الصحية إلى جانب كتيبات خاصة بداء الجدري والحصبة الألمانية مترافقة مع الإرشادات حول طريقة التوعية الصحيحة لهؤلاء العناصر، لإيصال الصورة الصحيحة للتعامل هذا الوباء في حال أصيب أحد أفراد العائلة للتقليل من أعداد الاصابات، وعدد الأشخاص الذين يمكن يتعرضوا لهذا الفيروس.
شاركت في إعداد هذه المادة مراسلة عنب بلدي في إدلب هدى الكليب