عنب بلدي – حمص
على دراجته النارية، يجوب “أبو محمود” (48 عامًا) شهريًا مزارع ريف حمص الشمالي لشراء حاجة قطيعه من التبن، يقف بالقرب من الحصادة التي بدأت بحصاد أحد الحقول في مزارع مدينة الرستن الشرقية.
قال “أبو محمد” لعنب بلدي، إن “موسم التبن هذا العام قليل جدًا، لم تهطل الأمطار الربيعية بشكل كافٍ، فلم تنمُ سنابل القمح أبدًا، التبن هو الغذاء الرئيس للمواشي خلال الشتاء، وإن لم نشترِ الآن سنضطر لبيع القطعان في الشتاء المقبل”.
مع انحسار موجة الحر الأخيرة، بدأ موسم حصاد القمح في محافظة حمص، وسط سوريا، ليبدأ مربو المواشي سباقهم لشراء التبن الذي ارتفع سعره، ملامسًا الألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد نهاية الموسم الماضي.
ارتفاع تكاليف الحصاد، وعدم نجاح موسم القمح، رفع سعر التبن منذ بدء الموسم حتى 500 ليرة للكيلوغرام الواحد، تُضاف إلى ذلك أجور التعبئة وثمن الأكياس والنقل.
جميع أنواع التبن ارتفعت
يعتبر التبن محصولًا رئيسًا وموازيًا لمزارعي الحبوب من القمح والجلبان وحبة البركة، إذ يعتمد عليه مربو المواشي اعتمادًا كليًا لإطعام القطعان، لعدم توفر المراعي خلال فصل الشتاء.
يملك “أبو محمد”، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قطيعًا من الأغنام في قرية عز الدين شرق مدينة الرستن.
“خلال فترة الشتاء ينتهي موسم الرعي، ونبدأ بإطعام المواشي من المخازن، نقدم للأغنام وجبة واحدة من العلف الذي وصل سعر الكيلو منه إلى 4500 ليرة، ووجبتين من التبن مضافًا إليه الشعير”.
يسعى المربون لشراء التبن وتخزينه في المستودعات من الحقول مباشرة، خوفًا من ارتفاع ثمنه، وقبل بدء تهريبه إلى لبنان، كما حصل العام الماضي.
“نحاول شراء ما نستطيع شراءه من التبن خلال موسم الحصاد، فأسعار التبن تتضاعف خلال فصل الشتاء، الشتاء الماضي وصل سعر الكيلو إلى أكثر من ألف ليرة في حال توفره، بعد أن بدأ تهريبه من قبل التجار إلى لبنان”، وفق ما أضافه “أبو محمد”.
تكاليف الحصاد تضاعف الأسعار
ارتفعت تكلفة حصاد القمح إلى 50 ألف ليرة للدونم الواحد، بعد ارتفاع أسعار مادة المازوت التي وصلت إلى أربعة آلاف ليرة لليتر الواحد في السوق السوداء، فيما وزّعت الجمعيات الفلاحية أربعة ليترات من المازوت لكل دونم قمح مسجل لديها.
لقمان (39 عامًا)، وهو يعمل سائقًا على إحدى الحصادات في مدينة تلبيسة شمالي حمص، قال لعنب بلدي، إن “الحصادة بحاجة إلى ثمانية ليترات من المازوت لحصاد كل دونم، ثمنها أكثر من 30 ألف (ليرة)، ولم تلتزم الحكومة بتزويد الحصادات بالمازوت الزراعي، بل وزعت أربعة ليترات على الفلاحين لكل دونم”.
وأضاف لقمان، تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن مبلغ 50 ألف ليرة هو الحد الأدنى للأجور، في نفس الوقت، فإن ثمن الحصادة يتجاوز الـ100 مليون ليرة وتكاليف صيانتها مرتفعة جدًا.
ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية خلال الأسبوع الماضي إلى 4000 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.
ارتفاع أجور الحصادات رفع أسعار التبن، فالقمح محصول استراتيجي مهم ولا تسمح الدولة للتجار بالتعامل به، وتحتكر شراءه وتسويقه وتحديد سعره، ما يجعل الفلاحين عاجزين عن رفع سعره، ما يضطرهم لرفع أسعار التبن لتغطيه ما يمكن تغطيته من التكاليف.
أنواع جديدة لعلف المواشي
كان مربو الماشية يعتمدون على تبن القمح والشعير والجلبان لإطعام قطعانهم، لكن ارتفاع الأسعار فتح الباب أمام تبن بقية المحاصيل للدخول إلى معالف القطعان.
في العام الحالي اضطر بعض مربي المواشي لشراء أنواع جديدة من التبن لم يعتمدوا عليها في السابق، بحسب ما ذكره لقمان، مثل تبن الكزبرة وحبة البركة الذي كان المزارعون يتخلصون منه بالحرق، أو كانوا يأخذونه مجانًا لفرش أرض الحظائر به.
وبلغ ثمن الكيلو الواحد من تبن الجلبان ألف ليرة، ووصل ثمن ذات الكمية لتبن الشعير إلى 600 ليرة، تُضاف إليه تكاليف التعبئة والنقل، أما تبن الكزبرة وحبة البركة فتراوح سعر الكيلوغرام الواحد بين 50 و100 ليرة.