هل ينشط الاقتصاد السوري؟
“الحكومة” تشجع تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة
عنب بلدي– جنى العيسى
في 31 من أيار الماضي، ناقشت حكومة النظام السوري مشروع الصك التشريعي الخاص بـ”تشجيع” الشركات العائلية على التحول إلى شركات مساهمة مغفلة، وذلك لـ”أهميتها ودورها في تنمية الاقتصاد، وكونها فرصة متاحة للاستثمار”.
ولا يعتبر الحديث عن المشروع جديدًا، إذ كررت الحكومة دراسة بنود لقوانين قد تشجع على التحول في عدة مناسبات خلال السنوات الماضية، ففي نهاية كانون الثاني الماضي، نقلت صحيفة “الثورة” الحكومية، عن مصادر رسمية (لم تسمِّها)، معلومات عن تشكيل لجنة برئاسة معاون وزير المالية، لإنجاز مسودة تعديل القانون المتعلق بتحويل الشركات العائلية إلى مساهمة.
وتضم اللجنة، بحسب المصادر، ممثلين عن “الهيئة العامة للضرائب والرسوم”، و”هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية”، و”سوق دمشق للأوراق المالية”، و”نقابة المهن المالية والمحاسبية”.
تنشط الاقتصاد لكن ليس اليوم
الدكتور في العلوم المالية والمصرفية فراس شعبو، قال لعنب بلدي، إن توجه حكومة النظام لتحويل الشركات العائلية إلى مساهمة بدأ منذ عام 2007، خاصة مع إنشاء “سوق دمشق للأوراق المالية” منتصف عام 2008.
وبرر شعبو توجه الحكومة حينها، بمحاولتها تنشيط الحالة الاقتصادية، إذ يخلق تحويل الشركات إلى مساهمة المزيد من الفرص الاستثمارية، ويحسّن القدرات المالية عبر التمويل الذي ستدخله هذه الشركات.
لكن التوجه حينها كان منطقيًا، بحسب شعبو، كون البنية التحتية الاقتصادية كانت موائمة نوعًا ما لتحويل الشركات إلى مساهمة، موضحًا أن وجود “سوق دمشق” أسهم بتسريع وتيرة التحويل، بينما اعتبر شعبو أن الحديث اليوم عن هذه القضية، وتوجه الحكومة نحوها، بعيد جدًا عن الواقع، إذ يتطلّب تطبيقها مزايا وشروطًا قانونية، ووجود بيئة اقتصادية سليمة، ومزايا ضريبية، كما يتطلّب تقدير القيمة العادلة لأصول هذه الشركات، منوهًا إلى أن قيمة الليرة السورية تسهم بعدم استقرار وضع تلك الشركات أيضًا.
وفي مطلع تشرين الأول عام 2007، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، المرسوم “61“، الخاص بتحويل نوع الشركة وإعادة تقييم أصولها الثابتة.
إلا أن العمل بالمرسوم انتهى عام 2010، دون أن تستفيد منه ولا حتى شركة واحدة، ووعدت حكومة النظام منذ ذلك الوقت بإقرار قانون تحويل الشركات، دون أن يصدر عنها شي حتى الآن.
ما الشركات العائلية؟
الشركات العائلية، هي الشركات التي تملكها وتديرها عائلة اكتسبت شهرتها من الشركة نفسها أو بالعكس، وتنتسب في التأصيل التاريخي إلى شخص واحد هو مؤسسها.
وتنتشر الشركات العائلية بشكل واسع في جميع الدول حول العالم، وينحصر تصنيفها القانوني في عدة مسميات، فهي شركات ذات مسؤولية محدودة، أو شركات تضامن، أو توصية بسيطة، أو توصية بالأسهم، ويمكن أن يُضاف إليها الشركات المساهمة الخاصة (المغلقة)، والتي أجازت قوانين بعض الدول تداول أسهمها في البورصات.
ما الشركات المساهمة المغفلة؟
ينقسم رأس مال الشركة المساهمة المغفلة إلى أسهم متساوية القيمة قابلة للتداول، ولا يسأل الشركاء (المساهمون) فيها إلا بمقدار قيمة أسهمهم في رأس المال.
وتعتبر من أهم الأشكال القانونية لشركات الأموال وأكثرها انتشارًا، وتعد ذات صفة تجارية أيًا كان موضوعها.
البيئة التشريعية غير مواتية
قبل الحديث عن البيئة الاقتصادية، يعتقد الدكتور فراس شعبو، أن من أبرز ما يواجه فرض تحويل الشركات العائلية إلى مساهمة، هو عدم وجود بيئة تشريعية وقانونية لتنظيم عمل هذه الشركات.
واعتبر شعبو أن البيئة التشريعية الحالية غير ملائمة لتطبيق هذا الأمر، على مختلف الأصعدة كالتقييم المالي، أو طرق التحويل، أو القوانين الضريبية، أو الهيكل التنظيمي لآلية عمل هذه الشركات.
وفي حالة الاقتصاد الجيد، والبيئة السليمة، يعتبر تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة (تدرج في سوق البورصة)، أو مساهمة خاصة، أو شركات مساهمة محدودة المسؤولية (تكون محصورة بمجموعة من الأشخاص)، أمرًا جيدًا جدًا من الناحية الفنية والمالية، بحسب شعبو.
لكنه لن يحمل أي فائدة أو يسهم بتحسين الوضع الاقتصادي في بيئة الاقتصاد السوري المتهالك بالعموم، الذي لا يستطيع تأمين الحد الأدنى من الالتزامات تجاه الأفراد والشركات.
لا تنوع قطاعات في سوق “دمشق”
يرى الدكتور فراس شعبو أن من أبرز مزايا تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، هو توفير فرص استثمارية للشركات والأفراد، كي يكون هنالك نوع من الاستثمارات في الأسهم المدرجة في هذه الشركات.
لكن “سوق دمشق” غير فاعل بالأساس، بسبب عدم وجود ثقة بالاقتصاد السوري، الأمر الذي ينتج عنه عدم ثقة أيضًا في الشركات السورية المساهمة، بحسب شعبو، موضحًا أن “سوق دمشق” اليوم، هو عبارة عن مجموعة من المصارف وشركات التأمين فقط، بالإضافة إلى عدد بسيط جدًا من الشركات الصناعية وأخرى للاتصالات.
وبحسب تصريح للمدير التنفيذي لـ”سوق دمشق”، عبد الرزاق قاسم، في شباط 2019، تشكّل الشركات العائلية 80% من مجموع الشركات في سوريا.
واعتبر قاسم حينها، أن ما يمنع الشركات العائلية من التحول إلى مساهمة، أو إلى أي شكل قانوني آخر، “عدم وجود شفافية وثقافة كافية لديها”، وعدم وجود العدالة الضريبية والتكاليف المرتبطة بالتأمينات الاجتماعية بين الشركات العائلية والمساهمة العامة.
وتوجد في سوريا 53 شركة مساهمة فقط، بعض منها خارج عن العمل، بالإضافة إلى 27 شركة فقط مساهمة عامة مدرجة في البورصة، بينما لم تستوفِ الشركات الأخرى شروط الإدراج ضمن البورصة، بحسب تقرير لموقع “الاقتصادي”، صدر مطلع 2021.
وبحسب بيانات “سوق دمشق”، فإن حصة الأجانب في رأسمال الشركات المساهمة العامة هي 0.12% في قطاع الخدمات، و1% في قطاع الزراعة، و27% في قطاع التأمين، و43% في الاتصالات، و48% في قطاع المصارف، و65% في قطاع الصناعة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :