تزداد في فصل الصيف
مسطحات وآبار مكشوفة تبتلع الأطفال في إدلب
عنب بلدي- إدلب
لم تفلح محاولات فرق “الدفاع المدني السوري” في إنقاذ الطفل يوسف دقماق، البالغ من العمر خمسة أعوام، الذي فقد حياته إثر سقوطه في بركة ماء معدة لري المحاصيل الزراعية، ليكون بذلك واحدًا من ست ضحايا أطفال ماتوا بنفس الطريقة في ريفي إدلب وحماة، خلال أيار الماضي.
تكررت حوادث تسجيل حالات وفاة وإصابات، سواء غرقًا أو جراء السقوط في الآبار أو خلال العمل فيها، ضمن مناطق الشمال السوري مع بداية فصل الصيف هذا العام.
وتسجل محافظة إدلب شمال غربي سوريا، مع قدوم فصل الصيف في كل عام، عشرات الوفيات من الرجال والأطفال بحوادث غرق مختلفة، بسبب خطورة المسطحات المائية الموجودة في المنطقة، وعدم صلاحيتها للسباحة بسبب طبيعتها المنحدرة وغير الآمنة.
في 15 من أيار الماضي، عُثر على الطفل يوسف الذي ينحدر من بلدة إبلين، جنوبي محافظة إدلب، غارقًا في بركة مياه مخصصة للزراعة بعد حوالي ساعة من فقدانه، بعد أن فشلت جميع محاولات إنقاذه، ليفقد حياته على إثر الحادثة.
وبحسب ما قالته نهى الحلاق (38 عامًا)، وهي من سكان البلدة، لعنب بلدي، فإن بركة الماء التي سقط فيها الطفل مكشوفة وليس لها سقف أو سور، وبعمق يصل إلى أكثر من مترين، ما جعل احتمالية السقوط بداخلها كبيرة، وفرص النجاة منها ضئيلة لطفل لا يتجاوز الخامسة من عمره.
وقبل هذه الحادثة بأسبوع واحد، تمكّنت مجموعة من المزارعين من إنقاذ طفل آخر يبلغ من العمر تسع سنوات، خلال سباحته في ذات البركة، وهو ما يظهر خطورة هذه المسطحات المائية على الأطفال، وضرورة اتخاذ سبل الوقاية والأمان من خلال سقفها وتأمينها بشكل كامل.
ومنذ مطلع عام 2022 وحتى 3 من حزيران الحالي، استجابت فرق “الدفاع المدني” لـ14 نداء استغاثة لحالات غرق في شمال غربي سوريا، تمكّنت خلالها من إنقاذ ستة أشخاص سقطوا في آبار ماء، فيما تم انتشال جثامين عشرة آخرين، وفق إحصائيات الموقع الرسمي للفريق التطوعي.
واستهدف “الدفاع المدني” خلال العام الماضي 45 متطوعًا من فرقه بعموم مناطق شمال غربي سوريا بتدريبات للغطس والإنقاذ، قُسمت على ثلاثة مستويات، وتم اختيارهم عن طريق لجنة من مدربي الغطس المختصين، وإخضاعهم لفحوصات اللياقة البدنية والسباحة وفحوصات طبية تتعلق بصحتهم العامة.
المزيد من القصص المؤلمة
في حادثة مشابهة، توفي الأخوان صالح الجنكي (ثلاثة أعوام) وشقيقته يمان (خمسة أعوام)، وهما نازحان من بلدة التح جنوبي محافظة إدلب، خلال سباحتهما في بركة مياه تُستخدم لري المزروعات في مدينة بنش بريف إدلب الشرقي.
محمد الخالد (35 عامًا)، الذي كان شاهدًا على الحادثة، قال لعنب بلدي، إن “الطفلين كانا يلعبان بالقرب من بركة المياه في أثناء انشغال والدهما بالعمل في أرضه الزراعية، حيث تفاجأ باختفائهما عن ناظريه ليجدهما وقد غرقا في بركة الري”.
وأضاف الشاهد أن الطفلة “كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة عندما انتشلها والدها من البركة، في حين كان الطفل مفارقًا الحياة. جميع محاولات الفرق الإسعافية لإنقاذ الطفلة يمان فشلت بسبب تسرب كمية كبيرة من الماء إلى رئتيها، ما أدى إلى وفاتها بعد فترة قصيرة”.
وحذّرت فرق “الدفاع المدني” في وقت سابق الأهالي، خصوصًا بعدما بدأت درجات الحرارة بالارتفاع، بعدم الاقتراب من أطراف الأنهار والبرك المائية والآبار لخطورتها.
ودعت الأهالي والمزارعين للإبلاغ عن أي آبار مكشوفة أو حفر عميقة ضمن مناطقهم أو في محيط منازلهم ومزارعهم، في سبيل تأمينها وردمها من قبل “الدفاع المدني”، لحماية الأهالي وأطفالهم.
الوضع المعيشي أحد الأسباب
يزداد هذا النوع من الحوادث في فصل الصيف، حيث يتوافد الأهالي للترفيه ضمن مناطق المسطحات المائية للسباحة، أو يعتمد المزارعون على برك تجميع المياه من أجل سقاية مزروعاتهم، خاصة في ريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب.
و”الظروف الاقتصادية والمعيشية تفرض نفسها في كل مرة على الأهالي والسكان في محافظة إدلب، لتشكّل ظواهر خطيرة وعديدة، أبرزها كثرة حوادث الغرق التي أودت بحياة عشرات الأشخاص معظمهم من الأطفال”، وفق ما قاله رائد سلوم، وهو متطوع في “الدفاع المدني” لعنب بلدي.
“ارتفاع أجور وأسعار أحواض السباحة والمنتزهات، دفع معظم السكان في إدلب للاصطياف على ضفاف الأنهار والمجمعات والبرك المائية، التي تعد خطرة إلى حد كبير نتيجة التيارات القوية وتفاوت مستويات العمق في هذه المسطحات”، وفق ما أوضحه سلوم، فضلًا عن كثرة الصخور والأعشاب الصلبة التي تعوق حركة الشخص وتفقده السيطرة على الماء، ما يؤدي إلى الغرق.
ولذلك، اعتاد أغلب الأهالي ضمن المنطقة سباحة الأطفال في البرك الزراعية، بحسب سلوم، لكن يجب أن يتم سقف هذه البرك لمنع تكرار حوادث الغرق فيها.
وعلى الرغم من حملات التوعية الجوّالة و”البروشورات” التعريفية التي يوزعها “الدفاع المدني”، فإن بعض الأهالي لا يكترثون بالتعليمات، لعدم وجود قوانين رادعة للسباحة في البحيرات والأنهار الخطرة.
وأبرز المناطق التي تشهد حالات غرق، بحسب ما أشار إليه سلوم، هي ضفاف نهري “العاصي” و”الفرات”، وبحيرة “ميدانكي” و”عين الزرقاء”.
كما سجل فريق “الدفاع المدني” حالات في سواقي الأنهار المنتشرة شمال غربي سوريا، إلى جانب البرك المائية الصناعية المخصصة للزراعة، التي تسببت بحالات غرق، من بينها أطفال.
ووثّق “الدفاع المدني”، عام 2020، غرق أكثر من 45 شخصًا في شمال غربي سوريا، وفي عامي 2018 و2019، انتشلت فرق الغطس 95 مدنيًا بينهم 23 طفلًا و12 امرأة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :