في 31 من أيار الماضي، اختتم “ميثاق شرف للإعلاميين السوريين” ورشة تدريبية حضرتها عنب بلدي، أُقيمت في مدينة مرسين التركية بعنوان: “الصحافة المهنية والأخلاقية، ودورها في تعزيز قيم الديمقراطية”، حضرها 22 صحفيًا وصحفية سوريين، منهم مستقلون ومنهم من يمثلون مؤسسات إعلامية سورية مستقلة.
الورشة التي أُقيمت على مدار يومين، قدمت العديد من التدريبات في مبادئ الصحافة المهنية الأخلاقية، بالإضافة إلى أثر المعلومات المضللة على العملية الديمقراطية، وطرق التعامل مع البيانات والأرقام، وتوظيفها توظيفًا صحيحًا لتبسيط معلومات معقدة مثلًا.
وتطرقت مدربة الورشة، أستاذة الإعلام المساعد في جامعة “القاهرة”، الدكتورة منى عبد المقصود، إلى الحديث عن أهمية صحافة البيانات في تقديم المعلومات، عبر عرض المهارات الأساسية للعرض البصري، وخطوات عرض المعلومات، عن طريق عرضها بأشكال عديدة، كـ”الرسم البياني الشريطي، المخطط النقطي، الخرائط، المخطط العمودي، الدائرة، خريطة توزيع النقاط، وغيرها”.
كما شرحت عبد المقصود آلية كشف التضليل البصري للحقائق، من خلال تطبيقات عملية.
من جهته، شارك المدير التنفيذي لمنصة “تأكد” للتحقق من المعلومات والأخبار، الصحفي السوري أحمد بريمو، بإطلاع المشاركين في الورشة على آليات التحقق من الأخبار بعد النشر، عن طريق أدوات مساعدة في الرصد والتحقق معًا.
لا مناهج أكاديمية تدرس صحافة البيانات
الدكتورة منى عبد المقصود قالت لعنب بلدي، إن الصحافة العربية بالعموم، ومنها السورية، لا تزال في بداية اعتمادها على صحافة البيانات، موضحة عدم وجود مواد إعلامية تدرس هذا المجال في كليات الإعلام حتى اليوم، مشيرة إلى أنها اليوم في مرحلة الاستطلاع وكسب المهارات، والتعرف إلى الأدوات والتقنيات التي يمكن من خلالها إنشاء عرض بصري.
ورغم ذلك اعتبرت عبد المقصود أن فرصة الصحفيين الجدد “كبيرة” لتعلم مهارات صحافة البيانات، عبر فرص تتيحها مواقع الإنترنت المنتشرة حول العالم، متوقعة أنه خلال خمس سنوات، قد يكون هناك حصاد كبير في هذا المجال، كون معظم المؤسسات بدأت تهتم وتستوعب التطور التكنولوجي الخاص بالتعلم السريع.
ما صحافة البيانات؟
صحافة البيانات أو الصحافة القائمة على البيانات، هي عملية صحفية تعتمد على تحليل مجموعات البيانات الكبيرة وتصفيتها، بغرض إنشاء قصة إخبارية أو رفع مستوى أدائها.
وبحسب “شبكة الصحفيين الدوليين”، تعتبر “صحافة البيانات” أحد التوجهات الحديثة في الممارسات الصحفية، بعد أن أصبح المتلقي يملّ من قراءة المقالات، كما أسهمت أزمة الصحافة الورقية في تطور صحافة البيانات، خاصة بعد عزوف عدد كبير من القراء عن مطالعة الصحف، بالإضافة إلى وفرة المعلومات التي مكّنت الصحفيين من معالجة الكم الهائل من المعلومات التي يحصلون عليها.
وتتلخص مراحل إنجاز قصة صحفية مدفوعة بالبيانات بالخطوات التالية:
- العثور على البيانات.
- التحقق من البيانات.
- تنظيف البيانات وتوضيبها.
- تحليل البيانات.
- اختيار الأشكال البيانية المناسبة للقصة.
تدقيق المعلومات ما قبل النشر
كما تحدث الصحفي الاستقصائي ومشرف التحقيقات في شبكة “أريج” للصحافة الاستقصائية، الصحفي أحمد عاشور، في جلسة منفصلة خلال الورشة، عبر تطبيقات عملية، عن آليات التحقق من المعلومات والأخبار على الإنترنت في مرحلة ما قبل النشر، مشيرًا إلى أهمية أن تعتمد المؤسسة الإعلامية على شخص مهمته فقط تدقيق المعلومات، والتأكد من صحتها ما قبل النشر، خاصة في المواد المعمقة، والتحقيقات الاستقصائية.
وأكدت الدكتورة عبد المقصود، أن لتدقيق المعلومات ما قبل النشر أهمية كبيرة جدًا، لافتة إلى أن المستفيد الأكبر منها هو المؤسسة الإعلامية، رغم أنها قد تبذل مجهودًا ووقتًا أكبر قبل نشر المحتوى، لكنها تحفظ سمعتها ومكانتها المهنية لدى الجمهور، من خلال عدم نشرها معلومات مضللة أو زائفة، الأمر الذي يعود بالنهاية على المؤسسة نفسها، سواء بخسائر في سمعتها أو خسائر قانونية، أو أن تفقد مصداقيتها لدى الجمهور.
التدقيق وفق منهجية واضحة
الصحفي الاستقصائي أحمد عاشور، قال لعنب بلدي، إن المؤسسات الإعلامية، العربية عمومًا والسورية خصوصًا، يبدو أنها لا تخطو خطوات حقيقية في الوقت الحالي للاعتماد على مدققي معلومات ما قبل النشر.
وفسر عاشور ذلك بعدة أسباب، قال إن من أبرزها السبب الاقتصادي والمادي من جهة، وتعودهم على وتيرة العمل السريع من جهة أخرى.
وأضاف عاشور أن العديد المؤسسات الإعلامية الدولية بدأت بإدخال وظيفة تدقيق المعلومات ما قبل النشر، بعد إدراكها لأهميتها جراء وقوعها بأخطاء فادحة ساقتها إلى المحاكم.
ويرى عاشور أن القضية لا تعني بالضرورة وجود وظيفة في المؤسسات الإعلامية تعنى بتوظيف مدققي معلومات ما قبل النشر، موضحًا أن عملية تدقيق المعلومات قبل النشر تقوم بها المؤسسات الإعلامية اليوم كضرورة صحفية، لكنها لا تملك منهجية عمل واضحة للتدقيق.
وأضاف عاشور أن العملية يمكن أن تتم عبر محرر التقرير نفسه (الصحفي الذي أعد التقرير)، أو صحفيين آخرين، لكن وفق منهجية واضحة وأدوات تدربوا عليها، تجعلهم يوقفون نشر التقرير لشكهم في صحة معلومة قد لا تكون دقيقة، بناء على امتلاكهم مهارات أساسية لتدقيق المعلومات ما قبل النشر.
وتنظم “الشبكة العربية لمدققي المعلومات” (AFCN) بشكل دوري، بالتعاون مع خبراء ومختصين، دورات تدريبية تقدم أدوات وتقنيات خاصة بتدقيق المعلومات ما قبل النشر.
–