إثر انخفاض الليرة التركية.. عزوف عن العمل وركود في أسواق إدلب
توقف سعيد رمضان (43عامًا)، المقيم في مخيمات “مشهد روحين” شمال محافظة إدلب، عن العمل على سيارته الجوالة لبيع الخضراوات، وذلك بعد تعرضه لعدة خسائر، تأثرًا بقيمة الليرة التركية.
لم يخرج سعيد رمضان إلى عمله في بيع الخضراوات منذ منتصف الشهر الماضي، بحسب ما قاله لعنب بلدي، وذلك بعد أن وصل سعر ليتر البنزين إلى حوالي 23 ليرة تركية، موضحًا أنه السبب الرئيس لعدم قدرته على إتمام القيام بعمله هو خساراته المتتالية.
وأثّر انخفاض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي على الوضع الاقتصادي وعمال المياومة في شمال غربي سوريا، إذ ما زالوا يحصلون على أجور ثابتة ومتدنية بالليرة التركية، وسط ارتفاع أسعار في جميع المواد تشهده محافظة إدلب.
قال سعيد رمضان لعنب بلدي، إن ارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات قياسية، بالإضافة إلى ارتفاع فوارق تصريفها، لم يترك له حتى هامشًا بسيطًا من الربح، بل وجد نفسه يتعرّض لخسائر بمبالغ تصل إلى 30 و40 ليرة تركية بعد عمله لمدة يوم كامل، وهذا ما دفعه لاتخاذ قرار التوقف عن العمل.
ويحاول رمضان إيجاد فرصة عمل بديلة، تمكّنه من “مواجهة أعباء الحياة”، غير أن جميع محاولاته تلك باءت بالفشل حتى اللحظة، بسبب ندرة فرص العمل وتدني الأجور اليومية.
وفي 31 من أيار الماضي، رفعت شركة “وتد” للمحروقات، العاملة في مناطق نفوذ حكومة “الإنقاذ” شمال غربي سوريا، أسعار المحروقات والمشتقات النفطية إلى مستويات غير مسبوقة في محافظة إدلب، مبررة ذلك بارتفاع أسعار النفط عالميًا.
ووصل سعر ليتر البنزين “مستورد أول” إلى دولار و367 سنتًا، وسعر أسطوانة الغاز إلى 13 دولارًا و13 سنتًا، وبلغ سعر المازوت “الأوروبي” 952 سنتًا، والمازوت من النوع “المحسّن” 676 سنتًا، وسعر المازوت “المكرر” 572 سنتًا.
واليوم، الأربعاء 8 من حزيران، سجل سعر صرف الدولار الأمريكي 17.1 ليرة تركية، كما سجلت قيمة الليرة أمام اليورو الواحد 18.5 ليرة تركية، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات النقدية.
ومنذ مطلع أيار الماضي، بدأت قيمة الليرة التركية بالانخفاض مجددًا، بعد أن ثبت سعر صرف الدولار الأمريكي في آذار ونيسان الماضيين عند حوالي 14.5 ليرة.
أجور لا تكفي معيشة يوم
بالقرب من مدينة سرمدا شمال إدلب، يعمل رائد العيدو (38 عامًا)، وهو نازح من مدينة كفرنبل، يقيم في مخيمات “دير حسان” الحدودية، في مهنة البناء الشاقة، بأجر لا يتجاوز 40 ليرة تركية.
“عايشين من قلة الموت”، قال رائد وهو يرفع يديه المغبرتين، في إشارة منه إلى صعوبة ومشقة عمله في البناء، إذ إن أجرته اليومية لا تكفيه ثمن الخبز وبعض الخضراوات، في ظل الانخفاض المستمر لليرة التركية، وما يرافقه من غلاء الأسعار والمتطلبات الأساسية للمعيشة.
وأضاف رائد أنه أصبح يحتاج إلى أربع ربطات من الخبز يوميًا بدلًا من ثلاث، بعد أن خفضت حكومة “الإنقاذ” وزن ربطة الخبز، وهو ما يكلفه 20 ليرة تركية، أي نصف أجره اليومي الذي لم يعد يسد رمق عائلته المؤلفة من ستة أشخاص.
وانتقد رائد العيدو تجاهل الجهات الحكومية المسيطرة لأوضاع العمال المعيشية، وعدم اكتراثها لمعاناة الناس في إعالة أسرهم، في ظل ما تشهده المنطقة من موجات غلاء مستمرة، مطالبًا بضرورة سنّ قوانين وأنظمة تحفظ لهم حقوقهم وعيشهم الكريم.
وفي 27 من أيار الماضي، خفضت حكومة “الإنقاذ” وزن ربطة الخبز في مناطق سيطرتها لنحو 100 غرام للربطة الواحدة، التي تتضمن خمسة أرغفة بدلًا من سبعة، وحددت سعرها بخمس ليرات تركية.
الأسواق “راكدة”
تشهد أسواق محافظة إدلب حالة من الركود في عمليات البيع والشراء، بسبب غلاء الأسعار، في الوقت الذي كان ينتظر فيه السكان انخفاضها مع قدوم فصل الصيف، بحسب محمد المنفوخ (36 عامًا)، وهو صاحب محل خضراوات في مدينة الدانا شمال إدلب.
محمد المنفوخ قال لعنب بلدي، إن العادة جرت أن تعج الأسواق بالحركة في مثل هذا الوقت من السنة، بسبب قدوم مواسم الخضراوات والفاكهة المحلية والموسمية، التي تعد أرخص من المستوردة، وهو ما لم يحدث، بل تسبب غلاء الأسعار في عزوف الناس عن الشراء.
واعتمدت حكومتا “الإنقاذ” و”السورية المؤقتة” العاملتان في الشمال السوري، الليرة التركية كعملة للتداول في حزيران 2020، كونها أكثر استقرارًا من الليرة السورية، إلى جانب تداول الدولار الأمريكي في التعاملات التجارية الخارجية.
وجاء استبدال العملة التركية بالسورية في الشمال السوري بعد وصول سعر الصرف إلى حدود 3500 ليرة سورية للدولار الواحد في حزيران 2020، وسط مطالبات من سوريين بأن يكون الاستبدال حلًا مؤقتًا لحين الوصول إلى حل سياسي.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :