شهدت مدن ومناطق بريفي حلب الشمالي والشرقي مظاهرات غاضبة لعشرات الأشخاص، تخللها إضرام نيران في عدة مبانٍ ومؤسسات خدمية، على خلفية عدم الاستجابة لمطالبهم منذ أيام.
وقوبلت بعض المظاهرات التي خرجت رافضة لسياسة شركات الكهرباء العاملة في تلك المناطق باستنفار عسكري، في حين لاقى بعضها الآخر وعودًا بالاستجابة للمطالب حسب الإمكانيات المتاحة، والوقوف إلى صف المتظاهرين والأهالي.
عفرين تشعل الشرارة
أحرق متظاهرون في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، الجمعة 3 من حزيران، مبنى شركة الكهرباء العاملة في المنطقة، ومبنى المجلس المحلي أيضًا.
وتجمّع المتظاهرون في أحد الشوارع الرئيسة بالمدينة، ثم توجهوا لمبنى “الشركة السورية- التركية للطاقة الكهربائية” (STE)، واقتحموا المبنى وأضرموا النيران فيه وبمعداته.
ورصدت عنب بلدي تسجيلات مصوّرة تُظهر تحطيم بعض المتظاهرين محتويات وأجهزة الشركة، ثم توجه المتظاهرون إلى مبنى المجلس المحلي واقتحموه، وأحرقوا معدّاته.
وأفاد مراسل عنب بلدي في ريف حلب أن فرق “الدفاع المدني السوري” توجهت لإخماد الحرائق.
واستنفرت “الشرطة العسكرية والمدنية” العاملة في المنطقة، وأطلقت الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين، الأمر الذي خلق حالة من الهلع والخوف بين السكان، وتناقلت شبكات محلية تسجيل عدة إصابات، ولم يعلن أي مصدر طبي أو عسكري عن تسجيل أي إصابات.
رقعة التصعيد تتوسع
من جهتها، نشرت شركة الكهرباء بيانًا اطلعت عنب بلدي عليه، قالت فيه إنها تتعرض لأعمال “إرهابية” وتخريب ممنهج يستهدف البنية التحتية لقطاع الكهرباء.
وخرجت مظاهرة لعشرات الأشخاص في جنديرس ومارع بريف حلب الشمالي رافضة لسياسة شركة الكهرباء في المدينة، التي تكرر قطعها للتيار ورفعها للأسعار.
وظهرت عدة دعوات في بقية أرياف حلب للتوجه إلى مقرات شركات الكهرباء العاملة في المناطق والتظاهر أمامها، والتوعد بالتصعيد حتى الاستجابة للمطالب.
تبعها بساعات إشعال متظاهرين النار بمبنى شركة الكهرباء في بلدة صوران بريف حلب الشمالي، بعد مظاهرة أمام المبنى.
وتجمّع متظاهرون عند دوار “السنتر” وسط مدينة الباب، وخرج رئيس المجلس المحلي للمدينة، والتقى بالمتظاهرين، ووعدهم بتلبية مطالبهم، ودعا المتظاهرين لترشيح أشخاص لنقل المطالب وتلبيتها.
في حين توجه بعض المتظاهرين إلى مبنى شركة الكهرباء في المدينة، وأشعلوا إطارات سيارات داخل باحة الشركة وأمامها.
تصعيد المتظاهرين جاء بعد عدة مظاهرات واحتجاجات شهدتها المنطقة بشكل عام وعفرين خصوصًا، آخرها كان ظهر الجمعة في أحد الشوارع الرئيسة لعفرين اعتراضًا على سياسة شركة الكهرباء، مطالبين بعدم استغلال حاجة الناس، متهمين إياها بـ”السرقة والفساد”.
وعقب المظاهرة تداولت شبكات محلية بيانًا لـ”ثوار ومهجرين” في مدينة عفرين، أعلنوا فيه عن جاهزيتهم لإغلاق شركة الكهرباء بالكامل، ومنع موظفي الشركة من العمل حتى تحقيق مطالب الأهالي.
ومنح البيان مهلة حتى الاثنين المقبل، 6 من حزيران الحالي، مع اعتبار أي موظف أو عامل في الشركة “شريكًا في إذلال الشعب”، مع التوعد باعتقال مدير شركة الكهرباء واستجوابه لمعرفة شركائه ومن يدعمه لمحاسبتهم جميعًا.
وكانت “لجنة رد المظالم والحقوق”، التي تُسمى أيضًا “اللجنة المشتركة لرد الحقوق في مدينة عفرين وريفها”، أصدرت بلاغًا طلبت فيه من شركة الكهرباء الحضور بعد تلقي عدة دعاوى، لمتابعة المشكلات المسجلة لدى اللجنة، وذكرت، في 1 من حزيران الحالي، أن عدد الشكاوى المسجلة ضد الشركة تجاوز الـ1200 شكوى.
ويشتكي سكان المناطق في ريف حلب من سياسة وآلية عمل شركات الكهرباء العاملة في المنطقة، وأبرزها قطع التيار الكهربائي بشكل متكرر.
واعتادت الشركات العاملة بريف حلب تحميل المصدر التركي مسؤولية رفع السعر، وقطع التيار ساعات بحجتي الصيانة والتقنين، الأمر الذي انعكس في حراك الشارع، إذ اعتاد الأهالي توفر الكهرباء على مدار اليوم.
كما يعاني السكان من ارتفاع أسعار الكهرباء مقارنة مع الوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده مناطق شمال غربي سوريا، إذ تحتاج العائلة إلى ما يعادل أجرة عمل عشرة أيام لتسديد تكاليف الكهرباء شهريًا.
وشهدت مدن وبلدات في ريف حلب الشمالي والشرقي، في الأشهر الماضية، احتجاجات على رفع سعر الكهرباء في مناطقهم.
وكشفت المظاهرات حينها عن خلل وضعف دراية وتنسيق في تعاقدات المجالس المحلية مع شركات الكهرباء، وعدم قدرة المجالس على ضبط عمل شركات الكهرباء، وظهر التخبط في ردود فعل متباينة، بينها طلب رفع دعاوى قضائية أو إلغاء العقود، ووصل الأمر إلى إعلان استقالات في بعض الأحيان.
اقرأ أيضًا: تهم بالفساد والاحتكار لشركات تركية يملكها سوريون.. الشمال يصرخ في وجه “دراكولا” الكهرباء
وكانت عنب بلدي أعدّت تحقيقًا في شباط الماضي، تتبّعت فيه أسباب عدم قدرة المجالس المحلية في ريف حلب على ضبط عمل شركات الكهرباء، والتثبت من ملكية هذه الشركات ومن يديرها، وطبيعة التعاقدات، مع أسباب توجيه اتهامات بالفساد في هذا القطاع الحيوي.
–