شهدت بعض مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، توترات أمنية واستنفارات عقب محاولات انشقاق واندماج في بعض الفصائل ضمن صفوف “الجيش الوطني”.
وظهرت العديد من البيانات التي حاولت الإصلاح بعد اشتباكات جرت بين “أحرار الشام- القاطع الشرقي”(الفرقة 32)، و”الفيلق الثالث” (الجبهة الشامية)، في نيسان الماضي، بقرية عولان بريف حلب الشرقي.
وعقب الاشتباكات التي خلّفت عددًا من القتلى والجرحى، جرت محاولة اندماج لـ”القاطع الشرقي” لكنها لم تُكلل بالنجاح.
ما القصة؟
في 31 من آذار الماضي، أبلغ فصيل “القاطع الشرقي” التابع لـ”حركة أحرار الشام” “الفيلق الثالث” بقرار خروجه، وطلب تشكيل لجنة لتسيير أموره بشكل سلمي.
وفي 1 من نيسان الماضي، هاجم عناصر “الفيلق الثالث” (الجبهة الشامية) مقرات “القاطع الشرقي”، واشتبك الفصيلان ووقع عدد من القتلى والإصابات دون إعلان رسمي عن الحصيلة.
وقطعت الاشتباكات طريق الباب- الراعي، وأدت إلى حرق محطة وقود، وواجهت فرق “الدفاع المدني السوري” صعوبة في الدخول إلى المنطقة نتيجة الاشتباكات، التي استمرت لساعات حينها.
وشهدت بقية أرياف حلب استنفارًا عسكريًا لبقية الفصائل التابعة لـ”الجيش الوطني”، كما رصدت عنب بلدي تسجيلًا مصوّرًا يُظهر أسرى من عناصر “الجبهة الشامية” في قرية عولان بريف حلب الشرقي.
وتدخّل كل من فصيل “هيئة ثائرون للتحرير” و”جيش الشرقية” لفض النزاع والاشتباكات، التي هدأت بتدخّل الفصيلين، وقُتل عنصر من “أمنية القاطع الشرقي”، وأُصيب مدني آخر، بحسب المعلومات الأولية التي حصلت عليها عنب بلدي من مصادر خاصة في “الجيش الوطني”.
اندماج مع وقف التنفيذ
هدأت الأمور نسبيًا، ثم شُكّلت بعدها لجنة “الوطنية للإصلاح” لفض الخلاف، وفي 24 من أيار الماضي، أعلنت “حركة أحرار الشام- القاطع الشرقي” اندماجها مع “هيئة ثائرون للتحرير” (الفيلق الثاني)، بريف حلب الشرقي.
قائد عسكري في “أحرار الشام- القاطع الشرقي” قال لعنب بلدي حينها عبر مراسلة إلكترونية، إن الفصيل في القطاع الشرقي بمدينتي الباب وجرابلس مستقل عن “أحرار الشام” في جنديرس غربي عفرين شمالي حلب، وأوضح القيادي أن عملية الاندماج جرت مع “هيئة ثائرون” بعدد عناصر القطاع الكلي، ويبلغ 1700 عنصر.
وتداولت شبكات محلية ومعرفات مقربة من الفصائل صورًا لقيادات “ثائرون” و”القاطع الشرقي”.
ولم تعلّق “ثائرون” على الاندماج، كما حاولت عنب بلدي الحصول على توضيح حول عملية الاندماج لكن قوبلت بعدم الرد.
لجنة إصلاح
أصدرت اللجنة قراراتها، في 25 من أيار الماضي، التي نصت على تجريد “القاطع الشرقي” من سلاحه ومقرّاته السيادية، بالإضافة إلى بقاء جميع مقرات ونقاط تمركز “الفرقة 32” تحت سيطرة قيادة “الفيلق الثالث” باستثناء بعض المقرات ونقاط الرباط، التي تبقى مع المجموعات المغادرة.
قرارات اللجنة قابلها الرفض والاعتراض من “حركة أحرار الشام الإسلامية” و”القاطع الشرقي”، اللذين انتقدا تجاهل اللجنة القضية الرئيسة، وهي الاعتداء على “القاطع” ومهاجمته بالأسلحة.
ودعت اللجنة “المنشقين” للحصول على براءة ذمة من “الفيلق الثالث” لتخليص الحقوق العالقة وفق ميثاق الانضمام، كما سيبقى مسمى “الفرقة 32” ضمن هيكلية “الفيلق الثالث” مع ضمان “الخروج الآمن” من “الفرقة” لمن يرغب.
في حين اعترضت “الحركة” على عدة قرارات بعضها متعلق بالشكل، مثل اشتمال اللجنة على أطراف مقربة من “الجبهة الشامية”، وعدم سماع الطرف الآخر من “القاطع الشرقي”، وعدم استدعاء الشهود والاعتماد على رواية واحدة.
وتراشق الطرفان الاتهامات برفض الأحكام والبنود والاتفاقيات الموقعة بينهما سابقًا، واتهامات بشق الصفوف ونقض المواثيق.
عودة للفصيل الأم
أصدرت “حركة أحرار الشام الإسلامية” مؤخرًا بيانًا نص على إعادة فصيل “حركة أحرار الشام- القاطع الشرقي” إليها تجنبًا لدخول المنطقة في أي فوضى بعد خلاف الأخير واقتتاله مع “الجبهة الشامية”.
واعتبرت “الحركة” أسباب عودة “القاطع الشرقي” إليها حقنًا للدماء وتجنبًا للفوضى وحفاظًا على استقرار المنطقة، ولإيجاد الفرصة الكافية لمعالجة الإشكالات الحاصلة بعيدًا عن التحشيد والاستنفارات الحاصلة خلال الفترة الماضية.
وكان “القاطع الشرقي” ممثلًا بقيادة حسن صوفان، انضم بتاريخ 27 من تشرين الثاني 2017 لـ”الجبهة الشامية” ممثلة بقيادة حسام ياسين حينها.
وتضمّن بيان الانضمام حينها عدة بنود، أبرزها خضوع التشكيل الكامل للنظام الداخلي المعمول به من قبل “الجبهة الشامية”، والالتزام بسياستها، ونقل كفالة الجرحى وذوي الإعاقة والشهداء من “القاطع” لـ”الجبهة الشامية”.
وفي حال الخلاف أو مخالفة أحد الطرفين للشروط، يتم الاتفاق على لجنة شرعية محايدة ليتم الاحتكام إليها.
وتنضوي جميع الفصائل المذكورة تحت راية “الجيش الوطني”، وتنشط في مناطق سيطرته التي تشمل ريفي حلب الشمالي والشرقي، إضافة إلى مدينتي رأس العين شمال غربي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة.
ويشهد “الجيش الوطني” عمليات اندماج عديدة لتشكيلات عسكرية وفصائل تنضوي تحت عباءته، بمسمياتها المتعددة، وراياتها المختلفة، رغم تبعيتها له، وتعتمد هذه التشكيلات العسكرية بعد اندماجها رايات تحمل الاسم الجديد للجسم العسكري، ترفعها في مقراتها وعلى حواجزها وآلياتها.
وتكثر الانتهاكات بين فصائل “الجيش الوطني”، ويواجَه بعضها بمحاسبة قضائية، في حين يغيب تحقيق العدل عن بعضها الآخر، كغياب محاسبة قائد “فرقة سليمان شاه” المعزول محمد الجاسم (أبو عمشة)، بعد إدانته بعديد من الانتهاكات وتجريمه بـ”الفساد”، وعزله من أي مناصب “ثورية”.
–