درعا – حليم محمد
تحت أشعة شمس أيار، تسير إيمان (25 عامًا) وهي تحمل ابنها المصاب بالتهاب الكبد الوبائي، متجهة إلى نقطة “الهلال الأحمر العربي السوري” التي تبعد عن بيتها مسافة حوالي ثلاثة كيلومترات.
لم تستطع إيمان، وهي من سكان درعا المدينة، أن تأخذ سيارة أجرة (تاكسي) من أجل أن توفر على نفسها مشقة المسير، بعد أن رفع أصحاب سيارات الأجرة تسعيرة الركوب بحجة ارتفاع أسعار مادة البنزين.
إيمان التي تحفظت على ذكر اسمها الكامل لأسباب أمنية، قالت لعنب بلدي، إنه “بمجرد أن ركبت التاكسي، عليّ أن أدفع أربعة آلاف ليرة، حتى لو كانت المسافة أمتارًا”، في الوقت الذي يحتاج ابنها إلى مراجعات ساعية، أي أن هذا الأمر يتكرر معها أربع مرات في اليوم.
عدد قليل من سيارات الأجرة تجوب الشوارع، بحسب ما رصدته عنب بلدي، وإقبال السكان ضعيف على استخدامها كوسائل تنقل بعد رفع الأجرة.
عدم كفاية المخصصات
يتذرع أصحاب سيارات الأجرة لزيادة تكلفة تسعيرة الركوب، بعدم كفاية مخصصاتهم من البنزين “المدعوم”، لذلك هم يرفعون التسعيرة بناء على أسعار الوقود على “البسطات”.
“تسأل سائق التاكسي عن رفع التسعيرة، فتكون إجابته بأن ليتر البنزين بستة آلاف ليرة، علمًا أن له مخصصات من البنزين المدعوم بسعر 1100 ليرة لكل ليتر”، بحسب ما ذكرته إيمان.
وفي 18 من أيار الحالي، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري سعر مادة البنزين المباعة للمستهلك عبر البطاقة الإلكترونية، واستثنت من هذا الارتفاع البنزين “المدعوم”، والمازوت “المدعوم”.
وحددت سعر مبيع مادة البنزين “أوكتان 90″ للمستهلك بسعر التكلفة عبر البطاقة الإلكترونية بـ3500 ليرة سورية، و”أوكتان 95” بأربعة آلاف ليرة سورية.
وما إن صدر القرار حتى رفع تجار المحروقات أسعار البنزين من 4500 إلى ستة آلاف ليرة.
ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية إلى 3980 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.
ويحصل تجار “البسطات” على البنزين من فائض أصحاب السيارات الخاصة، وسيارات الأجرة.
“أبو محمد” (45 عامًا)، وهو سائق “تاكسي”، قال لعنب بلدي، إن “معظم سائقي التكاسي يكتفون ببيع مخصصاتهم، مستفيدين من فارق السعر بين البسطات والمدعوم”، ولذلك، “صرنا نرى قلة بأعداد السيارات العاملة على الخطوط”.
قرارات حكومة النظام برفع سعر البنزين “تصب بمصلحة مالكي التاكسي الخاصة والعامة”، بحسب السائق، إذ “صار الفارق بين سعر البنزين المدعوم وسعر البنزين الحر حوالي 4500 ليرة، وصار بيعه يحقّق مردودًا ربحيًا يشجع مالكي سيارات الأجرة على المكوث في منازلهم، وبيع المخصصات أفضل من العمل في الشوارع”، لذلك لجأ العاملون في “كار الدولاب” إلى رفع التسعيرة بناء على أسعار البنزين الخاص والذي يباع على “البسطات”.
وأدى رفع سعر المازوت إلى غلاء بقية أسعار السلع المرتبطة به إلى مستويات قياسية، تجاوزت في بعض الأحيان نسبة 100%، فيما الإجراء الوحيد الذي أجراه النظام لدى رفع سعر المازوت، كان زيادة الرواتب والأجور بنسبة 50%، ليصير متوسط الدخل الشهري حوالي 70 ألف ليرة.
وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أزمة مواصلات خانقة بسبب نقص المحروقات، وامتناع العديد من سائقي الحافلات عن العمل، ولجوئهم إلى بيع مخصصاتهم الشهرية من مادة المازوت بالسوق السوداء بأسعار مرتفعة.