النساء أكثر عرضة للإصابة.. متلازمة أضداد الفوسفوليبيد

  • 2022/05/29
  • 10:15 ص

د. أكرم خولاني

قد نسمع عن حالات حدوث إسقاطات متكررة أو نصادف حوامل يستخدمن أدوية مميعة للدم للوقاية من الإجهاض نتيجة إصابتهن بمرض مناعي يسمى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، ورغم أن هذا المرض قد يكون السبب في حدوث السكتة الدماغية أو النوبة القلبية أو الصمة الرئوية أو تأذي صمامات القلب، فإن المشكلة الأشهر التي تنجم عنه هي موت الجنين داخل الرحم والإجهاض.

ما مرض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد

متلازمة أضداد الفوسفوليبيد أو متلازمة أضداد الشحوم الفوسفورية (Antiphospholipid syndrome) (اختصارًا APS) هي أحد أمراض المناعة الذاتية، إذ ينتج فيها الجهاز المناعي عن طريق الخطأ أجسامًا مضادة تهاجم نوعًا من الدهون موجودًا في الخلايا وأغشية الخلايا يسمى الشحوم الفوسفورية (الفوسفوليبيد)، ما يؤثّر على عملية التخثر الطبيعية ويسبب تجلطًا متكررًا في الشرايين والأوردة في أي مكان من الدورة الدموية، فقد تتشكّل الجلطات في أوردة الساقين أو الرئتين أو الكليتين أو الطحال، وقد تتشكّل في الشرايين القلبية أو الدماغية، وعند المرأة الحامل قد تؤدي إلى الإجهاض أو موت الجنين أو حدوث الانسمام الحملي.

تؤثر متلازمة أضداد الفوسفوليبيد على جميع الأعمار وحتى على الأطفال والرضع، ولكن وُجد أن نسب الإصابة كانت أكبر في الفترة العمرية من 20 إلى 50 سنة، وتؤثر هذه المتلازمة على النساء بشكل أكبر من الرجال بثلاثة أضعاف تقريبًا.

ما أسباب الإصابة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد

لا يزال السبب وراء تصنيع جهاز المناعة لأجسام مضادة للفوسفوليبيد غير معروف، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر حدوث متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، وتتضمّن هذه العوامل ما يلي:

· الإصابة بمرض مناعي ذاتي، مثل الذئبة الحمامية الجهازية، أو متلازمة شوغرن.

· الإصابة بعدوى معيّنة، مثل الزهري، الإيدز، التهاب الكبد “C”، أو داء لايم.

· تناول بعض الأدوية، مثل هيدرالازين، كينيدين، فينيتوين، الأموكسيسيلين.

· إصابة أحد أفراد العائلة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد.

ومن الممكن وجود الأجسام المضادة المرتبطة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد دون ظهور علامات أو أعراض، ومما يزيد من احتمال ظهور الأعراض عند وجود الأجسام المضادة:

· الحمل.

· عدم الحركة لبعض الوقت، مثل البقاء في الفراش للراحة، أو الجلوس خلال رحلة طويلة.

· الخضوع لعملية جراحية.

· ارتفاع ضغط الدم.

· التدخين.

· تناول وسائل منع الحمل الفموية، أو العلاج بالإستروجين لانقطاع الطمث.

· ارتفاع مستويات الكوليسترول والشحوم الثلاثية.

ما أعراض الإصابة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد

قد تكون لدى بعض الأشخاص الأجسام المضادة للفوسفوليبيد ولا تظهر عليهم أي أعراض، ولكن عند حدوث تخثر في الدم تظهر الأعراض، وقد تتشكّل الخثرات في شرايين أو أوردة أي عضو في الجسم، أوقد تصل إليه مع الدم، وتؤدي إلى تقليل تدفق الدم إليه أو إيقافه بشكل تام، وبالتالي تختلف الأعراض والعلامات بحسب العضو المصاب:

التخثر الوريدي العميق (DVT): عندما يحدث التجلط في أوردة الساق، وتشمل مؤشرات التخثر الوريدي العميق الألم والتورم والاحمرار.

الانصمام الرئوي: عندما تنتقل الجلطات من الساقين أو أي جزء من الجسم وتصل مع الدم إلى شرايين الرئتين.

مشكلات في الحمل: الإجهاض التلقائي المتكرر قبل الأسبوع الـ20 من الحمل، والانسمام الحملي، أو بطء نمو الجنين أو الولادة المبكرة أو موت المولود في حال استمرار الحمل بعد الأسبوع الـ20.

اعتلال صمامات القلب: تحدث هذه المشكلة في 30% من حالات الإصابة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد، إذ تؤدي الجلطات الصغيرة المتكررة إلى تسمّك الصمام أو تلفه.

انخفاض تعداد صفيحات الدم: يمكن أن يسبب هذا الانخفاض الإصابة بنوبات نزيف، خاصة من الأنف واللثة، كما يظهر على الجلد في صورة بقع حمراء صغيرة.

السكتة الدماغية: قد تحدث عند شاب دون وجود عوامل خطر معروفة للأمراض القلبية الوعائية، وقد تحدث على شكل نشبة عابرة (TIA) تستمر لبضع دقائق أو ساعات ولا تسبب ضررًا دائمًا.

التزرق الشبكي: وهو طفح جلدي بنفسجي يظهر على شكل خطوط متداخلة مثل الشبكة.

أعراض عصبية: حالات الصداع المزمن والصداع النصفي، والخَرَف، ونوبات التشنج، وتحدث هذه الأعراض عندما تحجب جلطة دموية تدفق الدم إلى أجزاء من الدماغ.

الفشل الكلوي: قد يحدث هذا نتيجة لقلة تدفق الدم إلى الكليتين.

كيف يتم التشخيص

للتأكد من تشخيص متلازمة أضداد الفوسفوليبيد يتم إجراء تحاليل دموية لكشف الأجسام المضادة العليلة، وتستهدف هذه التحاليل ثلاثة أنواع من الأجسام المضادة الخاصة بمتلازمة “APS” في الدم، وهي:

· مضاد الكارديوليبين.

· البروتين السكري بيتا-2I.

· ضاد التخثر الذئبي.

لا بد أن تظهر الأجسام المضادة في الدم مرتين على الأقل، في فحصين بينهما مدة 12 أسبوعًا أو أكثر، وذلك لأن تلك الأجسام قد تكون موجودة في الدم بسبب إصابة جرثومية أو تناول المضادات الحيوية ثم تختفي، ففي حالة إجراء الفحص بعد 12 أسبوعًا ولم يتم العثور على أجسام مضادة للفوسفوليبيد يكون المريض غير مصاب بالمتلازمة، بينما إذا وُجدت تلك الأجسام في الفحص الثاني يشخّص المريض بالمتلازمة.

مع التأكيد أنه قد تكون لدى الشخص الأجسام المضادة للفوسفوليبيد ولكن لم تظهر عليه أي أعراض أو مؤشرات مطلقًا، وهنا لا يشخّص بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد، إذ لا يمكن تشخيص هذه المتلازمة إلا عندما تتسبب هذه الأجسام المضادة في حدوث مشكلات صحية كالتالي:

· إذا حدث تجلط واحد أو أكثر خلال الفترة الماضية.

· إذا حدث إجهاض واحد على الأقل بعد الأسبوع العاشر من الحمل.

· إذا حدثت ثلاثة إجهاضات على الأقل قبل الأسبوع العاشر من الحمل.

· إذا حدثت ولادة مبكرة واحدة على الأقل قبل الأسبوع الـ34 من الحمل.

ماذا عن العلاج

لا يتوفر علاج لهذه الحالة المرضية، ولكن يمكن أن تقلل الأدوية المميعة للدم من خطر تكوّن الجلطات الدموية والإجهاض التلقائي.

الدواءان الأكثر شيوعًا هما الهيبارين (حقن تحت الجلد أو تسريب وريدي) والوارفارين (عن طريق الفم)، ذلك أن الهيبارين ذو تأثير سريع، بينما يستغرق الوارفارين يومين حتى ثلاثة أيام ليبدأ تأثيره في الجسم، وحالما يبدأ تأثير الوارفارين على حالة تخثر الدم يوقف إعطاء الهيبارين للمريض.

ويمكن استخدام الأسبرين أو الكلوبيدوغريل (عن طريق الفم) مع الوارفارين.

والهدف من الأدوية هو الحفاظ على نسبة تخثر “INR” بين 2 و3، ويجب مراقبة هذه النسبة بشكل شهري لتجنب حدوث النزيف كأثر جانبي للمميعات.

وبالنسبة للمرأة الحامل المصابة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد، يبدأ العلاج بعد غياب الدورة الشهرية بداية الحمل وحتى بعد الوضع، ويكون كالتالي:

الأسبرين وحقن الهيبارين تحت الجلد.

لا يستخدم الوارفرين في علاج الحامل لأنه يضر الجنين.

في حال لم تستجب المريضة لهذا العلاج، تُصرف حقن وريدية تحتوي على الأمينوغلوبين (Immunoglobulin)، أو يُصرف الكورتيزون مثل البريدنيزون.

في حال وصل الحمل للثلث الأخير ولم تكن هناك مشكلات، يمكن قطع علاج الهيبارين، ويتواصل استعمال الأسبرين حتى نهاية الحمل.

وتحتاج المرأة الحامل المصابة بمتلازمة أضداد الفوسفوليبيد إلى فحوصات إضافية بالموجات فوق الصوتية، للتأكد من سلامة نمو الجنين لأنه في رحم الأم التي تحمل متلازمة أضداد الفوسفوليبيد يكون أكثر عرضة لمشكلات تباطؤ النمو.

متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الكارثية (Catastrophic antiphospholipid syndrome) (اختصارًا CAPS)

هي حالة طبية طارئة يتشكّل فيها عدد من الخثرات الدموية فجأة بجميع أنحاء الجسم، ما يؤدي إلى فشل وتدمير العديد من أعضائه، وتصيب هذه الحالة عددًا قليلًا من مرضى متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، والسبب غير واضح.

وقد تشمل أعراض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد الكارثية (CAPS) ما يلي:

آلام البطن، تشوش ذهني، تورم في الكواحل أو الأقدام أو الأيدي، نوبات صرع أو تشنجات، ضيق نفس متدهور، إرهاق شديد، غيبوبة، الوفاة.

تميل الأعراض للظهور فجأة، وتشتد سوءًا بسرعة، لذلك تستدعي هذه الحالة عناية مركّزة للمريض بأقرب وقت ممكن مع جرعة عالية من مضادات التخثر (المميعات).

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية