يخرج عشرات المرضى يوميًا من أبواب مستشفى “درعا الوطني” حاملين همًا إضافيًا إلى جانب آلام المرض جراء تعطل العديد من الأجهزة في المستشفى، أبرزها جهاز الرنين المغناطيسي، ما يترك الأهالي مخيرين بين السفر إلى دمشق أو دفع مبالغ تفوق قدرتهم في المستشفيات الخاصة لإجراء صور الرنين.
ورغم الأهمية الكبيرة التي يشكلها جهاز الرنين المغناطيسي وأهميته في تشخيص العديد من الأمراض، ما زال الجهاز معطلًا منذ سنوات، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
“خياران أحلاهما مر”
خلال زيارة سامي (40 عامًا)، وهو شاب يعمل في الزراعة، لمستشفى “درعا الوطني”، طلب الطبيب منه إجراء صورة رنين مغناطيسي لمتابعة الحالة التي وصل إليها مرض الديسك، ولكنّ ذلك الخيار لم يكن متاحًا في المستشفى بسبب نقل الجهاز للصيانة إثر استمرار تعطله منذ سنوات، وفق ما قاله الشاب لعنب بلدي.
خرج سامي من المستشفى “خائبًا” لاطلاعه المسبق على تكلفة إجراء الصورة في مستشفى خاص، أو تكلفة السفر إلى دمشق بسيارة خاصة بسبب وضعه الصحي، ما تركه بين “خيارين أحلاهما مر”، وفق تعبيره.
وتبلغ تكلفة الصورة في المستشفيات الخاصة نحو 135 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ أجر السيارة الخاصة بين درعا ودمشق نحو 75 ألف ليرة، وفق ما قاله الشاب مشيرًا إلى حاجته لأكثر من رحلة إلى دمشق للحصول على الصورة.
“حين اشتد الألم وشعرت أن الانتظار غير مجدٍ، استدنت لأجري الصورة في مستشفى خاص”، تابع الشاب وهو يشتكي من أن المرض أجبره على الانقطاع عن عمله وتركه دون مصدر دخل ثابت.
من جهتها اختارت السيدة أسماء (60 عامًا)، تحفظت على ذكر اسمها لأسباب أمنية، السفر من مكان سكنها في درعا إلى دمشق لإجراء صورة الرنين بناءً على طلب الطبيب بعد أن أخبرها عن وجود عطل في جهاز الرنين، وفق ما قالته لعنب بلدي.
وأضافت السيدة أن معاناتها من مرض السرطان ازدادت بسبب نقص التجهيزات الطبية في المستشفيات الحكومية خاصة في مستشفى “درعا الوطني”.
واعتبر ممرض في المستشفى، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب امنية، في حديثه لعنب بلدي، أن تعطيل الجهاز منذ سنوات يصب في خدمة القطاع الخاص، مؤكّدًا أن لا خطوات جدية من قبل الحكومة أو المستشفى لإصلاحه واستبداله وما يشاع عن أن الجهاز في الصيانة “مجرد كلام”.
مستشفيات متهالكة
ولا يقتصر النقص في المعدات الطبية على مستشفى “درعا الوطني”، إذ تعاني العديد من المستشفيات الحكومية في مناطق سيطرة النظام من نقص في التجهيزات الطبية ما يجبر المرضى على التوجه للقطاع الخاص إن استطاعوا تحمل كلفته.
وفي 21 من نيسان الماضي، أعلن مدير عام هيئة مستشفى “درعا الوطني”، يحيى كيوان، توقف كل من محطة توليد الأكسجين وجهاز “الطبقي المحوري” عن العمل منذ أكثر من أسبوع.
وأضاف مدير المستشفى، أن جهاز “الطبقي المحوري” يحتاج إلى إعادة برمجة ليعاود العمل، وينتظر المعنيين بتصليحه الذين سيأتون من العاصمة دمشق بناء على قرار من وزارة الصحة، كما تحتاج محطة توليد الأكسجين إلى إعادة برمجة ونظام ساعات التشغيل المبرمج للعمل، وفق قوله.
كما قال تقرير لصحيفة “الوطن” في مطلع الشهر نفسه إن جهاز الطبقي محوري متعطل في العديد من المستشفيات في العاصمة دمشق، ومنها مستشفى “المجتهد”، و”ابن النفيس”، و”الهلال”، و”المواساة الجامعي”.
وفي تقرير سابق سلطت عنب بلدي الضوء على الإهمال الحكومي لمستشفى “الأطفال” بدمشق والذي تمتلئ بمعدات وأسرة متآكلة بفعل الصدأ، إلى جانب إهمال معيار النظافة في معظم أركان المستشفى.
ويشهد المستشفى نقصًا شديدًا في أعداد الأطباء والأدوية العلاجية، وتعطل الأجهزة الأساسية، وفق ما قاله المدير العام للمستشفى، رستم مكية، لصحيفة “تشرين” الحكومية.
ويعاني القطاع الطبي في مناطق سيطرة النظام من أزمات عديدة، أبرزها هجرة الأطباء وندرة بعض الاختصاصات وسوء المرافق الطبية والصحية، إلى جانب أعطال متكررة بالعديد من الأجهزة الطبية والأدوية، تزامنًا مع ارتفاع تكلفة العلاج في المستشفيات الخاصة، ما يجعل دخول المستشفيات “رفاهية” بالنسبة للكثيرين.
أسهم بإعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في درعا: حليم محمد