قمة رباعية بقيادة أمريكا في آسيا لمواجهة صعود الصين
يختتم الرئيس الأمريكي، جو بايدن، زيارته إلى آسيا اليوم، الثلاثاء 24 من أيار، بإجراء محادثات مع “اللجنة الرباعية” في طوكيو مع قادة المحيطين الهندي والهادئ، وهم قادة اليابان وأستراليا والهند، بينما لا تزال الخلافات مع نيودلهي قائمة حول كيفية الرد على “الغزو” الروسي لأوكرانيا.
أصبحت الشراكة، التي تضم الدول الأربع، ذات أهمية متزايدة، نظرًا إلى تحرك بايدن لتعديل السياسة الخارجية للولايات المتحدة للتركيز بشكل أكبر على المنطقة، ولمواجهة صعود الصين كقوة اقتصادية وأمنية، وفقًا لوكالة الأنباء “أسوشيتد برس“.
من جهته، قال المبعوث الصيني للشؤون الكورية، ليو شياو مينغ، عبر “تويتر”، خلال زيارة بايدن إلى كوريا الجنوبية واليابان، “نأمل أن تقرن الولايات المتحدة أقوالها بالأفعال، وأن تعمل مع دول المنطقة لتعزيز التضامن والتعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بدلًا من التآمر على الانقسام والمواجهة”.
القمة الرباعية
بدأ الحوار الأمني الرباعي رسميًا كشراكة فضفاضة بعد كارثة تسونامي التي ضربت المحيط الهندي عام 2004، عندما انضمت الدول الأربع معًا لتقديم المساعدة الإنسانية ومساعدات الكوارث إلى المنطقة المتضررة.
وأضفي الطابع الرسمي عليها من قبل رئيس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، عام 2007، لكنها بقيت في حالة سبات لما يقرب من عقد من الزمان، خاصة وسط مخاوف أسترالية من أن مشاركتها في المجموعة ستزعج الصين.
في عام 2017، تم إحياء المجموعة ما يعكس المواقف المتغيرة في المنطقة تجاه نفوذ الصين المتزايد. رأت كل من إدارتي ترامب وبايدن أن الرباعية هي مفتاح المحور نحو زيادة التركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ، باعتبارها ثقلًا موازنًا للإجراءات الحازمة التي تتخذها الصين.
من المتوقع الإعلان عن بعض المبادرات المتواضعة من قبل قادة المجموعة الرباعية، بما في ذلك جهد جديد لتوفير لقاحات فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) للبلدان الأكثر احتياجًا وبرنامج لمساعدة الدول على تحسين الأمن والوعي البيئي لمياهها الإقليمية.
عقد قادة المجموعة الرباعية قمتهم الرسمية الأولى في عام 2021، وتعهدت المجموعة حينها بالتبرع بـ1.2 مليار جرعة لقاح على مستوى العالم، قدموا منها حتى الآن حوالي 257 مليون جرعة.
“الناتو الآسيوي”
برز خلال محادثات قادة المجموعة الرباعية بيان بايدن الصريح، الاثنين، بأن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريًا إذا قامت الصين بـ”غزو” تايوان التي تدعي الصين أنها مقاطعة “منشقة” عنها، موضحًا أن عبء حماية تايوان “أقوى” بعد “الغزو” الروسي لأوكرانيا.
ويتمركز حوالي 55 ألف جندي أمريكي في اليابان، معظمهم في أوكيناوا، على بعد 100 كيلومتر غرب الجزء الغربي من تايوان.
اشتكت الصين من أن المجموعة تمثّل محاولة لتشكيل “الناتو الآسيوي”، رغم عدم وجود اتفاقية دفاع متبادل سارية المفعول بخلاف التحالف الأوروبي.
بينما يؤكد أعضاء المجموعة الرباعية أن المجموعة تهدف إلى تعميق العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية بين الدول الأربع، وفي كثير من الأحيان لا تصرح هذه الدول عن الهدف الرئيس، لكن هذه الشراكات تهدف إلى أن تكون حصنًا ضد العدوان الصيني، بحسب ما ذكرته وكالة “أسوشيتد برس“.
في إعلان آذار 2021، الذي وضع “روح الرباعية”، قال القادة، “إننا نقدم وجهات نظر متنوعة ومتحدون في رؤية مشتركة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة، نحن نسعى جاهدين من أجل منطقة حرة ومنفتحة وشاملة وصحية وترتكز على قيم ديمقراطية وغير مقيدة بالإكراه”.
إقرأ ايضًا: من المحيط الهندي إلى الهادئ.. اتفاقيات تكتب قواعد اقتصاد القرن
الهند الخجولة
أعرب البيت الأبيض عن خيبة أمله سابقًا من رد فعل الهند على “الغزو”، ولم يقدم رئيس الوزراء الهندي إلى الآن أي التزام علني بقطع النفط الروسي، وأشار بايدن علنًا إلى الهند بأنها “مهتزة إلى حد ما” في ردها على “الغزو”.
على عكس الدول الرباعية الأخرى، وكل حليف للولايات المتحدة تقريبًا، لم تفرض الهند عقوبات على روسيا، أكبر مورد لها بالمعدات العسكرية، ولكنها في مواجهة الضغوط الغربية، أدانت مقتل المدنيين في أوكرانيا ودعت إلى وقف فوري للأعمال العدائية.
بينما قد يتجنب بايدن ومودي المواجهة العلنية حول كيفية الرد على العدوان الروسي، تظل أوكرانيا القضية الرئيسة، إذ تتطلع الولايات المتحدة وحلفاؤها لتشديد الضغط على بوتين، وفقًا للنائب الأول لرئيس آسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، مايكل جرين.
بحسب جرين، الذي كان أحد كبار مساعدي مجلس الأمن القومي خلال إدارة جورج دبليو بوش، “يبدو واضحًا أن إدارة بايدن لا تبحث عن مشكلات مع الهند، وأن معظم هذه المحادثات الصعبة ستكون سرية”.
وجوه جديدة
يمثّل اجتماع اليوم أول تجمع شخصي للمجموعة لرئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، الذي تولى منصبه في تشرين الأول 2021، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الأسترالي الجديد، أنتوني ألبانيز، الذي أدى اليمين الدستورية، الاثنين 23 من أيار، بعد يومين فقط من الانتخابات البرلمانية الأسترالية وقبل يوم واحد من القمة.
أعربت كوريا الجنوبية عن اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة الرباعية، رغم أن المسؤولين الأمريكيين لا يفكرون في تعديل عضوية المجموعة.
لكن المجموعة عقدت اجتماعات “الرباعية +” التي ضمت كوريا الجنوبية ونيوزيلندا وفيتنام، والتي يمكن أن تشكّل الأساس للتوسع المستقبلي أو الشراكة في المنطقة.
توسيع التحالف
في 21 من أيار الحالي، أعلن بايدن، والرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، عزمهما توسيع التدريبات العسكرية المشتركة لردع “التهديد النووي” من كوريا الشمالية، في وقت لا يوجد فيه أمل كبير في دبلوماسية حقيقية بشأن هذه المسألة.
أكد بايدن أن التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، الذي يعود تاريخه إلى الحرب الكورية 1950-1953، يجب أن يتطور بشكل أكبر لإبقاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ “حرة ومنفتحة”.
وأوضح أن التحالف بني على معارضة “تغيير الحدود بالقوة”، في إشارة واضحة إلى الحرب الروسية في أوكرانيا ومطالبات الصين بضم تايوان.
ودعا البيان المشترك إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان وحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي.
سعى يون للحصول على مزيد من التأكيدات بأن الولايات المتحدة ستعزز ردعها ضد تهديدات كوريا الشمالية، وأكد بايدن استعداد بلاده للدفاع عن كوريا الجنوبية بـ”أسلحة نووية إذا لزم الأمر”.
كما وعدت الولايات المتحدة بنشر “أصول استراتيجية”، تشمل عادة طائرات قاذفة بعيدة المدى أو غواصات صواريخ أو حاملات طائرات، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.
البحث عن أشباه الموصلات
قال يول، إن التغييرات في التجارة الدولية وسلاسل التوريد أعطت دفعة جديدة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لتعميق علاقتهما، داعيًا إلى التعاون في مجال البطاريات الكهربائية وأشباه الموصلات (رقائق الكمبيوتر)، وهي عنصر أساسي في الاقتصاد الرقمي.
استخدم بايدن الزيارة للترويج للاستثمارات في الولايات المتحدة من قبل الشركات الكورية، بما في ذلك خطوة من قبل مجموعة “هيونداي موتور” الكورية الجنوبية لاستثمار حوالي 5.5 مليار دولار لبناء أول منشآت مخصصة لتصنيع السيارات الكهربائية والبطاريات في الولايات المتحدة.
قام الزعيمان بجولة في مصنع “سامسونج” لأشباه الموصلات، في 20 من أيار الحالي، حيث قال بايدن إن دولًا مثل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية “تتشارك القيم” بحاجة إلى مزيد من التعاون لحماية الأمن الاقتصادي والوطني.
في اتفاق منطقتي المحيط الهادئ والهندي، الاثنين، استثنيت تايوان من الانضمام، ويعتبر هذا الاستبعاد جديرًا بالملاحظة، لأن تايوان شركة رائدة في تصنيع رقائق الكمبيوتر، وهي عنصر أساسي في الاقتصاد الرقمي الذي سيكون جزءًا من مفاوضات الاتفاقية.
من المرجح أن إدراج تايوان في الإطار الاقتصادي، كان سيثير غضب الصين التي تزعم أنها مقاطعة “منشقة” عنها.
يدعم هذا الاحتمال تصريح مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جيك سوليفان، في 22 من أيار الحالي، إذ قال إن الولايات المتحدة تريد تعميق شراكتها الاقتصادية مع تايوان بما في ذلك قضايا التكنولوجيا وتوريد أشباه الموصلات على أساس “واحد لواحد”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :