عروة قنواتي
“مانشيتات” يومية وعناوين كثيفة في أكبر وأضخم صحف العالم الرياضية وغير الرياضية، وفي مختلف المجلات والمواقع ووسائل الإعلام، تتحدث أو تتكهن إلى أين سيوجه النجم الفرنسي كيليان مبابي بوصلته، وكيف سيكون خط سيره في الموسم المقبل: باتجاه العاصمة الإسبانية مدريد أم البقاء داخل العاصمة الفرنسية باريس، بقميص النادي الملكي ريال مدريد أم بألوان حديقة الأمراء وناديها الأشهر باريس سان جيرمان.
مبابي يجلس مع عائلته والمقربين منه قبل أن يحسم قراره. مبابي يعلن أنه قد حسم أمره وسيعلن وجهته خلال أيام. والدة كيليان تقول إن الريال وسان جيرمان قدما عرضين متساويين والاختيار قريب. النية تتجه لإعطاء كيليان كامل حقوق الصور في باريس بعد أن قدم الريال 50% فقط من الحقوق. إدارة باريس ستسمح لمبابي بالتدخل في القرارات الفنية للفريق. إدارة الملكي تجهز استقبالًا أسطوريًا لكيليان مبابي بعد التوقيع. هذه لمحة عن عناوين آلاف المقالات والأخبار ومواد الرأي والبرامج التي تشمل مصادر مقربة وغير مقربة بما يتجاوز قضية نيمار في السابق وانتقاله وبقاءه على مدار عامين، وبما يتخطى كل حركات ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو الأخيرة، ما يجعلنا جميعًا نتساءل: وبعدين؟
في الحقيقة وبما لا يدع مجالا للشك، فإن كل متابع لكرة القدم في السنوات الخمس الأخيرة يعلم تمامًا مهما اختلفت درجة عشقه ومتابعته، أن كيليان مبابي من أفضل خمسة لاعبين نجوم في المواسم الماضية، إن لم يكن الأفضل في كثير من المواسم بما يمتلكه من مهارات وقدرة واحترافية لجعله مرعبًا للخصم ومربكًا لخطط المدربين في مواجهته بالسرعة والمراوغة والتسجيل والصناعة… مبابي فريد من نوعه ومكسب حقيقي ومهم لأي فريق يخطو باتجاهه وهذا محسوم.
قصة محاولة نقل كيليان من باريس إلى مدريد ليست وليدة هذا الموسم فحسب، إنما هو خيار مهم يتم التفاوض والتخطيط للحصول على توقيعه منذ ثلاثة مواسم، وبالأخص من النادي الملكي عندما كان السيد زين الدين زيدان مدربًا للفريق، أي أن مبابي على أجندة وطاولة الملكي حتى في الفترة الاقتصادية الصعبة التي واجهت العالم بظروف فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19).
وخلال المواسم الماضية التي بدأ ريال مدريد العمل فيها على إقناع كيليان بالقدوم والتفاوض مع إدارة باريس سان جيرمان، كان السيد ناصر الخليفي، رئيس مجلس إدارة سان جيرمان، متمسكًا باللاعب، لا وبل جلب إلى الفريق ليونيل ميسي ودوناروما وسيرجيو راموس وحكيمي، عدا وجود نيمار أساسًا داخل التشكيلة، مع حلم القبض على لقب دوري أبطال أوروبا، الذي كاد أن يلامسه الفريق الباريسي مرة واحدة لكنه خسر في النهائي أمام البافاري الألماني، وفشل في الوصول إلى المباراة النهائية في الموسم الماضي عندما خرج أمام المان سيتي، وأخفق تمامًا في تجاوز ريال مدريد هذا العام من الدور ثمن النهائي.
قدّم الريال عرضًا جديدًا لمبابي: 180 مليون يورو مكافأة توقيع، مع راتب سنوي صافٍ بقيمة 40 مليون يورو إلى جانب 50% من حقوق صورته، على غرار بقية لاعبيه، إلا أن مبابي يفضّل الحصول على حقوق الصور كافة، وهذا الأمر استفاد منه الفريق الباريسي فقدمه له بالكامل، بالإضافة إلى مغريات تتناسب تقريبًا مع عرض الملكي.
مبابي كان قد صرح بأنه سيعلن عن وجهته والقميص الذي سيرتديه قبل التوجه إلى معسكر المنتخب الفرنسي نهاية الشهر الحالي، ولكن تسارع الأحداث قد يجبر كيليان على أن يدلي بتصريحاته المنتظرة مساء اليوم الأحد أو خلال يومين، لتقفل صفحة حرب العواصم التي شغلت كل العالم الرياضي والاقتصادي.
وللأمانة، فإن وضوحًا أكبر للصورة بات ظاهرًا بأن مبابي سيبقى في باريس على حساب عرض الريال، وأن إدارة باريس سان جيرمان نجحت في تلبية طلبات الشاب الفرنسي صاحب الـ23 عامًا، ولكن هذا السطر يبقى في إطار التكهنات لا أكثر والمعلومات من الصحفيين الموثوقين بأخبارهم وتسريباتهم بالنسبة لكرة القدم، لأن الكلمة النهائية ستكون في مؤتمر النجم الفرنسي، ولطالما فاجأتنا الساعات الأخيرة في الميركاتو والصفقات، لنتذكر كيف خرج ليونيل ميسي من برشلونة بسرعة البرق، وكيف طار الدون البرتغالي من أوراق السيدة العجوز إلى مانشستر يونايتد، وننتظر أي قميص سيحظى بكيليان وكيف ستنتهي حرب العواصم.