أطفال “داون” في مخيمات إدلب.. ضحايا العزلة والتنمر وغياب الرعاية

  • 2022/05/22
  • 10:05 ص

أطفال سوريون مصابون بـ"متلازمة داون" في مركز "أمل" في مدينة إدلب شمال غربي سوريا- 17 من أيار 2022 (عنب بلدي هاديا منصور)

إدلب – هدى الكليب

امتنعت جمانة البكور (33 عامًا) عن إرسال ابنها هيثم، البالغ من العمر عشرة أعوام، إلى المدرسة إثر تكرار تعرضه للتنمر من قبل زملائه، الذين يسخرون من إعاقته وإصابته بـ”متلازمة داون”، إذ يعتبر المصابون بها من الفئات الأكثر تهميشًا في إدلب.

جمانة قالت إنها فضّلت عدم إرسال ابنها إلى المدرسة مع ما يتعرض له من إيذاء جسدي ونفسي، فأقرانه لم يعتادوا وجود مثل حالة هيثم بينهم، في حين يفتقد مخيمهم الواقع في تل الكرامة شمالي إدلب لأي مراكز مختصة بهذه الفئة من الناس، أو حتى ندوات توعوية في المدارس على الأقل.

“سمعت عن وجود مراكز متخصصة بتعليم الأطفال الذين يعانون من (متلازمة داون) والاهتمام بها، ولكن المسافات بين بلدات ومدن محافظة إدلب تمنعني من إيصال طفلي إلى تلك المراكز”، وفق ما قالته جمانة البكور، خصوصًا مع غلاء أسعار المواصلات.

وتتمنى الأم وجود جهة تتكفل بنقل الأطفال من المخيمات إلى المراكز المتخصصة، لمساعدة ذويهم وتشجيعهم على متابعة تعليم أبنائهم.

ضعف الاستجابة

حال جمانة تشبه حال الكثير من الأهالي في إدلب، ممن ضاقت بهم السبل أمام كيفية الوصول إلى مراكز تأهيل أطفالهم، من المصابين بـ”متلازمة داون” الذين يعيشون ظروفًا صعبة في مخيمات النزوح، حيث الإهمال وضنك العيش، وضعف الاستجابة لاحتياجاتهم، بسبب غياب المراكز المتخصصة بتقديم الخدمات العلاجية والنفسية لهم في الأماكن القريبة من أماكن سكناهم في المخيمات.

“ليس من السهل أن يولد ابنك معاقًا”، هكذا عبرت رهام الحاج (30 عامًا) عن معاناتها مع حالة ابنتها رهف، المصابة بـ”متلازمة داون”، والبالغة من العمر ثمانية أعوام، فهي لا تعلم كيف يمكن أن تساعد ابنتها على التعلم أو تحسين النطق، وتقديم العلاج الفيزيائي لها.

“للحرب والنزوح والفقر تأثير رهيب على الأطفال المصابين بـ(متلازمة داون) بسبب العزلة ونقص الموارد وقلة الرعاية، لم تتَح الفرصة لهم حتى لتعلم الأساسيات مثل المشي وإطعام أنفسهم والتحدث مع الآخرين”، وفق ما قالته رهام الحاج.

تحاول رهام الحاج في حديثها الإشارة إلى الجهل الكبير لدى المجتمع في كيفية التعامل مع هذه الفئة جراء نقص التوعية والتدريب، خصوصًا في مخيمات النزوح، ما أسهم في زيادة معاناة وتهميش هذه الفئة التي صارت منسية بشكل كبير.

لا توجد إحصائية رسمية بشأن عدد الأطفال المصابين بـ”متلازمة داون” في إدلب، جراء عدم إصدار قوائم بالمصابين من قبل الجهات الصحية في المنطقة.

مراكز محدودة للرعاية

“متلازمة داون” هي اضطراب وراثي يسببه الانقسام غير الطبيعي في الخلايا، ما يؤدي إلى زيادة النسخ الكلي أو الجزئي في “الكروموسوم 21″، وتسبب هذه المادة الوراثية الزائدة تغيرات النمو والملامح الجسدية التي تتسم بها “متلازمة داون”، وفق ما أوضحه الطبيب فريد الحلاق، المقيم في إدلب، لعنب بلدي.

وأوضح الحلاق أن “متلازمة داون” تتفاوت في حدتها بين المصابين، ما يتسبب بإعاقة ذهنية وتأخر في النمو مدى الحياة، فهي أشهر اضطرابات “الكروموسومات” الوراثية، وتسبب إعاقات التعلم لدى الأطفال، كما أنها كثيرًا ما تسبب حالات شذوذ طبية أخرى، ومنها اضطرابات القلب والجهاز الهضمي.

وأكد الطبيب المتخصص بأمراض الأطفال، أن كل شخص مصاب بـ”متلازمة داون” هو فرد يعاني مشكلات عقلية ونمائية خفيفة أو معتدلة أو شديدة، قد يكون البعض أصحّاء بينما البعض الآخر يعانون مشكلات صحية كبيرة كتشوهات خطيرة في القلب.

ورغم وجود عدد من المراكز المختصة بتقديم الخدمات الطبية والتعليمية لهذه الفئة في إدلب، فإنها لا تزال قليلة ومحدودة وتفتقر للكثير من الدعم واللوجستيات.

وهذا ما أشارت إليه مديرة مركز “الأمل” لذوي الإعاقة في مدينة الدانا، غنوة نواف، التي تواصلت معها عنب بلدي.

وقالت نواف، إن إنشاء المركز جاء بهدف تأهيل أطفال من ذوي الإعاقة، ودمجهم في المجتمع بالشكل الصحيح، بعد معاينة الإهمال الكبير لهذه الفئة في إدلب.

ويغطي المركز عدة مناطق ومنها الدانا، وسرمدا، ومخيمات سرمدا، وباب الهوى، ودير حسان، ومخيمات دير حسان، وترمانين، وحزرة.

ومن المشكلات التي يعالجها ويستقبلها المركز حالات “متلازمة داون”، والصم، والتوحد، وتأهيل النطق، والإعاقة السمعية، في حين بلغ عدد الأطفال المستفيدين حتى الآن بما يخص “متلازمة داون” 80 طفلًا.

وبحسب تقرير لفريق “منسقو استجابة سوريا”، فإنه يوجد أكثر من 198 ألف شخص من ذوي الإعاقة في شمال غربي سوريا.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع