القمح في درعا.. “السنة أمحلت”

camera iconموسم القمح في مدينة درعا جنوبي سوريا- 11 من كانون الثاني 2021 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- درعا

تسبب تراجع إمدادات المياه من الأمطار خلال شهري آذار ونيسان الماضيَين، بخروج مساحات شاسعة كان مأمولًا أن تكون جزءًا فاعلًا في إنتاج القمح بمحافظة درعا، جنوبي سوريا.

ولم تساعد الظروف الجوية، خلال تلك الفترة، محصول القمح البعلي على الوصول إلى مرحلة الإنتاج، إذ تلف لعدم حصوله على “ريات” مطرية كافية.

أحلام تبددت

في حين كان ينتظر المزارع محمد المفعلاني (60 عامًا)، من سكان ريف درعا الشرقي، دخول الحصادة لأرضه، تبددت أحلامه مع ذبول مساحة القمح لديه، التي تبلغ 100 دونم، حيث جفت سنابل القمح، وصار محصوله مساحة لرعاة الأغنام، و”ضمّنه” بسعر 40 ألف ليرة سورية للدونم الواحد.

“السنة أمحلت”، يحاول المزارع الستيني وصف قلة إنتاج هذا العام من حصاد القمح في أرضه باستخدامه التعبير المحلي المتداول بين سكان المنطقة، وهو تعبير يُستخدم حين ينقطع المطر فتيبس الأراضي الزراعية.

تنعكس قلة الأمطار في خسارة المزارعين ماديًا، بحسب ما قاله المزارع محمد المفعلاني، وسط ارتفاع تكلفة الإنتاج، فأجرة حراثة الدونم الواحد تتراوح ما بين 25 ألفًا و35 ألف ليرة، وكذلك سعر البذار الذي يتراوح ما بين 2000 و2500 ليرة.

كما يحتاج الدونم البعلي من 15 إلى 20 كيلوغرامًا من البذار، في حين يحتاج دونم القمح المروي ما بين 30 و40 كيلوغرامًا من البذار.

ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية خلال الأسبوع الماضي إلى 3985 ليرة، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.

خسارة في المساحات البعلية

ينطبق ما تعرض له محصول المزارع محمد المفعلاني على المساحات البعلية في المحافظة، التي قدّرتها مديرية زراعة درعا في بداية موسم زراعة القمح بـ82 ألف هكتار، ما سينعكس سلبًا على كميات الإنتاج، بحسب ما قاله عضو سابق بجمعية فلاحية لعنب بلدي.

وقال عضو الجمعية، الذي تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، إن القطاع الزراعي يشكّل دعامة أساسية بالغة الأهمية لسبل المعيشة المحلية، وهو يعتمد على الموارد المائية وتقلبات المناخ.

ومساحة الزراعة البعلية من القمح تعادل أضعاف محصول القمح المروي، بحسب تقديرات عضو الجمعية الفلاحية، و”لأننا لم نشهد أمطارًا وفيرة هذا العام، وخاصة في شهري آذار ونيسان، إذ لم تمطر بالقدر الكافي للإرواء، صارت مساحات القمح البعلي خارج الحسابات الإنتاجية لهذا العام، كونها تعتمد على الأمطار”.

الواقع الذي ينتظره المزارعون في المنطقة يتناقض مع أرقام مديرية زراعة درعا، التي تفاءلت بكميات القمح المروي والبعلي، إذ قدّرت مساحة القمح المروي بعشرة آلاف و900 هكتار، بنسبة 108% عن الخطة المقررة من قبل مديرية الزراعة، في حين وصلت نسبة زراعة القمح البعلي إلى 103% من الخطة الموضوعة والبالغة 82 ألف هكتار.

صعوبات تواجه المزارعين

تعتبر سقاية محصول القمح من أهم العقبات التي تواجه الفلاح لتحديد مصير محصوله، خصوصًا بعد تناقص كميات الأمطار لهذا العام، إذ تحتاج ساعة التشغيل الواحدة للديزل إلى ما يقارب ستة ليترات من المازوت، ووصل سعر الليتر إلى 4300 ليرة بالسوق المحلية.

في الوقت نفسه خصصت مديرية الزراعة ليترين للدونم بالسعر “المدعوم” 580 ليرة، وثلاثة ليترات للدونم بسعر التكلفة 1700 ليرة.

“كميات المازوت الموزعة من قبل مديرية زراعة درعا لا تكفي لرية واحدة للمحصول الذي يحتاج إلى ريتين على الأقل، والأفضل ثلاث ريات خلال الموسم الكامل لضمان إنتاجية الزرع”، بحسب المزارع جمال (30 عامًا)، وهو من فلاحي ريف درعا الغربي.

كما أن تأخير تسليم كمية المازوت للمزارع أسهم في عزوفه عن الري لفوات موعد السقاية، فكل ساعة تشغيل تكلفه ما يقارب 30 ألف ليرة، بالإضافة إلى حاجة المحصول لعملية رش المبيدات من أجل مكافحة الحشرات، أبرزها حشرة السونة.

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة العالمية (FAO)، في تقريرها الصادر في 2021، أن ما عاناه المزارعون السوريون لتأمين احتياجاتهم الأساسية منذ عام 2011، كان له أثر مباشر على الأمن الغذائي في البلاد، الذي يفقده 60% من السكان، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وكانت الظروف المناخية هذا العام مصدر تهديد لمحصولي القمح والشعير بشكل رئيس.

وأضاف التقرير أن الأزمة التي تعانيها سوريا أثّرت على قدرة الاستجابة للمؤسسات الحكومية المعنية، بسبب غياب الكوادر المؤهلة في البلاد، ونقص فرص التدريب لتطوير مهارات من تبقوا ليستطيعوا مواجهة الصدمات المتتالية للقطاع الزراعي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة