يتناول الفيلم التسجيلي السوري “لسه عم تسجل” الأحداث التي شهدتها منطقتا دوما والغوطة الشرقية، القريبتان من العاصمة دمشق، خلال الفترة الممتدة بين الأعوام 2011 و2015 لإقامة محطة إذاعية واستوديو تسجيل.
خضعت المنطقتان في تلك الفترة لسيطرة المعارضة المسلحة، ولذلك فإن المكان والزمان اللذين تدور فيهما كاميرا مخرجَي الفيلم غياث أيوب وسعيد البطل يحملان أحداثًا عدة، عكست مدى الشرخ الموجود داخل فصائل “الجيش السوري الحر” حينها، وعدم توافق عناصره على خطة ومنهجية واحدة لمقاتلة قوات النظام السوري.
“الصورة هي خط الدفاع الأخير ضد الزمن”، يظهر سعيد البطل في أول مشاهد الفيلم (120 دقيقة) وهو يقول هذه العبارة، في أثناء تدريبه لمجموعة من الشبان في الغوطة الشرقية على قواعد التصوير.
هذه العبارة تمتد فكرتها على كامل مسار الفيلم، إذ لا تتوقف الكاميرا عن تصوير أحداث مختلفة الملامح، على مدار تلك الأعوام، وهذا يعني وجود صعوبة في تجميع مادة بترابط واضح من كومة تسجيلات مصوّرة ضمن فيلم واحد، وهذا ما لم ينجح فيه صنّاع الفيلم بمشاهد محددة.
خلال تصوير أحداث متفرقة من المعارك الدائرة في الغوطة الشرقية ودوما، تنتقل الكاميرا بالجمهور، دون تمهيد مسبق، لتوثيق سهرة مجموعة من الشبان الجامعيين في “شاليه” داخل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في دمشق.
هذا الانتقال المفاجئ يُفهم كرغبة من أصحاب الفيلم بتوثيق ما تعيشه المناطق الخاضعة لجهات عسكرية مختلفة، إلا أن ذلك الانتقال غير منسجم لدرجة قد يصل فيها المشاهد إلى الشعور بأنه انتقل إلى أحداث فيلم آخر غير الذي تابعه منذ البداية.
يمر الفيلم زمنيًا بمذبحة إنسانية شهيرة في سوريا، وهي مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات النظام السوري، في 21 من آب 2013، في نفس المنطقة التي وثّقت فيها الكاميرا أحداث الفيلم.
إلا أن الفيلم يكتفي فقط بذكر هذا اليوم راصدًا من خلاله مشاعر إنسانية عبّرت عن هول المجزرة بعد اختناق ضحاياها، دون الغوص بتفاصيلها ضمن تسجيلات خاصة، ما يضعف الفيلم من ناحية توثيق جريمة لا تزال إجراءات المحاسبة الخاصة بها ضيقة، وكان بإمكانه مع هذا التوثيق أن يحفظ مكانته أكثر كوثيقة مهمة تعبر عن قوة السينما وبلاغتها المتجددة في كشف حقائق لا يمكن للزمن أن يمحوها.