جريدة عنب بلدي – العدد 47 – الأحد – 13-1-2013
تحدثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن تراجع النمو الاقتصادي منذ بدء الثورة السورية في 15 مارس 2011 وأن حجم الخسائر الإجمالية للاقتصاد الوطني وصلت إلى مايقارب 100 مليار دولار، وأنه رغم تراجع موارد الدولة فقد كانت موازنة عام 2012 هي الأعلى في تاريخ سورية بزيادة 58% عن عام 2011، والتي يمكن اعتبارها موازنة حرب لتمويل جزء من العمليات العسكرية. وبلغ عجز الموازنة في السنة الحالية (2013) 45.84% وأن المشكلة تكمن في كيفية تمويل هذا العجز والآثار السلبية الناتجة عنه.
ونتابع في هذا العدد تحليل المؤشرات الاقتصادية للسنة المنصرمة 2012 من خلال التطرق إلى التضخم وتدهور سعر صرف الليرة السورية وماهي تحديات خسارة الاحتياطي النقدي؟ وماهو وضع البنوك السورية؟
فقد تدهور سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية وخسارتها بلغت أكثر من 50% من قيمتها، حيث وصل سعر صرف الليرة أمام الدولار في نهاية عام 2012 حسب السعر الرسمي إلى 77.74 مقابل 91.25 في السوق السوداء. أما على صعيد الأسعار فقد شهدت معدلات التضخم ارتفاعًا كبيرًا، حيث بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك حسب التقارير الرسمية 220% في شهر أيلول 2012 ، فعلى سبيل المثال فقد ارتفع سعر كيس الطحين من 1900 ليرة إلى 4100 ليرة. أما سعر ربطة الخبز فقد وصل إلى 75 ليرة في عدة مناطق وإلى 200 ليرة في بعض المناطق الساخنة وبشكل خاص في مدينة حلب، علمًا أن سعرها الرسمي في الأفران مازال 15 ليرة لكن تكلفة الزمن تصل إلى عدة ساعات في طابور الانتظار. ومن الطريف ذكره أنه حتى أسعار القبور في دمشق قد ارتفعت من 20 ألف ليرة سورية إلى 800 ألف ليرة سورية بسبب ارتفاع عدد الشهداء وضيق المساحة.
بالرغم من عدم توافر إحصائيات وأرقام عن حجم الاحتياطي النقدي لدى المصرف المركزي إلا أن التوقعات تشير إلى أن الحكومة استنزفت معظم الاحتياطي المقدر بـ 18 مليار دولار في عام الثورة الأول (2011).
إن التحدي الأكبر للحكومة الجديدة بعد سقوط النظام على الصعيد الاقتصادي والنقدي يتمثل في استلام بلد يكاد يكون رصيده من الاحتياطي النقدي يعادل الصفر. فتمويل الاستيراد يحتاج إلى وجود رصيد نقد أجنبي لدى الحكومة لتلبية الطلب على الدولار واليورو. فخسارة الاحتياطي تعني عدم قدرة الحكومة على تمويل عمليات الاستيراد وتراجعها بشكل كبير، إلى جانب عامل عدم الاستقرار الداخلي وانعدام الدخل في سوريا. وأيضًا لن تستطيع الحكومة دعم سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية بدون وجود احتياطي نقدي لدى المركزي يمكنه من التدخل في سوق العملات لضبط سعر الصرف. وكم تحتاج الحكومة من السنوات لتكوين احتياطي نقدي من جديد يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في سوريا.
أما على الصعيد المصرفي فقد تراجع حجم أعمال المصارف العاملة في سوريا بنسبة تتجاوز 40%منذ بدء الثورة السورية، وكذلك انخفضت قيمة رساميل المصارف نتيجة تراجع سعر صرف الليرة السورية بأكثر من النصف أمام الدولار. أما على صعيد خسارة البنوك فيمكن قراءتها من خلال تصريح حاكم مصرف لبنان المركزي عن خسائر البنوك اللبنانية العاملة في سوريا إذ بلغت 400 مليون دولار.
أما على صعيد حجم الودائع فقد صرح مدير عام مصرف «بلوم» سعيد أزهري أن حجم الودائع انخفض تقريبًا بنسبة 61.1% مقارنة بالعام الماضي 2011، والتي بلغت 1.8 مليار دولار. وعلى صعيد القروض فقد انخفض حجم القروض لدى بنك بلوم من 670 مليون دولار عام 2011 إلى 210 مليون دولار في العام الحالي 2012.