قبل “الغزو” الروسي لأوكرانيا، حذرت وكالات الاستخبارات الغربية من الهجمات الإلكترونية المحتملة التي يمكن أن تنتشر في أماكن أخرى، وتتسبب في أضرار “غير مباشرة” على شبكات الكمبيوتر العالمية، ورغم قلة الأدلة على التداعيات حتى الآن، لا تزال الحرب الإلكترونية في أوكرانيا محتدمة.
بدأت الأيام الأولى لتطور الصراع في الفضاء “السيبراني” عام 2021، إذ مهّدت جماعات متحالفة مع أجهزة الأمن الروسية الطريق لتوغل عسكري، وفقًا لشركة “مايكروسوفت“.
وقالت الشركة، إن الجهات الفاعلة السيبرانية الروسية المشتبه بها، تمكّنت من الوصول إلى شبكات العديد من مزوّدي الطاقة وتكنولوجيا المعلومات الأوكرانيين المختلفين في أواخر عام 2021، وأُصيبت بعض هذه الأهداف لاحقًا في عام 2022 بفيروسات كمبيوتر مدمرة، أدت إلى حذف البيانات وتعطيل أجهزة الكمبيوتر.
قبل “الغزو”
كانت هناك موجة من العمليات الإلكترونية ضد أهداف أوكرانية في الأسابيع التي سبقت “الغزو” الروسي لأوكرانيا في 24 من شباط الماضي، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء “رويترز“.
في كانون الثاني الماضي، اكتشف الباحثون برامج ضارة مدمرة تسمى “WhisperGate” منتشرة في أوكرانيا، عكست هذه البرامج عن كثب هجومًا إلكترونيًا روسيًا عام 2017 ضد أوكرانيا، المعروف باسم “NotPetya”، والذي دمّر البيانات الموجودة على آلاف أنظمة الكمبيوتر المحلية.
بعد اكتشاف “WhisperGate”، أدت سلسلة من الهجمات إلى تعطيل المواقع المصرفية والحكومية الأوكرانية لفترة وجيزة، ونسبت بريطانيا والولايات المتحدة الهجمات لاحقًا إلى روسيا، بينما أكد “المركز الوطني البريطاني للأمن السيبراني” (NCSC)، الثلاثاء 10 من أيار، أن المخابرات العسكرية الروسية كانت “بشكل شبه مؤكد” وراء برنامج “Whispergate” “الخبيث”.
بعد ذلك، وقبل أيام من “الغزو”، اكتشف باحثو الأمن “السيبراني” المزيد من البرامج الضارة للقضاء على البيانات في أوكرانيا، وأكدت شركة “الأمن السيبراني السلوفاكية” (ESET)، أنها عثرت على مساحات جديدة تم تصميمها قبل أشهر، وأشار الاكتشاف إلى أن قراصنة روسيا يعرفون أن التوترات بين الكرملين وكييف ستتصاعد قريبًا.
بداية الحرب
في الساعات الأولى من 24 من شباط الماضي، عندما دخلت القوات الروسية شرق أوكرانيا، عطّل قراصنة الإنترنت عشرات الآلاف من أجهزة “مودم” الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في أوكرانيا وعبر أوروبا، وتعتبر هذه العملية واحدة من أكبر الهجمات الإلكترونية المعروفة للجمهور التي حدثت في الصراع.
وتسبب الهجوم الذي استهدف شبكة تسيطر عليها شركة الأقمار الصناعية الأمريكية “فياسات”، في “خسارة فادحة للاتصالات”، وفقًا لمسؤول الأمن “السيبراني” الأوكراني البارز، فيكتور زورا.
نسبت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الهجوم الرقمي الخاطف ضد الشبكة إلى روسيا أيضًا، الثلاثاء 10 من أيار، وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن روسيا كانت وراء العملية، مشيرة إلى “معلومات مخابراتية بريطانية وأمريكية جديدة”، دون الخوض في مزيد من التفاصيل.
“حرب هجينة”
بعد “الغزو”، اخترق قراصنة روس العديد من المنظمات الأوكرانية المهمة، بما في ذلك شركات الطاقة النووية، والشركات الإعلامية والهيئات الحكومية، وفقًا لـ”مايكروسوفت”.
ورغم صعوبة تتبع أهداف كل اختراق، وقعت حادثة واحدة ملحوظة في 1 من آذار الماضي، عندما تزامنت ضربة صاروخية ضد برج التلفزيون في كييف مع هجمات إلكترونية مدمرة واسعة النطاق على وسائل الإعلام في كييف أيضًا.
بعد أيام، اكتشفت “مايكروسوفت” مجموعة روسية على شبكات شركة طاقة نووية أوكرانية لم تسمِّها، كان ذلك في اليوم الذي استولى فيه الجيش الروسي على محطة الطاقة النووية “زابروجيا”، الأكبر من نوعها في أوروبا.
يقول كبار مسؤولي الأمن القومي الأمريكيين، إن موسكو تجمع الآن بين القوات “السيبرانية” والعسكرية الروسية، بينما أوضحت المسؤولة البارزة في الأمن “السيبراني” بالبيت الأبيض آن نويبرغر، “أن الروس لديهم نهج متكامل لاستخدام الهجمات الجسدية والسيبرانية، بطريقة متكاملة، لتحقيق أهدافهم الوحشية في أوكرانيا”، حسب وصفها.
هجمات الطاقة
في 12 من نيسان الماضي، قال فريق استجابة طوارئ الكمبيوتر الأوكراني في سلسلة من البيانات، إن فريق قرصنة روسيًا من النخبة يُعرف باسم “Sandworm”، والذي هاجم شبكة الكهرباء الأوكرانية في عام 2015، حاول قبل أيام التسبب بانقطاع التيار الكهربائي في البلاد.
صمّم المتسللون، الذين يُقال إنهم جزء من وكالة المخابرات العسكرية الروسية، قطعة من البرامج الضارة تسمى “Industroyer 2″، والتي يمكن أن تتلاعب بالمعدات في المرافق الكهربائية، للتحكم بتدفق الطاقة.
قال مسؤولون أوكرانيون، إن “Industroyer 2” نُشرت في محطة فرعية كهربائية لم يذكر اسمها، توفر الطاقة لنحو مليوني شخص محلي، ورغم فشل الهجوم، فإن “التعطيل المقصود كان هائلًا”.
يشهد العالم لأول مرة حربًا هجينة بهذا الحجم، تخللت الصراع الروسي- الأوكراني، وتنطوي على هجمات إلكترونية ومعسكرين متنافسين للقرصنة الإلكترونية، يناوران في شبكة الويب العميقة والمظلمة، وفقًا لموقع “webz.io“، أثبتت هذه الحرب أكثر من أي وقت مضى، أن الحرب الإلكترونية هي جزء لا يتجزأ من الحروب والصراعات الدولية.
–