حرية المعتقد

  • 2013/01/14
  • 1:10 ص

جريدة عنب بلدي – العدد 47 – الأحد – 13-1-2013

إن نضال الإنسان من أجل حريته وأفكاره ومعتقداته قديم قدم الحضارة والمدنية، إلا أن حرية المعتقد كانت وما تزال من أكثر القضايا إثارة للجدل، وقد أدت إلى كثير من الصراعات الدموية عبر التاريخ. وعلى الرغم من أن مثل هذه الصراعات مازالت قائمة، إلا أن مطلع القرن العشرين شهد بعض التقدم، إذ أقرت بعض المبادئ المشتركة بهذا الشأن، فقد اعترفت الأمم المتحدة بأهمية حرية الديانة أو المعتقد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948، حيث تنص المادة 18 منه على أن:

«لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدا».

يعتبر التمتع بالحرية الدينية من قبل الأفراد والدول في العالم حقًا أساسيًا وفقًا للقوانين والشرائع الدولية، وفي الدول التي تعتمد أسلوب دين الدولة تعتبر حرية الدين والمعتقد مقيّدة في أغلب الأحيان، حيث تمنح الحكومة حق الممارسات الدينية للطوائف الأخرى إلى جانب الدين الأساسي للدولة.

وقد تلى اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان محاولات عدة لوضع اتفاقية خاصة بالحق في حرية الدين والمعتقد، إلا أن كافة تلك المحاولات قد باءت بالفشل نظرًا لأن لكل القوانين والشرائع التي أصدرتها الأمم المتحدة غير ملزمة للدول والحكومات.

وتبعًا لذلك تفاوتت درجة تقبل هذه الحريات بين الدول المختلفة. حيث نجد بعض الدول قد تقبل أحد أشكال الحرية الدينية، لكنها في الواقع تفرض بعض الضرائب التأديبية على الأقليات الدينية، وتعمل على سن بعض التشريعات الاجتماعية كأسلوب من أساليب القمع بالإضافة إلى حرمانهم من حقوقهم السياسية.

ويرى العديد من المفكرين أن من مصلحة المجتمعات ككل ومصلحة الحكومات على وجه الخصوص على المدى الطويل السماح للناس باتباع دينهم وممارسة شعائرهم بحريّة لأن ذلك يساعد على منع الفتن المدنية وتقليل التّعصّب. وأن القوانين التي تمنع الحرية الدينية وتسعى للحفاظ على السلطة والإيمان بدين واحد لا تؤدي إلا إلى إضعاف وإفساد الدين على المدى البعيد.

في ظل الوضع السوري والانتماءات الدينية والمذهبية المتعددة لا يستقيم الوضع إلا في إطار دولة مدنية ديمقراطية تكفل للجميع حرية المعتقد وتشدد على احترام الشعائر الدينية ولا تقف حرية المعتقد عند حدود الأديان فقط، بل يجب احترام الحرية الفكرية للأشخاص الذين يتبنون مذاهب فكرية أو آيدولوجيات أيضًا.

إن اضطهاد المتمايزين دينيًا أو مذهبيًا على مر التاريخ لم يستجلب سوى المآسي والمحن والنكبات على العالم، وإذا ما توسعنا في قراءة التاريخ نرى أن أكثر العصور ازدهارًا لدى الأمم والدول هي العهود التي سادها التعايش والتسامح.

مقالات متعلقة

أخبار منوعة

المزيد من أخبار منوعة