شكوك حول نزاهة
الوعر يحظى باهتمام أممي.. وفود وقوافل إنسانية لا تسد الرمق
جودي عرش – حمص
استقبل أهالي حي الوعر وفدًا إغاثيًا من الأمم المتحدة في الثاني عشر من الشهر الجاري بمظاهرات طالبت بالإبقاء على “ثورية” الحي وعدم “تواطؤ” الأمم المتحدة مع النظام السوري، وسط شكوك تبديها أطراف المعارضة المعنية بتوقيع الهدنة، حول جدية الأسد في إنهاء هذا الملف بالطريقة التي تضمن بقاء سكانه دون المساس بهم.
دخل الوفد الأممي إلى الحي برئاسة ستيفان أوبراين، المنسق العام للشؤون الإغاثية في الأمم المتحدة، والسيد يعقوب الحلو، سفير الأمم المتحدة في سوريا، برفقة قافلة إنسانية ضمت شاحنات غذائية وطبية.
هدف الزيارة إنساني بحت وميداني يرصد الأوضاع على الأرض ومتغيراتها بعد الاتفاق على الهدنة، بحسب وليد فارس أحد النشطاء الحقوقيين والمعنيين بملف التفاوض داخل الوعر، والذي أضاف في حديث إلى عنب بلدي “رصد الوفد حالة المشفى الميداني وكان بنفس الصورة المهدمة القديمة، ولا يحوي أي معدات جراحية، والتي لم تدخل حتى اللحظة”.
التقى الوفد الأممي بعدد من الشخصيات، التي تمثلت بمنتدبين عن الأهالي، ولجنة التفاوض، وأعضاء المجلس المحلي، داخل مقر المجلس، وأضاف فارس “قدم الوفد المعارض مطالب أساسية وجادة، تمثلت بالتأكيد على الهوية الثورية، وأن العامل الرئيسي في نجاح الحل السياسي هو إسقاط النظام السوري، والتأكيد على أن قبول عقد الهدنة كان بسبب الحصار الخانق الذي فرض على الحي، والحالة الإنسانية السيئة التي وصل إليها”.
وطالب الوفد بضرورة عدم ربط دخول القوافل الإنسانية بموضوع الهدنة، فهذا أمر مخالف لقراري مجلس الأمن (2139_2165) اللذين ينصان على إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة دون الرجوع إلى الحكومة، كما أوضح فارس.
لم تقتصر المطالب على ذلك، وتابع الناشط “طالب الوفد بضمانات حقيقية تضمن تحقيق احتياجات الناس دون اتباع خطة التهجير التي تمت في منطقة حمص القديمة، في ظل وجود حالة من عدم الثقة تجاه النظام السوري، وضرورة إبقاء الأمم المتحدة طرفًا محايدًا وليس مناصرًا للجلاد”.
بدوره أثنى ستيفان أوبراين على لجنة التفاوض بسبب متابعتها العمل على شراكة مع الأمم المتحدة للوصول إلى ثقة أو تقارب في وجهات النظر، وأكد على حيادية الأمم المتحدة، باعتبار أن قرارات مجلس الأمن هي التي مكنتهم من الوجود في الحي، آخذًا بعين الاعتبار النظر في المطالب المقدمة عن طريق مكاتبهم في حمص، كما أنهم سيتواصلون مع الوفد المفاوض بخصوص موضوع الإعمار في الحي قريبًا.
وأنهى وليد فارس “تحادثت مع الوفد على سبيل الطرفة، فقلت:عندما سمعنا بقدومكم، تساءلنا عن شكل أعضائه، وهل هم بشر مثلنا، فدعونا نتكلم إذًا عن المساواة الإنسانية، فرد أوبراين في نهاية حديثه: شكرًا لأنكم شعرتم أنني إنسان”.
انفجارات في الأحياء الموالية تبعثر الأوراق
هز انفجار ضخم حي الزهراء الموالي في مدينة حمص قبيل موعد دخول الوفد الأممي إلى الوعر، ما شكل تخوفًا من خلل يمس الهدنة، بحسب الناشط محمد الحمصي، الذي صرح لعنب بلدي قائلًا “هذا التفجير يختلف تمامًا عن سابقاته من الاختراقات التي حصلت داخل مستوطنات النظام في مدينة حمص، خصوصًا أن الزمان والمكان كانا كفيلين ببعثرة جميع الأوراق على الطاولة”.
وتبنى تنظيم “الدولة” تفجير الزهراء، وكان الهدف منه استفزاز النظام لخرق هدنة الحي، وتابع الحمصي “هذا ما التمسناه بشكل مباشر عبر حسابات التنظيم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ردد أنصاره (هذا رد على بيع الوعر للنصيرية)، ونجح التنظيم في هذا الأمر نسبيًا، لكنه لم يكن كفيلًا بخرق الهدنة في الحي الذي دخله وفدٌ أممي رفيع المستوى برفقة مساعدات أممية في نفس اليوم”.
موجة غضب اجتاحت الأحياء الموالية في حمص، وطالت الاحتجاجات المحافظ والأجهزة الأمنية، نظرًا لتكرار الحوادث المشابهة رغم الطوق الأمني المفروض لحماية المنطقة، والذي أصبح اليوم في نظر الموالين لا يجدي نفعًا بحسب الحمصي.
وأوضح الناشط أن “المطالبة بإطاحة محافظ حمص، طلال البرازي، يعيدنا إلى بداية الثورة عندما خرج الأهالي ضد المحافظ وجن جنون النظام عليهم وتفاعل مع الأمر بوحشية، لكن الأمر يختلف كليًا اليوم، ويتعامل مع الأمر بهدوء كيلا يخسر قاعدته الشعبية”.
زيارات تفقد ووعود من الصليب الأحمر
دخل وفد الصليب الأحمر الدولي إلى الوعر في السادس عشر من الشهر الجاري، في زيارة تستمر 4 أيام، وتهدف إلى زيارة بعض الأماكن فيه لتقييم الأضرار المادية جراء التصعيد العسكري، وأدخل الوفد قافلة إنسانية تضم 18 سيارة محملة بحصص غذائية وصحية، مع استمرار النظام منع إدخال المواد الإسعافية والطبية التي تشمل أكياس الدم والسيرومات.
وزار الوفد برئاسة السيدة ماجدة الفليحي، مديرة مكتب الصليب الأحمر في المنطقة الوسطى، كلًا من المشفى الميداني، ومنظمة الهلال الأحمر، ومشفى البر، والمجلس المحلي، وأحد مراكز إيواء النازحين في الوعر.
وفي حديث خاص إلى عنب بلدي، صرحت السيدة ماجدة الفليحي قائلة “نحن كصليب أحمر دولي دخلنا ضمن الصلاحيات الدولية، لكن فريق الحماية الدولية التابع لنا يهتم بشكل أساسي بالشأن الأمني في المناطق التي نذهب إليها والتي يتجاوز عددها 80 دولة حول العالم، وشكلت هدنة الوعر أرضية خصبة ومحفزًا لتسهيل مهمتنا في حمص، ونسعى للوقوف على الحالة الإنسانية والخدمية في الحي وتقييم الأضرار”.
وحول المعتقلين ودور الصليب الأحمر في متابعة أمورهم، أوضحت الفليحي أن المنظمة ستزور كافة السجون لدى النظام، إذ إن دورها يقتصر على تقييم الحالة الإنسانية للمعتقلين فقط بما يتوافق مع القرارات الدولية بخصوص الأسرى، بغض النظر عن جرمهم ولأي طرف ينتمون، مشيرة إلى أن الصليب الأحمر يعمل في سوريا بالشراكة مع منظمة الهلال الأحمر، والتي سيقع على عاتقها مسؤولية المتابعة.
يشار إلى أن دخول الوفود الأممية والإنسانية إلى حي الوعر، يأتي في ظل الهدنة المبرمة مع نظام الأسد، والتي ستطبّق مطلع العام المقبل، وتنص على عدة بنود أهمها السماح للمنظمات الإنسانية بممارسة أعمالها بحرية كاملة، لكن الحي مايزال يشهد نقصًا حادًا في بعض الأدوية الإسعافية والمواد الغذائية كالبقوليات والمعلبات ومادة الملح.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :