شهدت محال أسواق الملابس السورية في مدينة اسطنبول التركية، حالة من ضعف الإقبال والركود في موسم العيد المنتهي حديثًا، مقارنة بالمواسم السابقة، بسبب ارتفاع أسعار الملابس المترافق مع غلاء المعيشة في البلاد.
وتُعد تركيا حاليًا سادس أكثر دولة تعاني من التضخم في العالم، بحسب أحدث البيانات المسجلة، وهو ما جعل من شراء الملابس كماليات للعديد من السوريين، حتى في موسم العيد الذي يُعد من أهم الأوقات لشراء الملابس الجديدة.
فيما سيطر على الأسواق التركية ارتفاع في المستوى العام للأسعار، بالإضافة إلى غلاء المحروقات وأجور المواصلات والمنازل، بالتزامن مع وصول الدولار إلى حاجز الـ15 ليرة تركية.
وبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 15.33 ليرة تركية اليوم، الأربعاء 11 من أيار، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية في تركيا.
وينعكس هذا الغلاء على معيشة السوريين في تركيا، نتيجة ارتفاع إيجارات المنازل، وانخفاض الدخل الشهري وأجور العمال اليومية، وقلة فرص العمل.
وفي استطلاع أجرته عنب بلدي، وشمل محال الملابس السورية في اسطنبول، اشتكى عمر قبلاوي (30 عامًا)، الذي تصادف وجوده في محل بيع الألبسة، من ارتفاع أسعار الملابس المترافق مع غلاء المعيشة في البلاد، قائلًا، “في الأعياد السابقة كنت أشتري عدة قطع من الألبسة، أما في العيد الماضي فاضطررت إلى أن أشتري لابني فقط، إذ لا يغطي الراتب القدرة على شراء الملابس للجميع بعد الارتفاع الكبير في أسعارها”.
عمر المقيم في القسم الأوروبي من اسطنبول، متزوج ولديه طفل يبلغ ثلاثة أعوام، أعرب عن انزعاجه من أصحاب محال الألبسة الذين لا يتقبلون التفاوض على سعر الملابس، بالرغم من السعر المرتفع المطلوب للقطعة، وهي حالة لم تكن موجودة في السنوات الماضية عندما كانت الأسعار منخفضة، وكان شراء الملابس من الأمور المتاحة اليسيرة لجميع السوريين، بحسب رأيه.
وختم عمر حالته بالقول، “في الوضع الاقتصادي الحالي، أي أسرة يجب أن يكون فيها فردان عاملان على الأقل، حتى تستطيع الصمود في وجه تضخم الأسعار الحالي”.
“انخفاض 50% بالمبيعات”
رصدت عنب بلدي أوضاع بعض محال الملابس السورية في اسطنبول بقسميها الآسيوي والأوروبي، لمعاينة مدى تأثير التضخم الاقتصادي على موسم بيع الملابس قبل حلول العيد، وكيف كان إقبال السوريين على الشراء مقارنة بالمواسم السابقة.
مصطفى (42 عامًا) صاحب محل لبيع الملابس النسائية في اسطنبول الأوروبية منذ خمس سنوات، قال لعنب بلدي، “بعدما تأثرنا سلبًا في موسم العيد العام الماضي، بسبب الإغلاق الصحي جراء جائحة فيروس (كورونا)، جاء موسم هذا العام بانخفاض في المبيعات بنسبة 50% مقارنة بالسنوات السابقة، إذ كان الزبون يشتري ما يُعتبر من الكماليات، أما حاليًا فإنه يشتري ما هو ضروري فقط”.
ولاحظ محمد (34 عامًا) صاحب محل لبيع الملابس الرجالية في منطقة الفاتح، رد فعل مختلفًا لدى الزبائن هذا العام، يتمثّل بـ”صدمة” عند معظمهم مع تضاعف أسعار الملابس، ووصل الأمر إلى حد إلغاء فكرة الشراء عند البعض، أو شراء قطعة واحدة على الأكثر عند الآخر، بحسب ما ذكره لعنب بلدي.
محمد قال إن نحو نصف زبائنه من الأتراك، وإنه لم يلحظ ذات حالة “الصدمة” لديهم بعد معرفة السعر، بسبب حالتهم المادية الجيدة مقارنة بالسوريين، بحسب رأيه.
واشتكت فاطمة رضا (53 عامًا)، صاحبة محل لبيع الملابس النسائية في اسطنبول الأوروبية، من كساد بضاعتها هذا الموسم، بسبب ضعف الإقبال على الشراء لدى السوريين، وقالت لعنب بلدي، “على الرغم من أنه كان معنا أربعة شركاء في ملكية المحل الموسم الماضي والآن ننفرد بإدارة المحل، كانت أرباح الموسم الحالي أقل من سابقه”.
وأعلنت “هيئة الإحصاء التركية” في بيان، نُشر في 5 من أيار الحالي، ارتفاع مؤشر التضخم السنوي في تركيا إلى 69.97%، وبنسبة وصلت إلى 7.25% على أساس شهري، مسجلًا بذلك أعلى نسبة وصل إليها منذ حوالي 20 عامًا.
كما ارتفع مؤشر أسعار المنتجين بنحو 7.67% على أساس شهري، ليبلغ نسبة 121.82% على أساس سنوي، وبالتوازي ارتفعت أسعار المستهلك في نيسان مقارنة بنفس الشهر من العام السابق بنحو 70%.
ويقيس مؤشر أسعار المستهلك التغيرات التي تحصل في المستوى العام للأسعار، بناء على تكلفة سلة تشمل جميع السلع والخدمات المستهلكة داخل بلد معيّن.
وفي ظل التضخم الاقتصادي تأتي الوعود الرسمية لمسؤولين أتراك بانخفاض في الأسعار وتحسن الوضع الاقتصادي، إذ صرح محافظ البنك المركزي التركي، شهاب كافجي أوغلو، في 28 من نيسان الماضي، أن نسبة التضخم في تركيا ستتراجع اعتبارًا من أيار الحالي، وأن من المنتظر أن تنخفض إلى ما دون التوقعات نهاية العام الحالي.
وكان وزير الخزانة والمالية التركي، نور الدين نباتي، وعد بانخفاض التضخم اعتبارًا من كانون الأول المقبل، خلال كلمة له في برنامج الإفطار التقليدي لـ”جمعية الصناعيين ورجال الأعمال المستقلين”.
وبلغ عدد اللاجئين السوريين الموجودين في تركيا تحت “الحماية المؤقتة”، نحو ثلاثة ملايين و762 ألفًا، بحسب تصريحات وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في 5 من أيار الحالي، مشيرًا إلى عدم ازدياد عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا منذ عام 2017، رغم ولادة 700 ألف طفل.
–