دوريات ثلاثية “فاسدة” تتحكم بتوزيع البنزين “المدعوم” في حمص
عنب بلدي – حمص
على أوتوستراد حمص- حماة، بالقرب من تحويلة طرطوس، يصطف طابور طويل من السيارات والدراجات النارية بانتظار وصول صهريج مادة البنزين بسعر التكلفة إلى خزانات محطة الوقود.
تمتد السيارات على جانبي الطريق الزراعي الموازي للأوتوستراد لمسافة تتجاوز ستة كيلومترات، يجلس “أبو خالد” (53 عامًا) بصندوق مركبته نصف نقل (بيك أب) مع مجموعة من أصحاب السيارات، ينتظرون وصول صهريج البنزين.
قال “أبو خالد” لعنب بلدي، “أنتظر هنا منذ ثلاثة أيام، نتناوب على النوم في السيارة أنا وأولادي الثلاثة، لنتمكّن من تعبئة البنزين لحاجتنا للسيارة في عملنا بالمزرعة، من دون البنزين لا نستطيع العمل وبالتالي سينقطع مصدر دخلنا، البنزين بالسوق الحرة بسبعة آلاف (ليرة سورية)، وحاجتنا تصل إلى ثلاثة ليترات يوميًا”.
تصل دورية لـ”الأمن العسكري” لتفتح الطريق لدخول الصهريج الذي يصل برفقة دورية من الشرطة العسكرية وأخرى من الشرطة المدنية، ليبدأ تفريغ حمولته في خزان المحطة.
بدأت أزمة مادة البنزين منذ آذار الماضي في مناطق سيطرة النظام السوري، بعد أن مددت الحكومة مدة تسلّم رسالة البنزين “المدعوم” من سبعة إلى عشرة أيام، عن طريق رسائل “البطاقة الذكية” (تكامل)، ما جعل جميع أصحاب السيارات غير قادرين على الحصول على أكثر من 50 ليترًا من البنزين “المدعوم” من أصل 200 ليتر.
كان ذلك بسبب تأخير الطلب لكل محطة تابعة للشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية (سادكوب)، لمدة يومين أو ثلاثة، ما جعل أغلب أصحاب السيارات يرغبون بتعبئة البنزين “بسعر التكلفة” بـ2500 ليرة، بعد وصول سعر الليتر الواحد في السوق الحرة إلى سبعة آلاف ليرة.
ووصل سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية خلال الأسبوع الماضي إلى 3905 ليرات، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار الصرف والعملات الأجنبية.
شرطة مدنية وعسكرية ومخابرات لضبط الدور
ترافق كل صهريج متجه إلى محطات الوقود المخصصة لتعبئة البنزين بسعر التكلفة ثلاث دوريات، إحداها من الشرطة العسكرية والثانية من الشرطة المدينة و”الأمن العسكري”.
يقف أفراد عناصر الدوريات على مداخل ومخارج المحطة لتنظيم عملية التعبئة، وفق ما رصدته عنب بلدي، لمنع حصول المشاجرات بين أصحاب السيارات والدراجات النارية خلال وقوفهم ضمن الطابور.
ماجد (34 عامًا)، من سكان مدينة حي البياضة في حمص قال لعنب بلدي، على الرغم من وجود ثلاث دوريات للشرطة والأمن، فإن المشكلات لا تنتهي على طول الطابور، المنتظرون يقفون منذ يومين، “وفي بعض المرات يدخل رجال الشرطة في المشكلة بدلًا من حلها”.
وأضاف ماجد، الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، “في المرة الماضية قبل أشهر، لم أستطع تعبئة مخصصات من البنزين، بسبب نفاد الكمية عند وصول دوري إلى محطة البنزين بعد انتظار لمدة ثلاثة أيام”، ما دفعه لترك سيارته على باب المحطة حتى وصول الدفعة الثانية.
ولم تخصص محافظة حمص محطات لأصحاب السيارات المنتسبين للجيش أو الأمن أو القوات الرديفة كما حصل في الأزمات الماضية، وإنما تركتهم للوقوف على أبواب محطات الوقود مع الأشخاص المدنيين، وأرسلت دوريات الشرطة والأمن لمنعهم من إحداث أي مشكلات.
ويُخصص لكل سيارة 80 ليترًا من البنزين عبر “البطاقة الذكية”، 20 ليترًا كل أسبوع بسعر 2500 ليرة لليتر الواحد، فيما تشهد محطات توزيع البنزين بسعر التكلفة ازدحامًا شديدًا، لعدم ربط الكميات بنظام الرسائل كما البنزين “المدعوم”.
فساد عناصر الدوريات وعمال المحطة
رغم مهمة الدوريات الثلاث بضبط عملية توزيع البنزين، فإن عناصرها يقومون بدور أساسي في إثارة الفوضى عن طريق إدخال سيارات ودراجات نارية من الأبواب الخلفية للمحطة، مقابل كسب المال.
إسماعيل (44 عامًا)، وهو من سكان مدينة تلبيسة، قال لعنب بلدي إن “عناصر الدوريات هم من يثيرون الفوضى على باب المحطة، من خلال إدخالهم سيارات ودراجات نارية إلى المحطة من الأبواب الخلفية، مقابل حصولهم على ثلاثة آلاف ليرة مقابل دخول كل دراجة، وسبعة آلاف لكل سيارة”.
وأضاف إسماعيل، الذي تحفظت عنب بلدي على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن عددًا كبيرًا من الناس يدفعون هذه المبالغ مقابل دخولهم مباشرة إلى المحطة، لتجنب عناء الانتظار في طابور يمتد لأيام، ما يثير الفوضى و”التشبيح” في بعض المرات بين من يقفون على الطابور منذ ثلاثة أيام.
ويبيع أصحاب المحطات نصف الكمية بالنسبة للسيارات التي تدخل من الباب الخلفي، والنصف الآخر يُسجّل على أنه مباع، ما يقلل عدد السيارات المنتظرة على الطابور، فيما يأتي الكثيرون من مناطق الريف إلى محطات الوقود في المدينة بسبب فتح باب مخالفة الدور، مع ضعف الرقابة على المحطات.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :