إدلب – هدى الكليب
لم تستطع صباح الجرو (28 عامًا) أن تخفي استياءها من الحصول على راتب شهري قليل، قياسًا بما يحصل عليه الرجال في محل لبيع الألبسة الجاهزة بمدينة إدلب.
صباح قالت لعنب بلدي، إنها مضطرة للقبول بأي راتب، فلا بديل آخر، “إن تركت عملي ستأتي الكثيرات غيري ممن هن بحاجة لأي عمل في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهنها”.
تعمل صباح من أجل إعالة ثلاثة أطفال، ومساعدة زوجها العامل في مجال البناء، والذي نادرًا ما يجد عملًا، خصوصًا في فصل الشتاء، حين تتوقف معظم المشاريع عن العمل.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، لا تزال مشكلة عدم المساواة في الأجور بين الجنسين الثقافة السائدة في إدلب، إذ تحصل المرأة على أجر أقل من الرجل، سواء في المؤسسات أو الأعمال الحرة، لاعتبارات لا تتعلق بالكفاءة المهنية والجد والتفوق التي لا تقل فيها المرأة عن الرجل في المجالات ذاتها.
تعمل الأربعينية سعدة الدعدوش في الورشات الزراعية منذ نزوحها عن مدينتها كفرنبل بريف إدلب الجنوبي، واستقرارها في مخيمات “أطمة” الحدودية، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
وتتنوع الأعمال التي تمارسها بين جني المحاصيل، وتقليب التربة، وزراعة المواسم، وتنظيف المحاصيل من الأعشاب الضارة التي تنمو بينها.
تنطلق سعدة برفقة مجموعة من النساء والرجال في كل موسم منذ ساعات الصباح الأولى لتعود في المساء، مقابل أجرة مياومة تعادل 40 ليرة تركية، بينما يحصل الرجال العاملون معها على 60 ليرة تركية في اليوم الواحد.
النساء معيلات كالرجال
قالت سعدة إن موضوع الأجور القليلة بالنسبة للنساء ليس جديًدا فهو موجود سابقًا، ربما لاعتبار أن الرجل هو المسؤول الأول عن الأسرة ماديًا، وهو كفيل بحصوله على راتب وأجور أعلى.
إلا أن الواقع المعيشي الحالي، وضع العديد من النساء موضع المعيل أيضًا بعد غياب الزوج، إذ أصبحن بمعظمهن بحاجة إلى عمل وأجور مقبولة للإنفاق على أبنائهن وعائلتهن في ظل النزوح والفقر والغلاء.
وتجهد النساء في إدلب للحصول على عمل مهما كانت الظروف والأجور، فهن على استعداد للقبول بأي أجر يقدم لهن في ظل قلة فرص العمل، وهو ما يدفع أصحاب المحال والورشات والمؤسسات لتوظيف النساء لكفاءتهن وتفانيهن في العمل، مقابل أجور بسيطة لا يقبل بها الرجال، الذين عادة ما يفضّلون أن يكونوا عاطلين عن العمل على أن تقدّم لهم أجور قليلة لا تتناسب مع جهدهم وطول ساعات العمل.
الفجوة بين الجنسين تتسع
في عام 2019، كشف تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية أن تقليص الفجوة بين الجنسين في العمل لم يشهد أي تحسّن يُذكر منذ أكثر من 20 عامًا، لكن على الرغم من ذلك، أكّد التقرير أن الطريق واضح نحو إحراز تقدم ملموس يستدعي تحقيق قفزة نوعية وليس مجرد خطوات تدريجية مترددة.
وقالت مانويلا تومي، مديرة قسم ظروف العمل والمساواة في منظمة العمل الدولية، “نحن بحاجة لتحقيق قفزة نوعية نحو تحقيق المساواة بين الجنسين من أجل مستقبل عمل أفضل للجميع يحدد الخطوات المقبلة”.
وأكد التقرير حينها، أن متوسط الفجوة في الأجور بين الجنسين يبلغ 20% على الصعيد العالمي، موضحًا أن الأمهات يعانين من “عدم المساواة في أجرهن”، والذي يزداد في حياتهن العملية، بينما يحصل الآباء على علاوة في الأجر.