أسماء رشدي
قد يبدو ترتيب الطفل لغرفته أو حاجياته واجبًا روتينيًا يسهل على الأطفال القيام به، تمامًا كتنظيف أسنانهم. ولكن قبل أن تقوم بإزعاج طفلك حول قيامه بترتيب ما يجب عليه، اسأل نفسك بعض الأسئلة.
كيف يمكنني جعل طفلي يقوم بترتيب حاجياته؟ هل الهدف الطويل الأجل هو تعليم طفلي من خلال هذه العملية كيف يمكنه بناء ثقته بنفسه وبناء علاقة جيدة مع الطفل، أم مجرد الحصول على أغراض مرتبة في مكانها؟
فإذا كان الهدف هو مجرد ترتيب سرير الطفل بنفسه مثلًا، أو إرجاع حاجياته إلى مكانها بشكل مرتب وعلى أكمل وجه، قد يكون لك من الأفضل القيام بها بنفسك، أما إذا كان الهدف تعليمي، فإن الخطوة الأولى هي فهم مرحلة النمو لطفلك، من العمر الصغير وحتى بلوغ خمسة عشر عامًا.
ترتيب الطفل لأغراضه يمكن أن يكون فرصة لمساعدته لكي يتعلم أشياء مثل التفاوض والتواصل والتنظيم والتعود على العمل الروتنيي المطلوب لخدمة المجتمع ككل.
يؤكد خبراء التربية أن تعويد الطفل على ترتيب غرفته يبدأ منذ الصغر، فلا يصح أن تهمل الأم تعويد ابنها على ذلك الأمر، ثم تطالبه حين يكبر قليلًا أن يبدأ في تنفيذه .
إن الأطفال الصغار في العمر يحبون أن يكونوا جزءًا مساهمًا في أداء الأشياء، إلا أنهم عندما يشعرون بعدم قدرتهم على أداء الأشياء على أحسن وجه أو كما يجب أن تكون باحترافية عالية، فإنهم عندها قد يستسلمون.
على سبيل المثال، لو كان طفلك البالغ من العمر أربع سنوات، حاول أن يرتب سريره من خلال وضع الشراشف والبطانيات والوسادة الصغيرة فوق بعضها بأفضل ما لديه. المشكلة هي أننا كآباء حينما نأتي ونقوم بإعادة ترتيبها من جديد، فإننا بذلك نرسل للطفل بكل بساطة رسالة أن أفضل ما لديه ليس كافيًا. لا تتوقع من الطفل بأنه من أول مرة سوف يتعلم وترسخ بذهنه عملية الترتيب كما يجب بأحسن صورة.
ليس هناك مشكلة في البداية لو لم يتمكن الطفل من ترتيبه بأفضل طريقة، ولكن مع مرور الوقت فإنه سوف يتعلم ويتمكن من القيام به وبذلك فإن ذلك يساهم في بناء ثقته بنفسه. ولا ضرر من البدء في مساعدة الطفل في البداية عند تعليمه ترتيب سريره أو حاجياته.
علّم طفلك خطوات بسيطة تعينه على الاحتفاظ بغرفته مرتبة قدر الإمكان. علمه مثلًا أن يضع ملابسه المتسخة بسلة الغسيل، ويعلّق ملابس الخروج في الخزانة.
يستطيع الطفل أيضًا مشاركة الأهل في بعض الأمور البسيطة من سن الثالثة، مثل توضيب الأغراض غير القابلة للكسر، وضع الغسيل في السلة، وضع الوسادة على السرير، ترتيب ألعابه ووضعها في سلة الألعاب. وبذلك يكون الوالدان قد دربا الطفل منذ الصغر على التعاون والترتيب وتنمية بعض مهاراته من خلال بعض الأعمال.
أما بالنسبة للمراهقين، فهناك حاجة أكبر للنقاش معهم حول مسؤوليات كل شخص في الأسرة، وذلك من خلال الحوار والمحادثة. فعن عن طريق الحوار يمكن الوصول إلى حل يرضي الطرفين، وبذلك يساهم في بناء العلاقات داخل الأسرة بدلًا من هدمها، (إذا بلغت من العمر ما يمكنك من قيادة السيارة، فإنه أيضًا قد بلغت من العمر ما يكفي لكي تقوم بمسؤولياتك تجاه غرفتك، وسريرك، وإخراج القمامة).
وأخيرًا، فإن القدوة الحسنة في كل شيء قد تكون المحفّز الأول للطفل لتعلم سلوك ما، فليس منطقيًا أن يراك ابنك لا تهتم بتنظيم غرفتك، أو تهمل في نظافة المنزل، ثم تطالبه بأن يكون نظيفًا ومنظمًا.